ارتفاع جديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالبورصة والأسواق    موازنة النواب: تخصيص اعتمادات لتعيين 80 ألف معلم و30 ألفا بالقطاع الطبي    قوات الاحتلال تقتحم الخليل وحلحول (فيديو)    البنتاجون: هجومان استهدفا القوات الأمريكية في سوريا والعراق    مفاجأة صادمة.. تفاصيل العرض النهائي من الأهلي لتجديد عقد علي معلول    سيناريو هوليودي، سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح على منزل بشمال العراق    اليوم، فتح متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    قناة «CBC» تطلق برنامج «سيرة ومسيرة» الخميس المقبل    مصرع شخصين .. تحطم طائرة شحن نادرة النوع في أمريكا    التموين: تراجع سعر طن الأرز 20% وطن الدقيق 6 آلاف جنيه (فيديو)    مدافع الزمالك السابق: الأهلي قادر على حسم لقاء مازيمبي من الشوط الأول    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    نتائج مباريات ربع نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    أيمن يونس: «زيزو» هو الزمالك.. وأنا من أقنعت شيكابالا بالتجديد    موعد مباراة ليفربول وإيفرتون في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    جهاز دمياط الجديدة يشُن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    مصطفى الفقي: الصراع العربي الإسرائيلي استهلك العسكرية والدبلوماسية المصرية    خطر تحت أقدامنا    مصطفى الفقي: كثيرون ظلموا جمال عبد الناصر في معالجة القضية الفلسطينية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    بعد 3 أيام من المقاطعة.. مفاجأة بشأن أسعار السمك في بورسعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    الدوري الإنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    مسئول أمريكي: خطر المجاعة «شديد جدًا» في غزة خصوصًا بشمال القطاع    3 أشهر .. غلق طريق المحاجر لتنفيذ محور طلعت حرب بالقاهرة الجديدة    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    مصرع سائق سقط أسفل عجلات قطار على محطة فرشوط بقنا    مصرع شاب غرقًا أثناء محاولته السباحة في أسوان    العثور على جثة شاب طافية على سطح نهر النيل في قنا    إعلام عبري: مخاوف من إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لمسؤولين بينهم نتنياهو    إعلان مهم من أمريكا بشأن إعادة تمويل الأونروا    لازاريني: 160 مقار ل "الأونروا" بقطاع غزة دُمرت بشكل كامل    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    فريد زهران: الثقافة تحتاج إلى أجواء منفتحة وتتعدد فيها الأفكار والرؤى    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    حكم تنويع طبقة الصوت والترنيم في قراءة القرآن.. دار الإفتاء ترد    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    عصام زكريا: الصوت الفلسطيني حاضر في المهرجانات المصرية    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 (آخر تحديث)    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    تراجع جديد لأسعار الذهب العالمي    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريمة.. وعاداتها القديمة!

نحن نقع فى خطأ مدمر حين نخلط بين العلم والدين، فنبتعد عن الدين بقدر ما نبتعد عن العلم.
نبتعد عن العلم لأن العلم مناهج عقلية وحقائق موضوعية وقوانين نصل إليها بالبحث والكشف والتحليل والتعليل والتجارب التى نزيد بها ما نعرفه ونصحح ما نقع فيه من أخطاء.
أما الدين فاعتقاد بالقلب وإيمان بالغيب وقيم أخلاقية نرعاها ونعمل بها. والذين يظنون أنهم سيفهمون نشأة الحياة من سفر التكوين أو سيحيطون بعلم الفلك من حديث القرآن عن الشمس والقمر يقعون فى خطأ فادح ويبتعدون عن العلم كما يبتعدون عن الدين.
وأنا أبدأ حديث اليوم بهذه المقدمة لأعود إلى حديث الأربعاء الماضى الذى أدرته حول مشكلة نعانيها ونتجنب الحديث فيها، وهى المشكلة المتمثلة فى الموقف الذى تقفه النصوص الدينية من تاريخنا حين تختزله فى قصة موسى وما كان بينه هو وبنى إسرائيل وبين فرعون والمصريين من صراع عنيف انحازت فيه هذه النصوص لموسى ضدنا. ولأننا نحن المصريين نؤمن بهذه النصوص فنحن نجد أنفسنا فى موقف لا نحسد عليه. لأننا بحكم انتمائنا الدينى مطالبون بأن نكون مع موسى ومع بنى إسرائيل، وبحكم انتمائنا الوطنى مطالبون بأن نكون مع فرعون. ولأن عواطفنا الدينية قوية بالوراثة. ولأن الأمية منتشرة فينا. ولأن ثقافتنا التاريخية وثقافتنا الوطنية عامة ضعيفة متهافتة فنحن فى هذا الصراع نقف ضد فرعون، أى ضد أنفسنا ونلتحق بالغزاة الذين تقاطروا على بلادنا ونزحوا خيراتها واستعبدونا باسم الدين من أول الفرس فى القرن السادس قبل الميلاد إلى الأتراك العثمانيين فى هذا العصر الحديث.
