أكدت النيابة العامة فى مرافعتها فى قضية التخابر المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى أن جماعة الإخوان الإرهابية قامت على فكرة النظام الموازى للدولة، وأن الدور الذى لعبته أحدث تأثيرا كبيرا فى بنية استخدام العنف بالمجتمع المصرى حيث كان العنف جزءا من تكوين الجماعة منذ نشأتها. جاء ذلك خلال مرافعة المستشار تامر الفرجانى المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا فى قضية تخابر مرسى و35 من أعضاء وقيادات الجماعة الإرهابية مع دول ومنظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضى المصرية ،واستعرض المستشار الفرجانى فى مرافعته تاريخ الجماعة الإرهابية والجرائم التى قاموا بارتكابها عبر تاريخ الوطن وتخابرهم مع الدول الأجنبية المختلفة منذ نشأتهم. عقدت الجلسة برئاسة المستشار شعبان الشامى وعضوية المستشارين ياسر الأحمداوى وناصر صادق . فى بداية الجلسة نبهت المحكمة على المتهمين ودفاعهم التزام الهدوء والإنصات خلال مرافعة النيابة والتى استهلت بقول الله فى كتابه الكريم «من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون» وتابع ممثل النيابة قائلا إن هذا خطاب الله للمؤمنين من عباده داعيا إلى النهى عن التحزب فلا نكون شيعا وأحزابا ونكون ممتثلين لصحيح أحكامه التى تدعو للحكمة ،وقال ممثل النيابة مشيرا للمتهمين إن هؤلاء هم الساعون فى الأرض فسادا فحق وصفهم بالخوارج، وقد جئناكم محملين بهموم الوطن وآلامه والذى تآمروا عليه وكبلوه وقسموه. وأكد المستشار الفرجانى أن تلك الجماعة (الإخوان) نشأت على مرجعيات الأصولية الإسلامية، والتى تمثل أيدلوجيات شائكة لعل أبرزها التكفير والحاكمية، وهو ما ورد بأدبيات القيادى الإخوانى سيد قطب الذى كفر المجتمع وحرض فى كتاباته وفى مقدمتها «معالم على الطريق» على هدم الدولة برمتها والسلطات، بدعوى أنه مجتمع جاهلي وقال ممثل النيابة إنها جماعة لم ترد الدين ،وإنما أرادت مغنما دنيويا، ولم تقف أمامها حرمة دماء أو حدود أو مقدسات. وأكمل ممثل النيابة أن العنف جزء من تكوين الجماعة الإرهابية منذ نشأتها، ووضع لبناته مؤسسها حسن البنا، مدعيا أن أساسها الفكرة، وأن الفكرة لا تغنى عن القوة، التى تبلورت فى تنظيماتها الداخلية بدءا من فرق الرحلات، وماتبعه من أعمال قتل وعنف واغتيالات. وقال ممثل النيابة إن المتهمين تظاهروا بالدين بحثا عن مطامع دنيوية، مستعرضا أعمال الاغتيالات والتفجيرات التى قامت بها الجماعة فى النصف الأول من القرن الماضى بمعرفة التنظيم السرى المسلح للجماعة عام 1940 وفى مقدمتها تفجيرات المحال التجارية وحارة اليهود ومحكمة الاستئناف، واغتيال محمود فهمى النقراشى وأحمد ماهر رئيسى وزراء مصر السابقين والقاضى الخازندار، والرئيس جمال عبد الناصر وغيرها، لتكشف الجماعة عن وجه قبيح فى الوقت الذى لطالما ادعت فيه الجماعة الاعتدال. وأكد أن أوراق القضية تكشف عن خيانة وعمالة المتهمين، مؤكدا أن المتهمين تظاهروا بالدين بحثا عن مطامع دنيوية، فكانوا كمن رفع المصاحف على أسنة الرماح، فساقوا الخيانة تحت زعم الخلافة، فحق وصفهم بالخوارج أشد الفرق الإسلامية دفاعا عن اعتقادهم، يتشابهون معهم فى الاندفاع والغلو فيما يدعون إليه وما يفكرون فيه، وهم فى اندفاعهم وغلوهم يستمسكون بألفاظ ظنوها دينا مقدسا لا يحيد عنه مؤمن ولا يخالف سبيله إلا من مالت نفسه إلى البهتان، فاستحوذت الألفاظ البراقة على نفوسهم، فقتلوا الناس، واستولت عليهم ألفاظ الإيمان ولا حكم إلا لله، وباسمها أباحوا الدماء وشنوا الغارات فى كل مكان، فكانوا شر خلف لشر سلف، الذين كانوا كلما رأوا الإمام على كرم الله وجهه صاحوا فى وجهه وقالوا له «لا حكم إلا لله».. وقال ممثل النيابة : «البنا أنشأ الجماعة فسيّس الدين وديّن السياسة.. فسحر البسطاء وجعلهم متكئا لغلو أحلامه، فتحزب الدين وتفرق أبناؤه، واستبيحت الدماء».. مشددا على أن مؤامرة الجماعة على الوطن بدأت منذ نشأة الجماعة، وأن البهتان كان ظلا وظهيرا لتلك الجماعة الإرهابية، فكانوا يأتون الفعل فى الخفاء ويتبرأون منه فى العلن بأوصاف من نوعية ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين. واستعرض المستشار الفرجانى أن القضية رقم 12 لسنة 1965 التى كانت تضم عددا كبيرا من قيادات الإخوان، من ضمنهم محمد بديع ومحمود عزت وتضمنت اعترافات كاشفة لأعضاء الجماعة، بالانضمام إلى التنظيم الدولى للإخوان، وأن التكليفات كانت تصدر من قيادات التنظيم بالخارج إلى العناصر المارقة بالداخل، وأن التراسل كان بأسماء رمزية، وأنهم استخدموا الأموال المرسلة إليهم من الخارج لشراء السلاح المستخدم فى العمليات الإرهابية من السودان من رشاشات ومدافع، وتصنيع المفرقعات والمتفجرات . وعرض المستشار الفرجانى لاعترافات المتهم بديع بتلقى التدريبات بمعرفة المتهم على عشماوي وذلك للصدام مع سلطات الدولة فى ذلك التوقيت قائلين فى اعترافاتهم إنهم فى معركة ،وعرض ممثل النيابة للقاءات التى دارت بين قيادات الجماعة فى تلك الفترة إبان ثورة 52 وممثلى السفارتين الامريكية والبريطانية والتى كانوا يتفاوضون فيها على الوطن مقابل الدولارات ويتعاونون مع هذه الدول وكذا علاقة البنا بالامريكان وهو ما أقره بعض أعضاء الجماعة الإرهابية بأنفسهم وخلال الجلسة قام دفاع المتهمين بإحداث حالة من الشوشرة مبدين اعتراضهم على مرافعة النيابة ،وطالبهم رئيس المحكمة بالتزام الهدوء معتبرا أن مقاطعتهم لمرافعة النيابة تمثل مخططا للتشويش ومحاولة الإخلال بنظام الجلسة، لكنهم ظلوا مع المتهمين يحدثون نوعا من الضوضاء.