قبل تصويت النواب الفرنسيين مساء أمس على مشروع قرار ينص على الاعتراف بدولة فلسطين، فى خطوة غير ملزمة، لكنها تنطوى على بعد رمزى قوي، أكد لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسى أن باريس ستعترف بدولة فلسطين دون الالتزام بمهلة من أجل ذلك. وكان معسكر الحزب الحاكم الاشتراكى وجبهة اليسار، الممثلان لكتلة الأغلبية بالجمعية الوطنية بفرنسا (البرلمان)، قد تقدما بمذكرة غير ملزمة سياسيا للاعتراف بدولة فلسطين. وتطرح المذكرة فى 11 ديسمبر الحالى على نواب «الشيوخ» بهدف إقرارها، ليكون البرلمان الفرنسى ثالث برلمان أوروبى يعترف بفلسطين على مدى الأشهر القليلة الماضية. وبعد نظرائهم البريطانيين والإسبان، سيدعو النواب الفرنسيون حكومتهم إلى «الاعتراف بدولة فلسطين بهدف التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع». و يتوقع أن يتم إقرار مشروع القرار الفرنسى بغالبية واسعة رغم معارضة اليمين . وترى إسرائيل أن الاعتراف بدولة فلسطين قبل تسوية النزاع سيكون «خطأ فادحا»، و»قرارا أحاديا»، لا يمكن سوى أن يدفع الوضع إلى التفاقم. وإن كانت مبادرة النواب الفرنسيين لا تلزم الحكومة فى أى من الأحوال إلا أنها تندرج فى سياق توجه أشمل فى أوروبا يعتبر الاعتراف وسيلة ضغط من أجل تحريك عملية السلام المتعثرة، وإنقاذ الحل القائم على دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب. وكان لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسى قد أكد، فى تصريحات الليلة قبل الماضية، أن باريس ستعترف بدولة فلسطين دون الالتزام بمهلة من أجل ذلك. وقال «إذا فشلت جهود (التفاوض) عندها يتوجب على فرنسا أن تتحمل مسئولياتها عبر الاعتراف دون إبطاء بدولة فلسطين». ومن المرجح أن يصطدم هذا المشروع المدعوم من الجامعة العربية ب «فيتو» أمريكي، فيماحذرت السلطة الفلسطينية من أنه فى حال الفشل فسوف تلجأ إلى أخر حل دبلوماسى لديها، وهو طلب الانضمام إلى المنظمات الدولية ومن بينها محكمة الجنايات الدولية، مما سيسمح لها بطلب مباشرة ملاحقات بحق المسئولين الإسرائيليين بعد ثلاث حروب دامية شنتها إسرائيل على قطاع غزة خلال السنوات الست الأخيرة. وكشف فابيوس عن أن باريس تعمل مع شركائها الأوروبيين على مشروع بديل يطالب باستئناف عملية السلام، غير أنه يعمل على تفادى الوقوع فى «فخ مفاوضات لا نهاية لها». وأعلن للمرة الأولى أن فرنسا تؤيد جدولا زمنيا مدته سنتان طبقا لما تنص عليه المبادرة الفلسطينية، وقال «يتعين تحديد جدول زمني، لأنه بغياب جدول زمني، لن يكون بالإمكان إقناع أحد بأن الأمر ليس مجرد عملية جديدة كسواها دون فرص حقيقية للنجاح».ويذكر أن القضية الفلسطينية كانت مطروحة فيما يخص سياسة فرنسا الخارجية على البرنامج الانتخابى للرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند -منذ 2012- وهو لايخفى رغبته بأن يكون هذا الاعتراف من قبل الاشتراكيين وتحت رئاسته ليسجل التاريخ أن أهم قضية لإحلال السلام فى الشرق الأوسط قد أُنجزت فى عهده،ولو ترجمنا تصريحاته الأخيرة للمحنا ذلك والقول له..هناك مبادرة دبلوماسية يجب أن تقودها فرنسا دون أن يكشف أى تفاصيل إضافية.خاصة أن فرنسا تسعى لتفادى فيتو أمريكى من خلال التواصل مع شركائها الأوروبيين لطرح نص بديل لايتضمن جدولا زمنيا. وفى السياق نفسه، يمثل نواب اليسار ضغطا برلمانيا باعتبارهم يمثلون الغالبية البرلمانية باستثناء اعتراض بعض المؤيدين لإسرائيل-وهم من المنتمين لليهودية- مبررين رفضهم بأنه قرار لا يجدي، أما المعارضة اليمينية، فالأغلبية منهم يضعون العصا فى عجلة المساعى وموقفهم ضد الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرين أن هذا الشأن يخص سياسة الدولة التنفيذية، وليس من اختصاصات النواب. وعن فحوى القرار الذى طرحته الأغلبية اليسارية للنقاش بالجمعية الوطنية فهو يشير إلى فشل محاولات تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 1991،وينتقد مواصلة الاستيطان بطريقة غير مشروعة فى الأراضى الفلسطينية، ويؤكد الضرورة الملحة للتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع من أجل إقامة دولة فلسطينية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل على أساس حدود 1967،وتكون القدس عاصمة للدولتين. وعلى الصعيد نفسه، سيكون قرار الاعتراف بالجمعية الوطنية الثانى لهيئة شرعية كبرى بباريس بعد منظمة اليونسكو. وقد بدأ فتح جلسات النقاش بالجمعية الوطنية الجمعة الماضية، من خلال 70 نائبا فرنسيا، وطرح الموضوع أثرها لاقتراع أمس الحاسم.