انفلونزا الطيور، خاصة بعد إصابة نحو خمسة خلال الأشهر الماضية،واثنين أمس الاول آن الأوان أن تخرج بعض القوانين التى صدرت خصيصاً للاسهام فى القضاء على هذا الفيروس للنور ولكنها باتت حبيسة الأدراج منذ سنوات، وكلف تعطيلها الدولة والمستثمرين خسائر بالجملة. فبعد إنتشار مرض انفلونزا الطيور وتسببه فى خسائر كبرى فى الأرواح، وكذلك فى الثروة الداجنة، كان لابد من اتخاذ قرار حاسم - من وجهة نظر الحكومة انذاك - بمنع تداول الطيور الحية فى الأسواق، بحسب ما ذكرته دراسة تحليلية اعدتها الإدارة العامة للتحليل الاقتصادى بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن إعادة هيكلة صناعة الدواجن فى مصر. ووفقا للتحليل الاقتصادى -الصادر فى مايو 2006- فقد تأثرت مصر بالمرض منذ ظهوره بالصين فى أكتوبر 2005 حيث انخفضت أسعار الدواجن بنحو 30% وقت إعلان ظهوره، ذلك فضلا عن الخسائر المتحققة نتيجة إعدام أعداد كبيره من الدجاج تقدر قيمتها بنحو 272 مليون جنيه حتى مارس 2006. واقترحت الدراسة ضرورة إعادة هيكلة الصناعة وتفعيل القوانين والقرارات المنظمة للصناعة، وتطوير الإطار التشريعى الحالي، والتوقف عن بيع الدجاج الحى خارج المزارع، وتكثيف دور الجهات الرقابية على جميع حلقات الصناعة. كما حددت الدراسة خطة زمنية لتنفيذ المقترح وقدرت التكلفة المبدئية لتنفيذ أهم آلياته بنحو 1،27 مليار جنيه يتم تمويلها من عدة جهات حكومية وغير حكومية أبرزها هيئات التنمية الدولية، والصناديق العربية للتنمية، والصندوق الاجتماعى للتنمية، والبنوك المحلية. وبالفعل صدر القانون رقم 70 لسنة 2009 فى شأن تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع؛ الذى نص فى مادته الأولى :«يقتصر الاتجار فى الطيور والدواجن الحية التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة على المصرح منها بذبحه قانونا، ويشترط أن يتم الاتجار أو الذبح وفقا للشروط والإجراءات وفى الأماكن والمجازر التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة . كما يحظر بيع الطيور والدواجن المشار إليها أو عرضها للبيع أو تداولها أو نقلها لهذا الغرض، وذلك فى المناطق والمحافظات والمدن وغيرها من وحدات الإدارة المحلية التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة، وكذلك يحظر بيع أو تداول مخلفات المزارع المصابة أو نقلها لهذا الغرض«. وكان لهذا القانون والدعوات التى أطلقتها الحكومة آنذاك بضرورة البدء فى إعادة هيكلة هذه الصناعة، وضرورة القضاء على الاتجار فى الدواجن الحية وتحويل هذا النشاط إلى تجارة الدواجن المجمدة دور كبير فى تشجيع الكثير من المستثمرين للأقبال على هذه المشروعات ولإنشاء المزارع والمجازر وشركات التبريد والتوزيع التى تعمل جميعاً فى إطار هذا التطوير وبدعم من هذا القانون. ووضع هؤلاء المستثمرون ملايين الجنيهات فى مشروعات لم تر النور وفشلت من قبل البدء فيها بسبب عدم تطبيق القانون الذى سقط عمدا من ذاكرة المسئولين مما كان سببا فى تحقيق خسائر بالجمله لهؤلاء المستثمرين. فبعد انتشار مرضى أنفلونزا الطيور والخنازير بمصر واقرار القانون 70 لسنة 2009 أعلن الصندوق الاجتماعى للتنمية مشروع تحديث صناعة الدواجن، الذى قدم الصندوق من خلاله قروضا مباشرة للشركات والأفراد الذين توافرت لديهم عدة شروط، منها القدرة المالية، وتوافر مقومات المشروع كوجود الأصول الثابتة، والخبرة فى إدارة المشروع، فالصندوق لا يمول إلا معدات فقط وجزءا قليلا من رأس المال العامل، فتقدم عدد من رجال الأعمال للمشاركة فى هذه المشروعات وحصلوا على قروض من الصندوق الاجتماعى للتنميه. ولكن على أرض الواقع لم يحالف الحظ بعض هؤلاء المستثمرين، ونتيجة لعدم تطبيق القانون، تعثرت مشاريعهم وتحملوا ديونا لا قبل لهم بسدادها . المهندس » م.