حينما يتم النظر إلى العلاقة بين المواطن والحكومة بشكل برجماتى، يتبين أنها قائمة على تبادل المنافع، فعلى المواطن دور يقوم به ويؤديه فى إطار الحفاظ على النظام العام والالتزام بالقانون ، وعلى الحكومة فى المقابل أن تؤدى دورها الكامل فى خدمة المواطن والحفاظ على أمنه وسلامته الصحية والاجتماعية، طالما التزم الطرفان، فإن العلاقة تكون إيجابية، وإذا أخل المواطن بدوره كان عليها توجيهه وتقويمه. أما إذا أخلت الحكومة بدورها يبدأ الناس الشعور بالضيق، وبشكل أوضح يبذل المهندس إبراهيم محلب جهوداً جبارة للتخفيف على المواطن، ولمتابعة آداء وزرائه، وأذكر هنا بكلمة قالها الرئيس إن من لا يستطيع القيام بمهامه على أكمل وجه فعليه أن يتنحي، وهذه الجملة كان مقصودا بها الجميع «وزير، محافظ، رئيس حي..»، وبالتأكيد نحسن الظن بأن رئيس الوزراء يعلم كل كبيرة وصغيرة داخل حكومته، وليس مطالباً بتأكيد ذلك، ولكن يظن البعض أنه لا يعلم ببعض المشكلات، لأن الحلول لم تنهها حتى الآن، فعلى سبيل المثال، حينما يعانى أبناء قرية كمشوش بمحافظة المنوفية التى يصل عدد نسماتها لأكثر من 40 ألف مصرى من رداءة مياه الشرب حتى الآن رغم أن صوتهم قد «بح» من كثرة الشكوى للمحافظ وللوزراء منذ سنوات عديدة، ومازالوا يرسلون الشكاوى يوميا إلى كل كبير وصغير، حتى أصيب منهم الكثيرون بالفشل الكلوى والتليف الكبدي,, إلخ لأنهم لا يستطيعون شراء مياه نظيفة! ثم نبدأ فى البحث عن علاجات لتلك الأمراض، ومعظمهم قليلو الحيلة، فيطرقون أبواب الدولة من أجل العلاج، وإذا تم علاج أحدهم، يتعثر علاج عشرة فى المقابل، المثير للدهشة أن تكلفة بناء محطة مياه صالحة للشرب تتكلف فى حدود 40 مليون جنيه! يمكن أن تنقذ حياة هؤلاء الأربعين ألفا وأضعافهم، أى أن المواطن يكلف الدولة فى حدود الألف جنيه، فأيهم أقل كلفة: بناء محطة المياه، أم علاج المريض؟ بشكل برجماتى، إنشاء محطة المياه، أما بشكل إنسانى أتوجه بسؤال إلى السيد المسئول، ما هو شعورك وأنت مضطر إلى شرب نفس المياه؟! من الطبيعى أن ينتظر المواطن من حكومته أن تقوم بخدمته بطريقة إيجابية ، ولكن العكس هو غير الطبيعي، إن قصة قرية كمشيش هى مثال صارخ للامبالاة وغض الطرف، وهناك قرى أخرى كثيرة فى محافظات عديدة، وأنقل للسيد رئيس الوزراء سؤالا حملنى إياه أحد سكان القرية: هل تعلم سيادتك بتلك المشكلة؟ أما ما يزيد الأمردهشة أننا كل عام نضرب أخماسا فى أسداس من أجل تقليل العجز فى ميزان المدفوعات لزيادة الموازنة السنوية لوزارة الصحة التى تعانى خللا شديداً فى منظومة العلاج، والمستشفيات الحكومية خير برهان، وإلى متى تتركهم الحكومة يواجهون المرض يوما بعد يوم، لاسيما أنهم ملتزمون و لم يخرجوا عن النص، وجل ما فعلوه هوالشكوى للسادة المسئولين. بعد عدة أشهرسينتخب الشعب برلمانا، وبدوره طبقا لدستور 2014 سيعين الحكومة ويحاسبها ويقيلها لو لزم الأمر، فهل لابد من أن ينتظر الناس شهوراً أخرى حتى يتحقق مرادهم، أم تتحرك الحكومة لإنقاذهم؟ أمر آخر ولكنه فى إطار مغاير، منذ بضعة أيام عاود التيار الكهربائى انقطاعه لمدة ساعة تقريبا وليومين متتاليين فى بعض المناطق بشكل مفاجئ، وتبين أن السبب خلاف بين البترول والكهرباء على نوع وقود محطاتها، حيث طالبت الأخيرة بكميات من الغاز بعد أن حصلت مسبقا على كميات كبيرة من المازوت وفقا للتسريبات التى نشرت بشأن تلك الأزمة.. السؤال، نحن الآن فى أقل فصول السنة استهلاكاً للكهرباء، وعلى بداية الصيف القادم سيكون هناك حكومة جديدة فمن نحاسب إذا ظلت أزمة الكهرباء كما هى بلا حل؟ خاصة أن أسعار الكهرباء قد ارتفعت والمواطن ملتزم بدفع فاتورته، فمتى تلتزم الحكومة هى أيضا نحوه؟ مجرد سؤال. أما الأمر الأخير الذى يتلامس مع النقطة السابقة، هو أزمة القمامة المستعصية على الحل، فالدولة قررت سابقا تحصيل قيمة جمع القمامة، بإضافتها على فاتورة الكهرباء، وأصبح كل من يملك عداداً للكهرباء حتى لو كان مسافراً للخارج يدفع قيمة تجميع القمامة مقدماً، ورغم ذلك تعانى المحليات فشلاً ذريعاً فى جمعها، وتراها مكدسة فى بعض الأماكن بشكل مقزز مسببة الأمراض دون أن نعرف السبب، وكأن تلك الأزمة باتت قدرا لنا، لا مناص منه، رغم تعاقب الحكومات والمحافظين، ورغم أن العرف قد جرى على دفع مقابل الخدمة بعد آدائها، إلا أن الحكومة خالفت العرف وحصلت قيمة الخدمة مقدماً ضماناً لحقها ولم تلتزم بأداء الخدمة! لمزيد من مقالات عماد رحيم