تواصلت أمس لليوم الثانى على التوالى المظاهرات الغاضبة والاضطرابات فى العديد من المدن الأمريكية إثر رفض هيئة محلفين أمريكية توجيه اتهام لضابط شرطة أبيض قتل شابا أسود أعزل بالرصاص فى 9 أغسطس الماضي. ففى مدينة فيرجسون بولاية ميزورى التى شهدت الحادثة، تصدت قوات مكافحة الشغب بمساعدة عناصر من الحرس الوطنى لحشد من 100 شخص أمام نقطة للشرطة يحملون لافتات كتب عليها «لن يسكتونا». وتراجع الحشد نحو مقر البلدية حيث تم إحراق سيارة دورية وأطلق عناصر الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وبذلت السلطات كل ما بوسعها لمنع أعمال السلب والنهب فى فيرجسون، كما حدث أمس الأول، حيث تمت مضاعفة عدد العسكريين التابعين للحرس الوطنى فى المدينة ثلاث مرات لينتشر 2200 من قوات الحرس فى المنطقة لحماية الأرواح والممتلكات. وذكرت شرطة مقاطعة سانت لويس أن اثنين من ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف.بي.أي» أصيبا بأعيرة نارية خلال اشتباك مع شخص داخل منزله فى المقاطعة وليس معروفا حتى الآن ما إذا كان ذلك الحادث له علاقة باحتجاجات فيرجسون.
وفى كليفلاند بولاية أوهايو، تظاهر عدة مئات احتجاجا على مقتل فتى أسود -12 عاما- منذ بضعة أيام على يد شرطى أبيض لحمل الفتى مسدس «لعبة». وقام المتظاهرون بقطع أحد الطرق السريعة لمدة ساعة قبل أن يتوجهوا إلى وسط المدينة.
وفى نيويورك، اعتقلت الشرطة عددا من المتظاهرين بعد اعتقال شخصين مساء الإثنين. وحمل المحتجون فى مختلف شوارع نيويورك لافتات كتب عليها «السجن للشرطيين القتلة» و»حياة السود مهمة» و»ليتوقف عنف الشرطة». كذلك نزل مئات المحتجين إلى شوارع بوسطن وفيلادلفيا وناشفيل. وأحصت شبكة «سى إن إن»الإخبارية الأمريكية تجمعات فى 170 مدينة أمريكية.
ومعظم هذه التجمعات سلمية لكن تخلل بعضها قطع طرق سريعة مثلما حصل فى لوس أنجيلوس وأوكلاند على الساحل الغربي. واستخدمت الشرطة فى بعض الأحيان الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين مثلما حدث فى دنفر وبورتلاند.
ومن جانبه، ندد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشدة بأعمال العنف التى وقعت فى فيرجسون بعد قرار هيئة المحلفين بعدم توجيه الاتهام لضابط الشرطة الأبيض الذى قتل الشاب الأسود مايكل برواون 18 عاما. وقال أوباما، فى خطاب ألقاه فى شيكاجو، إن «حرق المبانى وإضرام النار فى السيارات وتدمير الممتلكات وتعريض الناس للخطر.. لا يوجد أى مبرر لذلك إنها أعمال إجرامية، ويجب أن يقدم الأشخاص للمحاكمة إذا تورطوا فى أعمال جنائية».وأضاف»لا أتعاطف أبدا مع الذين يدمرون مناطقهم».
وحث أوباما الأمريكيين الذين أغضبهم قرار المحكمة على العمل معا لتحسين العلاقات بين الطوائف العرقية، وقال «الإحباطات التى شاهدناها لا تتعلق فقط بحادث بعينه، إنها لها جذور عميقة فى مجتمعات كثيرة من الملونين الذين لديهم إحساس بأن قوانيننا لا يجرى دائما إنفاذها بطريقة موحدة أو منصفة.»وأعلن الرئيس الأمريكى أنه أصدر تعليمات إلى وزير العدل إريك هولدر لعقد اجتماعات إقليمية بين زعماء المجتمعات وسلطات إنفاذ القانون فى أرجاء الولاياتالمتحدة لدراسة سبل لبناء الثقة. وذكر هولدر أن ثمة تحقيقين جاريين ووعد بنتائج سريعة من أجل إعادة الثقة بين الشرطة والمواطنين السود.
وفى سياق متصل، قال الأمير زيد رعد الحسين مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إنه يتعين على السلطات الأمريكية معالجة انعدام ثقة «عميق وملتهب» ينتشر بين بعض قطاعات الأمريكيين فى نزاهة أجهزة العدالة وإنفاذ القانون، مطالبا بدراسة مدى تأثير العلاقات بين الأعراق على تنفيذ القانون.وقال الأمير زيد فى الأممالمتحدة إنه يشعر «بقلق بالغ من العدد غير المنطقى من الشبان الأمريكيين من أصل أفريقى الذين يقتلون فى مصادمات مع ضباط الشرطة فضلا عن العدد غير المنطقى من الأمريكيين من أصل أفريقى المودعين بالسجون الأمريكية وأعداد الأفارقة المدرجين على قوائم الإعدام».
وفى أول تصريح إعلامى له منذ حدوث المأساة، قال دارين ويلسون الشرطى الأمريكى الأبيض الذى قتل مايكل براون إن «ضميره مرتاح» وإنه كان ليتصرف بنفس الطريقة مع شاب أبيض.
وقال ويلسون، لمحطة «إى .بى .سي» الإخبارية الأمريكية، إن»السبب فى أن ضميرى مرتاح هو أننى قمت بعملى بشكل جيد».وأضاف«لا أعتقد أن هذا الأمر سيقلقني، فسيبقى شيئا حدث فى حياتي» وتابع الشرطى أن القتيل براون كان «رجلا قويا» يشبه المصارع هولك هوجن.وقال أيضا «هجم على وكان يريد أن يقتلني».
وفى غضون ذلك، قال جيمس نولز رئيس بلدية فيرجسون إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن مستقبل ويلسون، موضحا أن الضابط فى إجازة إدارية مدفوعة الأجر منذ 9 أغسطس الذى وقع فيه الحادث، وسيبقى فى إجازة لحين الانتهاء من تحقيق داخلي.
وفى المقابل، قال بنيامين كرامب محامى أسرة الشاب الأسود مايكل براون إن عدم توجيه اتهام لضابط الشرطة الأبيض هو أمر «غير عادل بالمرة»، مضيفا أن نظام العدالة الجنائية فى الولاياتالمتحدة «تصدع». وندد كرامب بصلة تقارب بين المدعى الذى قتل والده الشرطى على يد أسود وشرطة سانت لويس.