ب« (فضل عدم ذكر اسمه ) صاحب واحد من مشروعات تجميد وحفظ الدواجن، فبعد أيام من بدء مشروعه انطلقت ثورة 25يناير وبحسب كلام محدثنا فقد أصيبت معظم الأعمال الخاصة والشركات بمصر بالشلل والكثير من الخسائر، وعلى الرغم من ذلك استمر الكثير من المستثمرين فى الالتزام بسداد أقساط القروض طوال العام الأول للثورة على الرغم من توقف الأعمال بنسبة 100% ومع تلك الظروف فوجئوا بالإنذارات التى ترسل إليهم لدفع الأقساط المتأخرة والفوائد المقررة حتى لا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. ويضيف: خاطبنا جميع الجهات الرسمية من رئاسة الجمهورية حتى رئيس الوزراء الحالى والسابقين وتقدمنا بالمشكلة والحل ولكن لا مجيب لنا على الرغم من أن تطبيق هذا القانون سوف يسهم فى توفير ملايين الجنيهات التى لا تتحصل عليها الدولة من صناعة الدواجن العشوائية وكذلك من وقف التصدير. الوضع لم يختلف كثيراً بالنسبة لأحمد عبد العزيز مستثمر من كفر الشيخ الذى حصل على قرض من الصندوق عام2010 لإنشاء مشروع مجزر دواجن على أن يسدد خلال خمس سنوات بقيمة مليون و 900 الف جنيه -والذى تبلغ فوائده الان اكثر من مليونى بينما تبلغ تكلفة المشروع نحو 7 ملايين جنيه، وبحسب عبد العزيز فقد تعثر المشروع بعد ثورة 25 يناير خاصة مع الانفلات الأمنى الذى تسبب فى خسائر طائلة وسرقات متكررة ويقول: «علىالرغم من المعاينات التى كانت تتم من قبل الصندوق والتى كانت تصل إلى ثلاث مرات سنوياً فان الصندوق لم يعطنا فترة سماح سوى 6 اشهر فقط ثم طالبونا بسداد كل الأقساط المتأخرة ولكن عدم تطبيق القانون تسبب فى خسائر جمة لنا فكيف نعمل فى الدجاج المجمد وسط ثقافة لا تقتنع به وتربى الطيور فى المنزل فى محافظة مثل كفر الشيخ، وكان املنا فى نجاح هذا المشروع هو تطبيق هذا القانون والأن وبعد صدور حكم ضدى فأنا على استعداد أن اترك لهم المشروع بالكامل فى مقابل إسقاط هذه الأحكام أو تفعيل القانون لتدور عجلة الإنتاج». أما عاطف محمد السيد مستثمر من سوهاج فقد كان من أوائل المتقدمين للمشاركة فى مشروعات تطوير صناعة الدواجن بالتعاون مع الصندوق وذلك فى عام 2007 حيث أنشأ مشروع مجزر آلي بسعة ذبح 2000 طائر فى الساعه وحصل على قرض بقيمة مليون و900 الف جنيه وطور المشروع حتى حصل على 5 شهادات جودة خلال اربعة أشهر فقط من التشغيل التجريبي، مما دفع اللجنة المشرفة على المشروع لتشجيعه على مضاعفة السعة والمساحة والقدرة الانتاجية لتصل إلى 4000 طائر بحيث يستطيع بعد هذه التوسعات أن يضاعف القرض ولكن للأسف وبعد الانتهاء من التوسعات الإنشائية رفض الصندوق المضاعفة بحجة الوضع الأقتصادى للدوله وكان لهذا التوسع أبلغ الأثر فى إنفاق الملايين وتأخر اصدار ترخيص التشغيل وتعثره عن سداد القرض منذ ديسمبر 2011. ويقول عاطف: «فوجئت بتحريك الصندوق لقضية ضدى بموجب شيك يبلغ 900 ألف جنيه هو قيمة المتأخرات على القرض وصدر حكم يقضى بحبسى ثلاث سنوات واقترحت على الصندوق أن يأخذ المشروع الذى تبلغ قيمته أكثر من 20 مليون جنيه ويتصرف فيه كيفما يشاء ولكن لا أتعرض للحبس والإهانه فى هذا العمر». وقد تلخصت مطالب المستثمرين فى ضرورة تفعيل القانون وإعادة جدولة ديونهم المترتبه على عدم تطبيقه فترة زمنية تصل إلى خمس سنوات فى حالة تفعيله أما فى حالة عدم تفعيل القانون فتتم الجدولة على