فضيلة الشيخ "محمود عاشور" أحد علماء الأزهر الشريف ووكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الاستشارى الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية بالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو). وفى حواره ل"الأهرام "وعن رأيه فى الإخوان والجماعات المتطرفة أدان بشدة أفعال "داعش" من قتل وتقطيع رءوس البشر وطرد المسيحيين, فهم يدعون الإسلام وهو منهم براء, وطالب العالم الإسلامي كله بل العالم الإنساني التصدى لهم وأن يقف لهم بالمرصاد حتى لا يستفحل شرهم ويعظم خطرهم وحتى نخلص العالم من شرورهم وأذاهم. ترى فضيلتكم ما السبب وراء ظهور "داعش"؟ قبل داعش كان هناك تنظيم القاعدة, والإخوان, والجهاد, والتكفير والهجرة, والجماعة الإسلامية، لكن كل هذه التنظيمات نبتت وخرجت من رحم الإخوان المسلمين. أما داعش فهؤلاء مجموعة من الناس تمولها وتنفق عليها أمريكا، وهى تدعى كذبا ارتباط العالم العربى والإسلامى بها، والهدف من وراء ذلك هو تفتيت الدول العربية والإسلامية حتى يضمنوا الاستقرار لإسرائيل، فداعش شوهت صورة الإسلام وأعطت الغرب صورة يستغلها ضد الإسلام والمسلمين، فليس فى الإسلام تقتيل لأى أحد أيا كانت ديانته، والمولى عز وجل يقول (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) والنفس هنا تشمل كل نفس بشرية، فهؤلاء الذين يذبحون الناس ويقتلونهم ويطردون المسيحيين من ديارهم، ليسوا بمسلمين ولم يقرأوا عن الإسلام ولم يعرفوا شيئاً عنه، إنما هم يدعون الإسلام والإسلام منهم براء, وعلى العالم الإسلامى كله بل العالم الإنسانى التصدى لهم, وأن يقف لهم بالمرصاد حتى لا يستفحل شرهم ويعظم خطرهم وحتى نخلص العالم من شرورهم. بماذا تفسر مبايعة أنصار بيت المقدس لجماعة "داعش"؟ هناك تعبير يقول " الكفر كله ملة واحدة " و "الطيور على أشكالها تقع" ، فليس بمستغرب أن يجتمع هؤلاء مع أولئك، فكل منهم أشرار، كل منهم يدعى الإسلام وهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وعما جاء به؛ لأن الإسلام لا يقر تخريباً ولا تدميراً ولا قتلاً ولا تفزيعاً للمدنيين الآمنين. وكل هذا مما يجرمه الإسلام ويحرمه، وهؤلاء مفسدون فى الأرض و يجب أن يطبق عليهم حد الحرابة الذى قال فيه ربنا سبحانه وتعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33، لذا نحذر الدنيا كلها من شرور هؤلاء؛ لأن هؤلاء هم خوارج العصر الذين خرجوا على دين الله وعلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينبغى أن يقف العالم كله والإنسانية كلها وقفة تخلص الناس من شرور هذه الفصائل. هل تتوقع ظهور "داعش" فى مصر بعد هذه المبايعة؟ داعش وغيرها من الفصائل لا حياة له فى مصر، لأن مصر هى الدين المعتدل وهى الدين الوسط وبها مؤسسة الأزهر الشريف عمرها أكثر من ألف عام وهى المرجعية الدينية للعالم الإسلامى كله، وأى أحد يخرج على دين الله تكون نهايته فى مصر محتومة, ولن يكون لهم وجود فى مصر وسيقضى عليهم قضاء مبرماً. وكيف نتفادى ظهور "داعش" فى مصر؟ أكد الشيخ عاشور أن الأزهر يعرف الناس بالدين الصحيح, وكل ما يأتى بفكر خارج عن الدين الإسلامي لن يقبل فى مصر، لأن الشعب المصرى بكل طوائفه يعرف دين الله الحق ويعرف الصواب من الخطأ، وسيلفظ وينبذ كل فكر خارج. ما رأي الدين فى من يخون الوطن ويقتل النفس؟ هؤلاء خونة والخونة فى الإسلام لهم عقاب شديد؛ لأن هؤلاء يفسدون فى الأرض ويحاربون الله ورسوله، وبالتالى علينا أن نستأصل شأفتهم حتى نخلص الوطن من شرورهم. ما دور الأزهر ورجال الدين فى محاربة الأفكار المتطرفة والغريبة علينا؟ الأزهر الشريف يقوم بدور عظيم كالقوافل الدينية المنتشرة فى كل أنحاء جمهورية مصر العربية ليبينوا للناس الدين الحق وآخر القوافل التى ذهبت إلى سيناء تجوبها طولاً وعرضاً حتى تقضى على الأفكار الغريبة والمتطرفة وحتى نطهر أرض مصر الكنانة من هذا الوباء وهذا الشر، وأعتقد أننا ينبغى أن نستخدم كل وسائل الإعلام لنشر الدين الصحيح المعتدل وتوضيح حقائق الإسلام، والرد على مهاترات هذه الفصائل الخارجة حتى نضمن سلامة العقيدة وحتى يظل الناس دائماً يتمسكون بالدين الحق الذى لا عوج فيه ولا أمت. كيف يحتوى رجال الدين الجماعات المتطرفة؟ مسئولية علماء الدين ليست احتواء الجماعات المتطرفة وإنما شرح الدين الحق للناس، وتوضيح الحقائق الدينية الصحيحة بعيداً عن زيف المزيفين وخداع المخادعين حتى يفرز الناس الصحيح من الفاسد والغث من السمين فيسير الناس فى الطريق الصحيح وعلى الصراط المستقيم ، وحين ذاك يتصدى الناس للأفكار الخارجة والبعيدة عن دين الله حين يعرفون الدين الحق فيحفظون ما نزل من عند الله. ما سبب تزايد نسبة الإلحاد بين الشباب، وكيف نعالجها؟ ظهور كثير من الفصائل الدينية التى تدعى كلها أنها الحافظة لدين الله وأنه ليس غيرها الذى يعرف الدين مع اختلاف توجهاتهم جعل الشباب فى حيرة الى أى فصيل ينتمون فالكل يدعى أنه على الحق والكل يسفه غيره فترك الشباب لهم الساحة التى يتبارون فيها وانتقلوا لموقع آخر. وهؤلاء الشباب الملحدون يحتاجون إلى وقفات من العلماء ولقاءات متكررة حتى يعودوا لصوابهم حتى يعرفوا أن دين الله ليس ملكاً لفصيل ولا لجماعة وليس هناك أوصياء على الدين، وإنما هناك ثوابت للدين الإسلامى، هى القرآن والسنة فما جاء فيهما فهو دين وما كان من غيرهما فليس بدين. هل يستطيع الجيش المصرى القضاء على هؤلاء المتطرفين خاصة أنهم يخططون لإنهاكه؟ الجيش المصرى أقوى جيش فى المنطقة, وقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفخر والإعزاز وقال فى حديث صحيح "إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند "خير أجناد الأرض" فخير أجناد الأرض لا يهزمون من داعش أو غيرها، وإنما هم دائماً منتصرون فهم حاربوا المغول والتتار والصليبيين، كما حاربوا وانتصروا فى حرب 1973، فهم يستعينون بالله مع أخذ كل الاستعدادات ومن استعان بالله أعانه. كيف ترى مستقبل مصر فى ظل التوتر الذى نعيشه الآن؟ الله ذكر فى القرآن الكريم (ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) وهذا لآخر الزمان ونهاية الدنيا وليس مرتبطاً بزمن أو وقت وإنما هو لمدى الحياة. ماذا تقول للسيسى الذى تولى البلاد فى ظروف شديدة الصعوبة؟ أقول للرئيس المشير عبد الفتاح السيسى أعانك الله على ما وكل اليه ومنحه بطانة صالحة تساعده على الخير وتبعد عنه الأذى والشر.