حذرت وزارة التعليم العالى أخيرا من انتشار المعاهد الوهمية التى تجتذب الطلاب من خريجى التعليم العام والفنى باغراءات إعطاء شهادات عليا ومنها بكالوريوس الهندسة أو التجارة أو السياحة وغيرها . وحددت الوزارة ستة معاهد فقط ،مؤكدة أن هذه المنشآت لاتعطى شهادات معتمدة،بينما تثبت الحقيقة والواقع أن هناك العشرات من المعاهد الوهمية تحت غطاء رسمى ومسميات كثيرة فماهى إلا بوتيكات لمنح شهادات وهمية أيضا بينما تقف الوزارة عاجزة أمامها من سنين طويلة لعدم وجود منظومة تحد من هذه الظاهرة التجارية والتى تهدف لتحقيق أرباح خيالية تحت شعارات كبيرة وهمية أيضا . بداية يؤكد سيد أبو العطا رئيس قطاع التعليم العالى أن الوزارة اكتشفت فى المرحلة الأخيرة وجود إعلانات بالصحف اليومية وامتدت للجدران والاعلانات المرئية والمسموعة حتى الحوائط وغيرها، عن معاهد متميزة فى التعليم تقبل الطلاب فى أفضل مستويات التعلم وتعطى أعلى الشهادات ،وأنها لا تشترط المجموع أو نوع الشهادة سواء ثانوية عامة أوفنية أو غيرها ،وتستخدم مسميات مبهرة للطالب مثل ( الأكاديمية البحرية التجارية ) أو أكاديمية الشرق ،أو الدولية للنظم التعليمية ،والحاسبات والبترول واللغات وعلوم اللاسلكى وغيرها ، والغريب أنها فى أماكن راقية بالقاهرة والاسكندرية والشرقية ،وهى جميعا لا تتعدى منشأة أو حتى فيلا ،وتعلن أنها معهد تعليمى دون تقييم أو الحصول على تراخيص أساسية لمزاولة هذا النشاط ،وبهذا الأسلوب استقبلت أعدادا من الطلاب والذين دفعوا مبالغ عالية لها ، خاصة الطلاب الحاصلين على درجات أو شهادات لا تسمح لهم بالالتحاق بالكليات التى تقبل بمجموع عال،مما ينتج عنه إضاعة مستقبل هؤلاء الطلاب والنصب عليهم وضياع أموالهم أيضا،وهذا يتطلب من الطالب والوالد أن يتنبه لهذه العمليات من النصب ،وأن يلجآ للتقديم بالجامعات والمعاهد المصرية من خلال القناة الشرعية الوحيدة وهى مكتب التنسيق ،والذى يتم التعامل معه عن طريق البوابة الألكترونية لمكتب التنسيق ،أو الاتصال بوزارة التعليم العالى للتعرف على حقيقة أى منشأة تعلن عن نشاط تعليمي مشبوه . الضبطية وأضاف أن قطاع التعليم الخاص بالوزارة لديه سلطة الضبطية القضائية بما يمكنه من إغلاق مثل هذه المعاهد التى أغلق خمسة منها أخيرا، بعد أن ثبت عدم اعتمادها من الوزارة ،وذلك من خلال اللجنة المشكلة من قطاع التعليم الخاص ،ومدير عام التفيش بالوزارة والشئون القانونية ،حيث يدفع الطلاب مبالغ كبيرة فى مقابل الحصول على شهادات ورقية غير معتمدة من الوزارة وينتهى الحال بأن يصطدم الطالب بالكارثة فى النهاية ،حيث اكتشفت آلاف الحالات نتيجة تلاعب هذه الفئة المستغلة لفكرة الشهادة الجامعية دون أن يدرك المواطن البسيط أن هذه المعاهد لاتتعدى فكرة مركز التدريب ذات أسماء براقة ، وتعطى شهادة ورقية ولكن غير علمية . ويحذر الدكتور أحمد فرحات المشرف العام على تنسيق القبول فى الجامعات لهذا العام من خطورة المراكز التعليمية الوهمية التي. ترفع شعار تبعيتها لإحدى الجامعات أو التعاون معها لأن الجامعات بها كليات فقط ،وهذا ما أتاح لوزارة التعليم العالى كشف عدد من تلاعبات هذه المنشآت ،وتحديد خمسة معاهد منها فى أغسطس الماضى وإغلاقها من خلال لجنة الضبطية القضائية، ولكن وجودها وغيرها يؤكد ضرورة الحسم ومواجهة المشكلة من الجذور، وتشديد العقوبات على أصحابها الذين يتربحون منها ملايين الجنيهات مع وجود تساهل فى متابعتها منذ سنين فبعضها يتحايل بإعطاء شهادة تدريب تحمل اسم أى جامعة وبطريقة شبه مقنعة للطالب ووالده،متسائلا : لو أن هناك تشريعا وعقابا رادعا وحاسما هل سيحدث ذلك؟ فالعقاب يجب أن يكون بالمصادرة للمبنى أو الحبس المشدد لصاحب المنشأة ، ذلك لأن التلاعب فى التعليم يمثل تلاعبا فى مستقبل البلد وأمنها القومى ،وأن وزارة التعليم العالى مطالبة بعمل حملة توعية دائما حول القبول بالمعاهد الرسمية والخاصة الملتزمة والمعترف بها لأن النصاب يكون مقنعا أحيانا ،وأن المعاهد المعترف بها موجودة فى توزيعات مكتب التنسيق وتخضع بالفعل لإشرافها. ويرى عميد أحد المعاهد الهندسية الخاصة وهو مسئول سابق بجامعة القاهرة، أن لعبة المعاهد الوهمية جاءت نتيجة وجود أعداد كبيرة من الطلاب الذين لايسمح مجموعهم بدخول الجامعات أوحتى المعاهد المتميزة ولهم واسرهم طموح دخول أى كلية فيكون الطالب أشبه بالغريق الذى يريد أى شيء حتى لوكان وهميا ويجد ضالته فى اسم معهد النصب خاصة من النوعية التى ترفع شعار الأكاديمية ،وساعد فى ذلك بعض العاملين بالجامعات على اعتبار أن الطالب لن يجد عملا فى النهاية ولن تنكشف حقيقة شهادته ويحتاج أن يدفع رشوة للإعتراف بها فى مصلحته أوعمله واستمرت هذه الظاهرة لسنين دون مواجهة من الدولة ،ولمصحلة المتاجرين باسم التعليم، ولعل من أسباب هذه الظاهرة أيضا وجود أعداد كبيرة من المعاهد الهندسية المنتشرة دون حساب أو نظام فى الأقاليم حتى أن إحدى المحافظات بها ستة معاهد للهندسة، وتخرج هذه المعاهد نحو ثلاثين ألف طالب سنويا ،ينضمون لسوق العمل ووسط هذا الكم الهائل يصعب التحكم فى ضبط المعاهد المتسربة أوغير المعترف بها ،فلا تعرف هل هى معترف بها أم لا، والخطورة أن كل هذه المعاهد وغيرها بأى مستوى تتساوى مع شهادة كلية الهندسة بجامعة القاهرة العريقة أو الأسكندرية وعين شمس، والتى تخضع لمعايير علمية وعالمية ثابتة، ليختلط فى السوق كل الخريجين العاطل بالباطل، والكل يحصل على لقب مهندس وعضوية نقابة المهندسين، حتى الحاصلين على دبلوم فنى يقبلون بالهندسة وغالبا لايؤهلهم مستواهم التعليمى لدخوله، وتجرى معادلة للدخول وتكون نتيجتها نحو 5% فقط من المتقدمين، وتكون هناك صعوبات فى الاستمرار لأن الطالب الفنى لم يؤهل فى مواد كثيرة جيدا، خاصة المقررة فى الثانوى العام مثل العلوم الأساسية والرياضيات، فى حين أن سوق العمل فى حاجة أكثر للفنى المتمرس وتعطيه ضعف راتب المهندس، وهذه أشكال أخرى مختلفة من أوجه التعليم المساعدة على التعليم الوهمى المقنن - للأسف.والذى يجرى وراءه الطلاب للحصول على مؤهل عال يضيع وقتهم وأعمارهم . إعادة النظر وأضاف أننا نحتاج إعادة النظر فى افتتاح أو التوسع فى المعاهد بأنواعها وأن تكون هناك معاملة خاصة لإخضاعها للرقابة الصارمة، فقد كان أول معهد خاص فى مصر هو معهد هندسة العاشر من رمضان منذ نحو 25 عاما، أما أول جامعة خاصة فهى مودرن أكاديمى منذ عشرين عاما، وكان التعليم الخاص يخضع لمعايير عالية من الجودة، ثم توسعت الجامعات بنظام الاستثمار والربح من خلال رجال الأعمال، فى الوقت الذى زادت فيه أعداد طلاب الثانوية العامة وتضاعفوا فى عدة سنوات مع عجز الدولة عن توفير جامعات