فترة 10 سنوات متضمنة سنة سماحا وإيقاف الملاحقات القضائية ضدهم. مشروع قومي توجهنا الى مسئولى الصندوق الاجتماعى للتنمية الذين ابدوا فى البداية تضامنهم مع هؤلاء المستثمرين الذين يقف عدم تطبيق هذا القانون عائقا امام مشروعاتهم وبحسب نيفين جامع فأنه لا يمكن إنكار وجود أسباب تعيق الاستثمار فى قطاع الدواجن فمثله مثل أى قطاع إقتصادى آخر يواجه تحديات وعقبات فى نموه ومنها على سبيل المثال عدم تفعيل القانون رقم 70 لعام 2009 والخاص بحظر بيع وتداول الدواجن الحية بالشكل الذى اثر سلبياً على نشاط المجازر ومحال بيع الدواجن المجمدة وعدم توفيق أوضاع مزارع الدواجن التى تعمل بلا تراخيص أو تصريح . وإرتفاع تكلفة الأعلاف ومكوناتها بسبب اعتمادها على الاستيراد بالعملة الاجنبية ومنافسة منتج الدجاج المجمد المستورد من الخارج والذى يكون غالباً اقل ثمناً من مثيله المحلي. ولكن فى النهاية لا يوجد قطاع استثمارى فى مصر او فى معظم دول العالم بلا تحديات ومشكلات فهل معنى وجود بعض العقبات ان يتوقف أصحاب المشروعات عن سداد القروض رغم قدرتهم الفعلية على الإنتاج والسداد .. أتصور ان هذا يُعد إهدارا لأموال الدولة وإستهانة بحقوقها من أبنائها المستثمرين وصفت جامع هذه المشروعات ب«الكبري« فهى لا تصنف ضمن المشروعات الصغيرة، فإعادة تأهيل وتطوير صناعة الدواجن فى جمهورية مصر العربية هى مشروع قومى تبنته الدولة عقب انتشار مرض انفلونزا الطيور (عام 2006) لينفذه الصندوق الاجتماعى للتنمية بالتعاون مع وزارة الزراعة من خلال قرض من الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية بقيمة 26 مليون دينار كويتى وذلك للاسهام فى إعادة تأهيل وتطوير صناعة الدواجن وحلقاتها المختلفة من (تربية - أعلاف مجازر نقل مبرد ..الخ) وبدأ الصندوق فى توفير تلك القروض بداية من منتصف عام 2007 بفائدة بسيطة متناقصة قدرها 6% بالإضافة إلى مصاريف إدارية قدرها 2% وتم منح جميع المشروعات فترة سماح طويلة قد تصل إلى 18 شهرا وذلك للتسهيل على أصحاب المشروع فى السداد بالإضافة طبعا إلى سعر الفائدة المميز الذى كان يوازى أقل من نصف الفائدة المعتادة فى قروض البنوك فى ذلك الوقت هذا ويرجع السبب الرئيسى فى قيام الصندوق الاجتماعى للتنمية لتنفيذ هذا المشروع هو امتناع البنوك التى تم التفاوض معها عن تمويل تلك النوعية من المشروعات بسبب المخاطر العالية التى أحاطت بصناعة الدواجن وقتها مما استلزم قيام الصندوق الاجتماعى بالبدء فى تمويل تلك المشروعات مباشرة حتى يتم إنقاذ تلك الصناعة المهمة التى تستوعب عددا كبيرا جداً من الأيدى العاملة بالإضافة إلى دورها فى توفير البروتين الحيوانى للمواطن العادى بسعر مناسب. وبناء على ذلك قام الصندوق الاجتماعى للتنمية بإتاحة قروض مباشرة بلغت نحو 145 مليون جنيه لتمويل تلك الصناعة مما شجع البنوك المتعاملة مع الصندوق الاجتماعى للتنمية على تمويل هذه الصناعة الإستراتيجية حيث تم إبرام تعاقدات مع البنوك بلغ إجمالى قيمتها 381 مليون جنيه تقريباً. وفيما يتعلق بنسب التعثر للقروض الممنوحة لهذا القطاع أكدت رئيس القطاع المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة أنها ما زالت ضمن الحدود المقبولة ، وهى تختلف ما بين القروض المنفذة من خلال التعاقدات المبرمة مع الجهات الوسيطة أو القروض المباشرة المنفذة من خلال الإقراض المباشر ، ومن أهم أسباب تعثر المشروعات المنفذة من خلال الإقراض المباشر هو عدم التزام أصحاب تلك المشروعات بجميع الاتفاقات والمفاوضات التى تمت معهم لحثهم وتشجيعهم على السداد .