كانت ومازالت وستظل الحالة العراقية نقطة التقاء وانطلاق للكثير من الازمات التى تضرب المنطقة لوجود الكثير من القواسم والعوامل المحفزة لها فى العديد من الدول القريبة والبعيدة من المحيط العراقى. لذلك فان مسألة فصل ما يحدث فى العراق عما يحدث فى سوريا ولبنان واليمن وما يستجد أمر مجافى لابسط قواعد المتابعة للتطورات السياسية على المستويات الاقليمية الدولية,كون منطلقات القوى الفاعلة فى العراق هى نفسها فى هذه المناطق، ونقصد بذلك ايران التى كانت المحطة الخارجية الاولى لرئيس الوزراء الجديد حيدر العبادى يوم 22 اكتوبر الماضى والتى أكد قادتها له دعمهم له وشكرهم لخدمات حكومة المالكى . ان طهران كانت ومازالت صاحبة اليد الطولى ليس فى العراق بل وفى سوريا ولبنان واليمن ايضا ، اما الولاياتالمتحدة التى انسحبت من العراق نهاية العام 2011 فانها وجدت نفسها امام تمدد داعش فى مواجهه تحد جديد على التجربة العراقية المتعثرة ومصالحها بصفة خاصة ، اما الحلفاء العرب الذين انخرطوا فى الحملة الجوية ضد داعش فجاءت مشاركتهم بعد الكثير من الاتهامات بالدعم المباشر وغير المباشر لهذا التنظيم الارهابى المحسوب على السنة ،ورغم عدم الترحيب العراقى - الايرانى بالضربات الامريكية والعربية، الا انه من المعروف ان النتائج ستصب فى صالح من يسيطرون على الارض بعد ان تفلت من يد هذا التنظيم الارهابى الذى قتل باعتراف الجميع _ومنهم العبادي_ من العرب السنة اضعاف ما قتل من الشيعة . هذا بجانب العمليات الطائفية التى كانت ومازالت مستمرة وتستهدف السنة فى العراق وغيرهم، ورغم الترحيب باختيار خالد العبيدى ابن الموصل التى تحتلها داعش واللواء بالجيش العراقى السابق وزيرا للدفاع، الا ان العقبات امامه فى الوسط العربى السنى كبيرة مع الكثير من الممارسات فى ظل العمليات العسكرية التى اتخذت طابعا طائفيا فى الكثير من المناطق ،وضد ضحايا داعش من العرب السنة. وهو الامر الذى يحاول الوزير الجديد ورئيس الوزراء والولاياتالمتحدة تلاشيه من خلال تشكيل ما يسمى ب«الحرس الوطنى» فى المناطق العربية السنية خاصة فى الانبار وصلاح الدين وديالى ورغم العقبات التى تواجه تشكيل هذا الحرس فى تلك المناطق لاسباب طائفية بحتة . الا ان المؤكد انها المخرج المناسب اذا خلصت النوايا لمواجهة داعش فى تلك المناطق،وربما يكون رئيس الوزراء حيدر العبادى ادرك هذه الحقيقة وبدأ يعمل عليها رغم عراقيل المقربين منه فكان لقاؤه مع شيوخ عشائر الأنبار خلال زيارته الاولى للاردن حيث وعدهم بالتسليح والدعم والامان مقابل الانضمام لمقاتلة داعش مع قيامه باجراءات تتعلق بهيكلة القوات المسلحة العراقية والتى كان اخرها التغييرات الواسعة التى اعلنت الاربعاء الماضى فى القيادات العسكرية وهو الامر الذى يجب ان يتم حسمه بالكثير من الصيغ الضامنة لحقوق الجميع فى مرحلة ما بعد داعش التى يؤكد الجميع ان القضاء عليها لن يكون الا بالعرب السنة رغم انهم مازالوا يتخوفون من انهم «كالمستجير من النار بالرمضاء»لانهم اجبروا على التحالف المر مع «داعش» فى البداية بسبب السياسات التهميشية والطائفية للحكومة السابقة . خلاصة القول ان أى خطوة او مبادرة من قبل حكومة العبادى باتجاه لجم الممارسات الطائفية من الحشد الشعبى والمليشيات ضد المدنيين من العرب السنة وبناء جسور الثقة مع سكان تلك المناطق ستكون أساسا عبر القضاءعلى هذا التنظيم الارهابى ، على ان يتواكب ذلك مع استيعاب الهياكل العسكرية الموجودة سواء كانت « حشدا شعبيا»او «حرسا وطنيا» ضمن صيغة الدولة الوطنية كنقطة انطلاق جديدة لبناء الدولة والمجتمع العراقى ، وبدون ذلك فان الحديث عن ضربات جوية هنا وهناك لقوات التحالف لن تجدى ، لانه لابد من ازالة اسباب استفحال هذه الانحرافات الطائفية والمذهبية سنية كانت ام شيعية أو كردية.