جديدة، فكانت كل انجازاتها هو تحويل الفروع إلى جامعات جديدة، بما يؤكدعدم توفير توسعات حقيقية مواكبة لزيادة السكان والطلاب وهذه هى أهم أسباب الأزمة الحقيقية فى التعليم العالى المصري، وكانت الفرصة فى ظهور جامعات كثيرة خاصة ومعاهد مضاعفة لدرجة يصعب فيها تحديد الجاد منها وغير الجاد ،فالطالب الذى يحلم بكلية الهندسة ولا يسمح مجموعه بذلك يجد فرصته فى أى إعلان عن تعليم هندسى فى الوقت الذى يدرك فيه المنحرفون هذا الحلم فيجعلونه فى إعلانات براقة ومقنعة ويصبح الطالب صيدا سهلا تحت أى مسمى فالجامعات الخاصة أصبحت تقبل بمجاميع لا تقل كثيرا عن الحكومية فلا يكون أمام الطالب الذى تقل درجته عن أى منهما إلا البحث عن الطموح الوهمى آملا وتحت وعد من اصحاب المشروع بأن المعهد سيحصل على المعادلة قريبا وقبل نهاية فترة البكالوريوس،ويظل الطالب على أمل حتى تأتيه الصدمة،ويظل ينتظر بلا نهاية أن تأتى المعادلة . أمين معمل وفى تجربة مريرة يرويها مصطفى مجد أمين معمل بمدرسة صناعية بكفر الشيخ أنه وشقيقه حصلا على شهادة الثانوية الصناعية وسمعنامنذ سبع سنوات عن معهد يؤهل للحصول على شهادة عليا فى مدينة طنطا فالتحقا به وظلا يسافران مرتين أسبوعيا ،وبعد عامين عقد امتحان بالمعهد للسنة الثانية وطلب منهما مبلغا مضاعفا وظلا يدفعان حتى انتهت الدراسة ،وحصلا على شهادة عليا وتقدما بهما للعمل بوظيفة مدرس بالمدرسة ولكن شئون العاملين رفضت لأن المعهد ليس إلا مركز تدريب غيرمعترف به من جانب الدولة.وشكونا كثيرا بلا جدوى . وحول جذور مشكلة المعاهد الوهمية يقول الدكتور مغاورى شحاتة رئيس جامعة المنوفية سابقا وعضو المجلس الأعلى للجامعات إن قانون تنظيم المعاهد الخاصة بمستوياتها العالى والمتوسط صدر فى عام1972 ،ثم صدرت بعده تعديلات كثيرة لسد الثغرات التى استغلها المتاجرون بالتعليم،والذين مازالوا يصرون على جعل المعاهد مجرد بوتيكات أوسوبر ماركت يبيع كل ماتحتاجه أوتريده فى مقابل المال ،يشترط أساسا أن يتقدم المستثمر لإنشاء المعهد الخاص من خلال جمعية أهلية يكون من أهدافها النشاط التعليمى ومن خلالها يتقدم لإنشاء المعهد فى المجالات المحددة مثل الحاسبات والمعلومات وإدارة الأعمال ،ثم جاءت معاهد التمريض ،وهندسة وتكنولوجيا ،وبعدها الفنون التطبيقية ،وهى جميعا ملزمة بأن تكون لوائحها وفق الكليات المناظرة ،وأن توفر مبنى مناسبا للدراسة سواء ملكا أومؤجرا ،ونتيجة للتلاعبات التى حدثت فى السابق والعمليات الارتجالية بدأت وزارة التعليم العالى منذ نحو ست سنوات طرح شروط جديدة لإقامة المعاهد،ومجالات جديدة مثل معاهد إدارة المنشأة الصناعية والهندسة والتكنولوجيا فى الأولويات طبقا لاحتياجات السوق واشترطت أن تكون مساحة المعهد الواحد لا تقل عن خمسة آلاف متر مربع وتقديم رسم هندسى للمبنى التعليمى حسب مواصفات التخصص،وأصبحت هذه المعاهد مع كثير من التلاعب متاجرللمكاسب وليس للنهوض بالأجيال مما أغرى غيرهم ممن ليس لديهم كل الامكانات بعمل معاهد مناظرة على الورق فقط ،وتطور الحال إلى أن بعض المراكز التدريبية أصبحت تعطى شهادات باسم اكاديمية وتعطى بعضها دراسات عليا ودبلومة وغيرها . التحايلات وأضاف رئيس جامعة المنوفية السابق أن المشكلة الأكبر فى التحايلات والتعليم الوهمى أصبحت تتجه من خلال المراكز ذات الطابع