على الرغم من مرور نحو 26عاما على رحيل القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد، فإنه لا يزال نجما ساطعا فى سماء التلاوة بين أقرانه من قراء القرآن فى العالم . لقد تميز – رحمه الله - بصوت ناعم قوى خاشع، كما أنه يعد صاحب مدرسة خاصة من مدارس التلاوة المصرية للقرآن الكريم التى ذاع صيتها شرقا وغربا، مما جعل كثيرا من دول العالم الإسلامى تؤسس مدرسة لتعليم أبنائها طريقة وأداء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد فى قراءة القرآن ترتيلا وتجويدا. والشيخ عبد الباسط عبد الصمد - رحمه الله – أول نقيب للقراء فى مصر، وهو من جيل العصر الذهبى للقراء، حيث ملأ طباق الأرض تلاوة للقرآن بمختلف القراءات، بصوت عذب خاشع، و تلا القرآن فى مكةالمكرمة, والمدينة المنورة، وسوريا، والإمارات، والمغرب، والهند، وباكستان، وفلسطين (حيث قرأ القرآن الكريم بالمسجد الأقصى و المسجد الإبراهيمى)، وفرنسا، وإنجلترا، والولايات المتحدةالأمريكية و دول أخرى فى كل بقاع العالم. من جنوب الصعيد، انطلق صوت الشيخ الراحل، حيث كان المولد والمنشأ فى أسرة كريمة، فى قرية المراعزة مركز أرمنت محافظة الأقصر، وذلك فى عام 1927 ميلادية، و قد كان والده الشيخ محمد عبد الصمد من كبار مرتلى القرآن الكريم فى قريته، حفظ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد - رحمه الله - القرآن فى كتاب بلدته على يد الشيخ الأمير - رحمه الله - و درس الروايات مع الشيخ محمد سليم، وقد أتم حفظ القرآن فى سن العاشرة. أصبح الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بعد ذلك من كبار المرتلين فى صعيد مصر، لكن الحدث الذى غير مجرى حياته تمثل فى زيارته مسجد السيدة زينب سنة 1950م، خلال الاحتفالات بميلاد السيدة الكريمة، حيث كان يشارك فى إحياء هذه الاحتفالات كبار القراء والمشايخ، وقد قرأ عبد الباسط عبد الصمد آيات من سورة الأحزاب خلال عشر دقائق، و كان ذلك كافيا لإثارة انتباه الجموع الغفيرة التى لم تكف عن الهتاف، إلى أن استوفى أكثر من ساعة و نصف الساعة من القراءة، والتحق الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بالإذاعة المصرية سنة 1951م، و قد كانت أول تلاوة له عبر أثير الإذاعة لسورة فاطر، تم تعيينه بعد ذلك قارئا لمسجد الإمام الشافعى ثم بعده لمسجد الإمام الحسين بمدينة القاهرة سنة 1985م حيث كان خلفا للشيخ محمود على البنا. كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد - رحمه الله - متواضعا فى القول والفعل، كريما، بشوش الوجه والملاقاة لجميع الناس، وكان عف اللسان، قليل الكلام، لذا تم تكريمه و تتويجه بعدة أوسمة منها وسام الاستحقاق من سوريا، ووسام الأرز من لبنان، والوسام الذهبى من ماليزيا و غيرها من الجوائز القيمة من المغرب والسنغال، كما تم تكريمه و تخليد ذكراه حتى بعد مماته فى مصر بمناسبة الاحتفال بليلة القدر عام 1990ميلادية. توفى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد فى 30 نوفمبر 1988ميلادية، ويعد أكبر تكريم للشيخ الراحل هو أنك تجد محبيه ومستمعيه فى زيادة على مستوى جميع الأجيال، خاصة فى الذين لم يعاصروه أو يروه، ولكن عرفوه بصوته وتلاوته المميزة، وقد قلده كثير من القراء فى مصر وخارجها، ليس فى التلاوة فقط ولكن أيضا فى طريقة حركاته وسكناته فى أثناء التلاوة، مما يؤكد حبهم واعتزازهم به، رحم الله الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمة واسعة.