يظل الفن هو أسرع الطرق للتقارب بين الشعوب والأديان لما يقدمه من موضوعات هادفة تناقش قضايا المجتمع وتسهم فى نشر ثقافة الحب والتسامح والعمل والعطاء بين الجميع ، ويمثل القس مكاريوس فهيم قلينى نموذجا حيا لبث قيم الترابط داخل المجتمع المصرى من خلال ما يقدمه من أعمال سينمائية تؤكد أنه لا يوجد تعارض بين الفن والدين. فى البداية أكد القس مكاريوس فهيم بكنيسة «أبو سيفين» ببورسعيد والحاصل على ماجستير فى اللاهوت بدايتى مع الأدب كانت قبل الكهنوت حيث انطلقت رحلتى الفنية من خلال قيامى بكتابة سيناريو وحوار فيلم «حكاية فرحان والنص فدان» والذى يتحدث عن تنظيم الأسرة وقامت بإنتاجه الهيئة القبطية والإنجيلية ، ثم بعدها قمت بعمل فيلم كرتون مدته نصف ساعة بعنوان «حكاية سوسو» وأضاف مكاريوس بعد الكهنوت قمت بعمل سيناريو وحوار فيلم روائى طويل هو «بستان الفضائل» بطولة عماد الراهب ومنير مكرم ووفاء الحكيم وإخراج أسامه عشم ، وبعدها قمت بعمل فيلم قصير عن «الإدمان» اسمه «احذر الخطوة الأولى» وكذلك فيلم آخر قصير بعنوان «أكسير الحياة والذى حصلت من خلاله على جائزة أفضل سيناريو من مهرجان أفلام يوسف شاهين الشهر الماضى. كما قمت مؤخرا بكتابة سيناريو فيلم «إحترسى يا صغيرتي» وهو فيلم قصير يتحدث عن التحرش الجنسى تم الانتهاء منه وجاهز للعرض، وحصلت على موافقة الرقابة على سيناريو فيلم «قارب واحد» عن الوحدة الوطنية وكان يتبناه المرحوم محمود عزب مستشار شيخ الأزهر وهناك مشاورات لإنتاجه عن طريق بيت العائلة. وشدد مكاريوس على إنه لا يوجد أى تعارض بين عمل الإنسان فى الكهنوت وعمله فى الفن مؤكدا أن رجل الدين يخدم جميع شرائح وفئات المجتمع ولابد أن يكون هناك تطور، وبدلا من أن يتم إلقاء العظة فى مكان محدد يتم عرضها من خلال أفلام يشاهدها ملايين المشاهدين وهم فى منازلهم، وبالنسبة للشباب الذين لا يذهبون للمسجد أو الكنيسة هناك مقولة خالدة للبابا شنودة الثالث تقول من لا يذهب للكنيسة، الكنيسة تذهب إليه فى إشارة إلى القيام بأعمال فنية وأدبية تصل إلى الجميع فى منازلهم وأماكن عملهم، مشيرا إلى أن الكنيسة أخذت خطوات إيجابية فعالة نحو الفن فمنذ أيام قليلة كرم البابا الفنانة سميحة أيوب فى احتفالية أسقف الشباب والآن نجد كاهنا أرثوذكسيا يحصل على جائزة فى مهرجان سينمائي. موضحا أن الفن له دور هادف من خلال إنتاج أعمال فنية رائعة تسهم فى النهوض والرقى بالمجتمع بطريقة تجذب الجميع خاصة الشباب للتمتع بالمبادئ والمثل وتغيير السلوك مثل فيلم «كلمة شرف» الذى قام ببطولته الفنان الراحل فريد شوقى والذى كان السبب الرئيسى فى تغيير نظرة المجتمع للمسجون وإصدار قانون بالموافقة على خروج السجين لمدة 24 ساعة إذا اقتضت الضرورة مثل تقبل العزاء فى والده، وأعتقد أنه بدلا من الابتعاد عن الظلام يجب أن نشعل شمعة من خلال إنتاج أعمال هادفة مثل فيلمى الأخير الذى يتحدث عن الوحدة الوطنية من خلال حدوتة درامية تسهم فى توطيد العلاقات بين الناس، مشيرا إلى أن رسالة الفن هى التحذير من حدوث أى فتن بالإضافة للتنبؤ بالمستقبل واستشعار المخاطر ومواجهتها قبل حدوثها وأدعو كل من يريد صناعة فيلم يناقش القضايا الدينية أن يستشير المتخصصين وفى فيلم أكسيرالحياة، الذى حصلت من خلاله على جائزة قمت بتناول وجهة نظر محايدة وأنا حريص على أن يتضمن سيناريو الفيلم آيات قرآنية وآيات من الإنجيل تؤدى نفس المعنى وتزيد التقارب بين طرفى الأمة. وعن عدم اتجاهه لإخراج أفلامه تحدث قائلا: أنا موهوب فى الكتابة ولم أفكر فى العمل بالإخراج ولكن إذا طلب منى المخرج أى استشارة أقدمها وعلى سبيل المثال عند اختيار أبطال فيلمى الجديد طلبت أن تؤدى دور المرأة المسيحية فنانة مسلمة والعكس وأنا أطالب العلماء ورجال الدين المسيحى بالتعبير عن مواهبهم وقدراتهم وتقديم كل ما يفيد المجتمع ، كما أن هناك مقولة للبابا تواضرس الثانى تقول إن شعب مصر أصيل يحمى مصر جيشا وفنا ، أزهرا وكنيسة وأنا أحاول أن أساهم فى تحقيق هذه المقولة. واختتم مكاريوس حديثه قائلا: وجودى فى محافظة بورسعيد لم يؤثر على عملى الفنى حيث إننى أتواصل مع عدد كبير من الفنانين والأدباء بالقاهرة والموهبة تفرض نفسها فى كل مكان ، وفى النهاية أطالب الدولة بالعودة لدعم الأفلام القصيرة والمساهمة فى تسويقها وشرائها من المنتجين وتشجيع هذه الصناعة ، كما أتمنى عرض هذه الأفلام فى السينما قبل الأفلام الروائية الطويلة.