لم تنجح دعوات مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية التى ستشهدها البحرين فى 22 نوفمبر الحالي، فى ثنى عدد كبير عن ترشيح أنفسهم، ومن بينهم المنتمون للطائفة الشيعية، الذين تعرض بعضهم لاحراق سياراتهم وممتلكاتهم، وبدا واضحا أن المشهد الانتخابى سيكتمل، وأن البحرين ستكون على موعد مع برلمانها الجديد فى مطلع ديسمبر المقبل. فالبيانات الرسمية أكدت أن عدد الذين رشحوا أنفسهم لخوض الانتخابات النيابية والبلدية بلغ 493 شخصاً، من بينهم 171 مرشحا ومرشحة لعضوية المجالس البلدية، فيما سيتنافس 322 مرشحا ومرشحة على 40 مقعدا هى عدد مقاعد مجلس النواب المنتخب، وسيضاف إليهم أعضاء الغرفة الثانية فى البرلمان، وهى مجلس الشورى، وعددهم أيضا 40 عضوا، يتم تعيينهم بمرسوم من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة من بين الكفاءات وذوى الخبرة فى مختلف المجالات. وقد وصف رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني، والمدير التنفيذى للانتخابات النيابية والبلدية فى البحرين، المستشار عبدالله بن حسن البوعينين، الاقبال على الترشيح لمجلس النواب والمجالس البلدية، بأنه لافت، بل وذهب إلى حد القول أن عدد المرشحين سجل «رقما عالميا» قياسا بعدد سكان البحرين وحجم الكتلة الانتخابية فيها والتى يبلغ عددها 349713 ألف ناخبا وناخبة. ورغم استمرار جمعيات المعارضة الشيعية فى الدعوة لمقاطعة الانتخابات والتقليل من أهميتها بل وتشكيك البعض فى قوة المجلس النيابى المقبل، فإن حجم الاقبال على الترشيح يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن دعوات المقاطعة لم يكن لها تأثير كبير، فالأرقام تشير إلى أن أعلى معدل للمرشحين فى الانتخابات البلدية والنيابية قد تركز فى المحافظة الشمالية. ومعروف أن تلك المحافظة تقع فيها معظم المناطق الشيعية، وتضم 12 دائرة انتخابية، وكانت المعارضة الشيعية تعول دائما على أصوات الناخبين بهذه المحافظة، فى نجاح مرشحيها، والذين دخل منهم إلى مجلس النواب فى الانتخابات السابقة 18 نائبا، وهم الذين أعلنوا انسحابهم من المجلس فى ضوء الأزمة التى شهدتها البحرين فى فبراير عام 2011. وقد زاد من ضعف دعوات المقاطعة البيان الذى أصدره سفراء الاتحاد الأوروبى بالبحرين، ورحبوا فيه باجراء الانتخابات التشريعية فى البلاد وأكدوا أهمية انخراط ومشاركة جميع الجمعيات السياسية وشعب البحرين فى العملية الانتخابية، بروح من المسئولية المشتركة والمصالحة الوطنية، وهو البيان الذى هاجمته جمعيات المعارضة الشيعية رغم تعويلها فى السابق على دعم الاتحاد الأوروبى لها. كما لم تفلح محاولات ترهيب المرشحين واحراق وتخريب ممتلكاتهم فى ثنى المرشحين، وخاصة من ينتمون منهم للمذهب الشيعي، عن مواصلة السباق الانتخابى ومنهم المرشح على الدرازى الذى أحرق المخربون سيارتين يمتلكهما، حيث أكد الدرازى (وهو نائب بالبرلمان السابق)، أنه مستمر فى ترشحه للمجلس النيابى دون الالتفات لمحاولات الإرهاب والتخويف، ووصف حرق السيارات والمنازل بأنه عملية لا يقوم بها إلا شخص جبان لا يستطيع المواجهة والصمود أمام الآراء الأخرى. فيما قال مرشح شيعى أخر هو محمد العكري، والذى تعرض محله الخاص الذى يملكه، إلى حريق متعمد واحترقت بداخله سيارتان مملوكتان لأحد زبائن المحل المخصص لتلميع السيارات، أنه لم يتوقع أن يتعرض لهذا الموقف، مشيرا إلى أنه بعد هذا الحادث، يفكر فى الانسحاب من الانتخابات خوفاً على عائلته وأولاده. ومن جانبها أكدت سميرة رجب وزيرة الدولة لشئون الاعلام والمتحدث الرسمى باسم الحكومة البحرينية (والتى تنتمى بدورها للمذهب الشيعي)، أن استهداف بعض المرشحين بأشخاصهم وعوائلهم وأطفالهم وبيوتهم يأتى لترويعهم وتهديدهم بالانسحاب من الانتخابات، وخصوصا بعد أن ثبت أن أعلى معدلات المرشحين من «أبنائنا الشيعة» المتحمسين جميعا لإنهاء هذه الحالة الطائفية المقيتة التى تحاول الجمعيات السياسية زجهم فيها. وقالت رجب أنه يجب على من يطالب بالديمقراطية أن يؤمن بأبسط قواعدها التى تتمثل فى حرية المواطن فى ممارسة حقّه الانتخابي، وأن من يدين هذا الإرهاب عليه أن يصدر فتوى أخرى بتحريم الإرهاب واستهداف أرواح المواطنين وممتلكاتهم ومؤسساتهم، وذلك فى إشارة إلى المرجع الدينى الشيعى فى البحرين الشيخ عيسى قاسم، الذى قالت الوزيرة أن الأعمال الإرهابية لترويع المرشحين والناخبين تأتى تنفيذا لفتوى صدرت عنه، وأنه تم استهداف رجال الأمن وقتل العشرات منهم بفتوى مشابهة منه. وفيما يؤكد المسئولون البحرينيون أن أية مطالب يجب أن تتم وفق الاطار القانونى والدستورى وعبر القنوات الشرعية ممثلة فى البرلمان، فإن بعض تيارات المعارضة الشيعية ترى أن المطالب ستتحقق بالتظاهر، فيما يرى أخرون متشددون ومتطرفون أن الاعمال التخريبية هى وسيلتهم لتحقيق مايريدون .. ومن هنا فإن البحرينيين ينظرون إلى الانتخابات المقبلة، باعتبار أنها ترسخ قيم الديمقراطية، وأن البحرين دولة مؤسسات وقانون، وأن الانتخابات تؤكد هيبة الدولة وعدم الرضوخ للعنف والترهيب.