بعد صلاة فجر يوم 31 يناير 2011 صعدت منبر المسجد، ونصحت المصلين بعدم المشاركة فى الأحداث، قلت لهم إنها مؤامرة على مصر تم التخطيط لها بواسطة أعدائنا.. مؤامرة من شأنها أن تُفقد البلاد أمنها واستقرارها لعدة سنوات بل ربما لعقود قادمة.. مؤامرة أعلن عنها الأعداء بدءاً من اليهود فى الأصحاح التاسع عشر من سفر إشعياء فى العهد القديم تحت عنوان "وأُهيج مصريين على مصريين"، مروراً بمخطط برنارد لويس لتخريب الدول العربية، وصولاً لمخطط الأمريكية كوندوليزا رايس المسمى بالفوضى الخلاقة، ومنفذوها بالداخل هم الإخوان وأفراد الحركات المختلفة ممن تلقوا التدريب الخارجى على كيفية تخريب البلاد، وأيضاً من جاءوا من هجرتهم بالخارج بهدف تخريب مصر، كل هؤلاء خدعوا البسطاء الذين خرجوا بدعوى تخليص البلاد من الظلم والفساد وهم لا يدرون أنهم وقعوا فريسة لمن أرادوا كل شئ إلا خير مصر. كانت الوجوه شاحبة والعيون زائغة والنفوس مكدودة، وكنت أتحدث رغم تأكدى من ظلم وفساد النظام الذى ذقتُ بعضاً من مرارته، لكنى دائما أستحضر قول الإمام أحمد عندما همَّ قومه بالخروج على حاكمهم، ورغم أن هذا الحاكم كان جهمياً يقول بخلق القرآن، ورغم أن الإمام عانى منه السجن والتعذيب، لكنه قال لهم: "اصبروا حتى يستريح برٌ أو يُستراح من فاجر.. سبحان الله الدماء الدماء.. لا أرى ذلك ولا آمر به.. الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يُسفك فيها الدماء.. ويُستباح فيها الأموال.. ويُنتهك فيها المحارم"... وللأسف فقد وقع فى مصر ما حذر الإمام قومَه منه. واستجاب لى كل من بالمسجد، وظل من يشارك فى الأحداث من أبناء الحى منبوذاً بيننا، حتى حدث ما قلب الأمور رأساً على عقب وأكمل أركان المؤامرة. كانت الطامة الكبرى يوم تم إقحام الدين فى الأمر وحوَّل ما يسمى بالإسلام السياسى الثورات إلى دين وجهاد، ونسى شيوخ الفضائيات ما علَّموه للناس وكرروه مراراً وتكراراً -ويمتلئ موقع "يوتيوب" بتناقضاتهم قبل وبعد أحداث يناير- وهؤلاء أكملوا أركان المؤامرة –بعمد أو بغير عمد- بأن وفروا لها الغطاء الدينى الذى كانت تفتقده، فأصبحت المظاهرات والاعتصامات والإضرابات "التى كانت من قبل تخريب وفوضى"، أصبحت الآن ضرباً من الجهاد فى سبيل الله، وأصبح نشر الفوضى فى ربوع البلاد طريقاً مزعوماً لنيل الشهادة وسبيلاً زائفاً لتحكيم الشريعة.. أقول هذا وبلادنا اليوم تواجه موجة جديدة من نفس المؤامرة، مؤامرة التخريب باسم الدين، ونشر الفوضى بدعوى تحكيم الشريعة الإسلامية، وأقول لهؤلاء، إن الشريعة الإسلامية لن تُنشر إلا بتصحيح المعتقد أولاً، وبالتصفية والتربية على منهاج النبوة وبهدى النبى صلى الله عليه وسلم، ومنهجكم هذا لم يكن أبداً منهجاً نبوياً، بل هو منهج سيد قطب وبن لادن وغيرهما من رؤوس التكفير.. بل هو بالأحرى منهج اليهودى بن سبأ وأتباعه ممن خرجوا على عثمان وعلىّ رضى الله عنهما. ويجب أن يُدرك المدبرون للمؤامرة أن هناك فارقاً كبيراً بين أمس واليوم، فقد أدرك الشعب المصرى أبعاد المؤامرة، ولفظ رؤوسها جميعاً إلى غير رجعة إن شاء الله تعالي.. وما حدث يوم جمعة 28 يناير من إسقاط مفاصل ومؤسسات الدولة سيحمى الله مصر منه يوم 28 نوفمبر بحوله وقوته إن شاء رب العالمين.. يا هؤلاء.. اتقوا الله فى دينكم، واتقوا الله فى بلادكم.. وأدعو الله أن ينصر مصر ويحفظها من كيد الكائدين وحقد الحاقدين.. إنه نِعم المولى ونِعم النصير.