الخاص بالجامعات وعملها تدريبى وخاص فيستغلها البعض بالانتساب إليها بالتعاقد ويحصل على شهادة معتمدة منها باسم الجامعة فكأن الحاصل عليها خريج هذه الجامعة العريقة مثل القاهرة وعين شمس والاسكندرية وحتى جامعة طنطا منذ سنين وعلى كل رأس كل ذلك نظام التعليم المفتوح ، فمراكز الجامعة هدفها تحقيق ربح للجامعة ويهمها التعامل بالدرجة الأولى مع أى جهة توفر لها أرباحا خاصة وأن 85 % من عائدها يكون للعاملين فيها وحدهم ،ويحدث أن يأتى محام ويفتح شقة بعنوان معهد ويتعاقد مع مركز الطابع الخاص لتدريب الطلاب على الكمبيوتر مثلا أوغيره بهدف إعطاء الشرعية لعمله ويدفع نسبة للجامعة ليأخذ اسمها على شهادة رسمية ،ولا تستطيع وزارة التعليم العالى ان تتخذ أى اجراء أمام هذا التلاعب ،بل إن الأخطر من ذلك أنه حتى المعاهد المهنية مثل الجامعة العمالية وهى خاصة مدت نشاطها التعليمى إلى درجة البكالوريوس فى الهندسة بدلا من دبلوم السنتين ،وزادت ليحصل الطالب على الماجستير والدكتوراه المهنية،وهناك مايسمى مركز الدراسات ببعض الجامعات يعطى الدبلومة المهنية من خلال نسبة يأخذها على كل زبون يحضره للدراسة به تحت عنوان معهد خاص باسم المحامى أو أى شخص ،ويستطيع الدارس فيها الحصول على أعلى شهادات الدرجات العلمية ربما فى عام واحد تحت مسمى المهنية . فالجامعات - للأسف أصبحت هى الأخرى تتكالب على التعامل مع المكاتب أوالمعاهد الوهمية لتدخل الحلقة المشبوهة فالمراكز بالجامعات أصبحت ستارا قانونيا لهذه المعاهد الوهمية ،وهذه كلها ألاعيب تهدم المستوى العام التعليمى فى مصر ،وأصبحت العملية من كل جانب خارج سيطرة الدولة وتمددت فى أنحاء البلد ،وهذا ماجعل الدولة تفكر فى اصدار قانون موحد للتعليم العالى فى مصر يشمل كل الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والمعاهد العليا بحيث يكون هناك توحيد للنظام التعليمى وحسب خطة الدولة ،والزام الخاصة والأهلية بأن تكون غير هادفة للربح وأن تلتزم بوجود 20 % من كوادرها الأساسيين المعينين بها ووفق شروط اقامتها .وهو الشرط الذى لا تلتزم به معظم الجامعات والمعاهد الخاصة حاليا توفيرا للرواتب . الشهادة الأجنبية وقال إن التلاعب الآخر من المعاهد المستجدة أنها ترفع شعار شهادة أوجامعة أجنبية مثل عنوان أميركا يونيفرستى أو أكسفورد أكاديمى وغيرها الكثير الذى يرتبط بشهادات دول أجنبية دون السفر إليها وتحت شعار شهادة مشتركة مدعية أنها تؤهل للعمل بالخارج أى أنها مؤسسة دولية ،وبلغ بهذه المؤسسات أوالمعاهد أنها لاتكتفى بمنح البكالوريوس بل أصبحت تمنح الماجستير والدكتوراه فى زمن قياسى بمبالغ شبيهة بالنسبة لما تكلفه الدراسة العلمية فى جامعات مصر،وليكتسب الشخص كلمة دكتور وليتميز وظيفيا على الناس أو الزملاء وهذا يذكرنا بما كان يحدث من قبل عندما كان الشخص يذهب إلى دولة رومانيا ويعود حاملا شهادة الدكتوراه بعد27 يوما ،فهذه المعاهد أشبه بالبوتيكات توفر لك لبن العصفور إن شئت وأى شئ مستحيل فى أبعد الأماكن وأنت جالس فى مكتبك بل تتولى حل الأسئلة لك أو توفير المادة العلمية التى تمنحك أعلى الشهادات ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله والذى لا يهمه تقدم بلدك أو أبنائه فى شئ.فصاحب المعهد هنا لا يتعدى كونه مقاول أنفار دخله حسب الرءوس التى عنده.