بات قدرا على مصر أن تواجه هذه الحرب القذرة من جماعات ضالة ترفع لافتة الإسلام زورا وإفكا، والمواجهة لهذا الخطر الداهم لابد لها من وسائل وآليات غير تقليدية، فالعدو الذى يقف لنا بالمرصاد ليس عدوا تقليديا يمتلك أسلحة عديدة ومتقدمة فحسب، ولكنه كالمرض الخبيث يسرى فى جسد الأمة مما يستدعى حشدا لكل الأسلحة والخيارات جنبا الى جنب مع الخيار الأمنى والعسكري. إن آفة هذه الجماعات المجرمة تكمن فى فكرها الضال وعقيدتها الفاسدة، بالاضافة الى خبث طوايا قياداتها التى تجبن وتتخاذل عن مواجهة أعداء الإسلام الحقيقيين فى فلسطين، وتعمد الى أسلوب الخسة فى الاعتداء على جنود وضباط الجيش والشرطة غيلة وغدرا. نحن فى حاجة ماسة إلى حرب شاملة تعتمد على أسلحة الساسة والتشريع والإعلام والخطاب الدينى المستنير، فالإعلام متضامنا مع علماء الإسلام الثقاة (الذين لم يفقدوا المصداقية وثقة عامة الشعب)، يجب أن يكونا فى صدارة المواجهة على هذا الفكر المريض المتطرف بخطاب دينى عقلانى يستند الى القرآن والسنة النبوية المؤكدة فى بيان ضلال ذلك الفكر، وكذب وخطأ ما يستندون اليه من تفسيرات غير صحيحة لآيات الجهاد وإقامة شرع الله، فالفكر الضال لا يحارب بالأمن والسلاح بقدر ما يحارب بفكر موضوعى يستند الى حجج عقلانية واضحة وأسانيد شرعية مؤكدة، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو أسوة المسلمين الحسنة، فما هى مرجعية تلك الجماعات فيما يرتكبونه من مذابح وإجراءات همجية وسلوكيات مشينة لم يقترفها الرسول المفترض أنه قدوتهم الحسنة! فأى أسوة وقدوة إذن يتبعونها؟!.. وأى شرع يقيمونه إذا كان شرعهم الهمجى يخالف شرع رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!! لابد من توضيح هذه الحقائق، وفضح أكاذيبهم وضلالهم ليس فقط أمام اتباعهم المغيبين الذين غسلت عقولهم بأفكار لا تمت للإسلام بصلة، ولكن أيضا لكى تقطع الطريق أمام أتباع جدد ينضمون لتلك الجماعات من دول عديدة، ثم يأتى دور السياسة فى كيفية لم شمل المصريين الذى تفرق بسبب الخلافات السياسية فيما بينهم وبين الدولة، والتى باتت هذه الخلافات ومايترتب عنها من استقطاب حاد وكراهية متبادلة تمثل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع وعافيته، بالإضافة إلى ضرورة استيعاب الشباب الغاضب، وإزالة أسباب احتقانه، والعمل على توحيد صف المجتمع ليكون ظهيرا قويا للدولة فى مواجهة المخاطر الحالية. ولابد أن تضع الدولة نصب عينيها أهمية وضرورة إرساء الطمأنينة فى نفوس جميع فئات الشعب خاصة الشباب وأهالى سيناء حتى نقطع الطريق على تلك الجماعات الإرهابية فى جذب وتجنيد بعض هؤلاء الغاضبين الذين يشعرون مع تنامى إجراءات المطاردة والعقوبات المشددة وبعض التجاوزات الأمنية والأحكام القاسية بالقهر والتعسف والظلم، وأنهم باتوا غرباء ومنبوذين فى مجتمعهم مما يدفعهم الى أحضان التشدد، وتبنى فكرة الانتقام من المجتمع. ولكى نحقق الانتصار فى هذه الحرب، يجب أن نقيم جدارا صلدا عازلا بين المواطنين وبين مجرد التعاطف مع تلك الجماعات الشاردة، هذا الجدار يتمثل فى ترسيخ الديمقراطية والحريات العامة واحترام حقوق الانسان المنصوص عليها فى الدستور بما يحمى ويصون كرامة كل المصريين المعارضين قبل المؤيدين، والمتهمين قبل الأبرياء، ولابد أن يترسخ فى وجدان الشعب أنه بالفعل مصدر السيادة، كما ينص الدستور، وأنه يمتلك حريته الكاملة فى اختياراته السياسية، وأنه بالفعل صاحب القرار الأول فى وطنه. محمد سعيد عز