ولقد يبدو للسذج أن الدين يستفيد من الانحياز للإسرائيليين والطعن فى المصريين وتشويه تاريخهم. وهذا وهم، لأن الدين لم يعد المصدر الوحيد لمعرفة تاريخ المصريين، وإنما أصبح تاريخنا وتاريخ الإسرائيليين وغير الإسرائيليين معروفا يقرأه العالم ويتعلمه التلاميذ ويأخذه المؤرخون والباحثون من مصادره المباشرة المتمثلة فى هذه الآثار الباقية هنا وهناك فوق الأرض وتحتها. المعابد، والمقابر، والتماثيل والصور، والألواح المكتوبة التى تكشف لنا عن الماضى كأننا نعيش فيه كما نرى فى الجيزة والأقصر، وتل العمارنة، ودندرة. وكما نرى فى بقايا المدن القديمة فى العراق وسوريا وفلسطين. بابل، ونينوي، ولاخيش، وأورشليم وفيما كشف عنه من أوراق وألواح توفر العلماء على قراءتها ومقارنة ما جاء فيها بما جاء فى التوراة عن بداية الخليقة، وعن قصة الطوفان التى جاء ذكرها فى ملحمة جلجاش البابلية قبل أن يظهر اليهود وقبل أن تدون التوراة بألفى عام، وعن عقيدة التوحيد وغيرها من العقائد الدينية والقيم الأخلاقية الرفيعة التى سبق إليها المصريون وعبر عنها حكماؤهم أخناتون، وأمينموبي، وبتاح حتب، ونقلها عنهم العبرانيون فى سفر التكوين، وسفر الأمثال، وسفر الملوك، والمزامير التوراتية.
القصة الوحيدة التى لم ينقلها اليهود عن غيرهم هى قصة خروجهم من مصر عبر البحر الذى انفتح لهم وتركهم يعبرون سالمين ثم انطبق على فرعون والمصريين وأغرقهم عن آخرهم، ذلك لأن هذه القصة لا وجود لها فى أى مصدر من مصادر التاريخ القديم، لا عند المصريين، ولا عند البابليين، ولا عند اليونانيين. وهو أمر يدعو للتساؤل ويفرض علينا أن نميز بين التاريخ فى النص الدينى والتاريخ فى مظانه ومصادره.
التاريخ فى النص الدينى وسيلة تستخدم لضرب المثل واستخلاص العبرة لأن العاطفة الدينية أو القيمة الأخلاقية هى الغاية المقصودة فى النص الدينى الذى يأخذ من التاريخ ويضيف إليه ويفسره بما يخدم الغاية الأخلاقية وإن لم يتفق تماما مع الحقيقة العلمية التى نلتمسها فيما تركه لنا القدماء وما بحث عنه وأثبته المؤرخون، ومنهم الباحث الألمانى فلها وزن فى دراسته المعمقة التى تناول فيها تاريخ اليهود ونصوص التوراة وانتهى إلى أن اليهود «لم يتواجدوا فى مصر، ولم يقفوا على جبل سيناء، بل قدموا عبر الأردن وتوغلوا فى كنعان أى فلسطين». ومن الباحثين الأوروبيين من رأى «أن كل روايات العهد القديم ليست سوى نسخ مختلفة ومتغيرة لأساطير الملحمة البابلية ملحمة جلجاش وأن كل أبطال التاريخ العبرى القديم لم يوجدوا ولم يخلقوا، بل هم نتاج الميثولوجيا وهم أبطالها بأساليب مختلفة». وباستطاعة القارئ العزيز أن يعود للمصدر الذى نقلت عنه هذه الاستشهادات وهو «تاريخ نقد العهد القديم» الذى حرره زالمان شازار، وترجمه إلى العربية أحمد محمد هويدي، وصدر عام 2000 فى المشروع القومى للترجمة. وباستطاعة القارئ العزيز أن يعود بعد ذلك أو قبل ذلك لما قدمه طه حسين فى هذه المسألة، مسألة التمييز بين العلم والدين، التى عالجها فى كتابه «فى الشعر الجاهلي».
فى هذا الكتاب الذى صدر منذ ثمانية وثمانين عاما، وأثار ضجة واسعة ميز عميد الأدب العربى بين ما جاء فى النصوص الدينية عن العرب وعن أصلهم وعن لغتهم وشعرهم مما سلم به القدماء وبين ما أسفرت عنه المناهج والدراسات الحديثة التى تبناها طه حسين وطبقها على الشعر الجاهلى، فوجد أن هذا الشعر أو معظمه ليس فيه من حياة الجاهليين أو من لغتهم أو من ديانتهم شيء، وإذن فهو منحول لم يقله الجاهليون، وإنما صنعه الرواة بعد الإسلام ونسبوه للجاهليين ليثبتوا أن اللغة التى نظم بها هذا الشعر قديمة، وأنها كانت لغة العدنانيين ابناء إسماعيل الذى تعلمها هو وابناؤه من القحطانيين.
يقول الأستاذ العميد «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل. وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا. ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لاثبات وجودهما التاريخي، فضلا عن اثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها. ونحن مضطرون إلى أن نرى فى هذه القصة نوعا من الحيلة فى اثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى، وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذى أخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبثون فيه المستعمرات. فنحن نعلم أن حروبا عنيفة نشبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون فى هذه البلاد وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة، فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذى استقر بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التى تجعل العرب واليهود ابناء أعمام، لاسيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئا من التشابه غير قليل، فأولئك وهؤلاء ساميون».
هكذا علمنا الأستاذ العميد أن نميز بين الدين والعلم، كما علمنا غيره أن نميز بين السياسة والدين. لكن ريمة تنسى ما تتعلمه وترجع لعاداتها القديمة!
لمزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.