تزامن قرار استدعاء سفيرنا في دمشق لأجل غير مسمي تقريبا مع إعلان الوحدة بين مصر وسوريا في22 فبراير..1958 فخلال تلك الفترة الطويلة تغيرت امور كثيرة في العلاقات بين البلدين اللذين كونا أول اتحاد في التاريخ العربي الحديث. ولولا اختلاف التوجهات والطموحات بين القاهرةودمشق, لربما كانت الوحدة باقية حتي يومنا هذا, ولكنه حال العرب دوما, لا يبقون علي وحدة ويعشقون التشتت والانفصال. فالقرار اسعد بالتأكيد الشارع المصري الثائر والذي أصبح يرفض كل الأنظمة القمعية التي تمارس عملية القتل اليومي ضد شعوبها, ومن يتتبع التصريحات الصادرة من وزارة الخارجية خلال الأسبوع الفائت, لتوقع بسهولة قرب اتخاذ هذه الخطوة. وحسبما أكد الوزير مفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية, فإن القرار قد تدرج مع الأزمة السورية ولم يكن أمام مصر سوي هذه الخطوة. فالوضع في سوريا اقترب من نقطة اللاعودة, وهو ما حذرت منه مصر يهمها أولا مصلحة الشعب السوري.. وهنا تعيد الخارجية التأكيد علي الالتزام بنبض الشارع المصري. فثورة25 يناير انعكست إيجابا علي السياسة الخارجية المصرية التي طالبت بضرورة إحداث تغيير سلمي وحقيقي يستجيب لطموحات الشعب السوري ويحافظ علي وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية مع الرفض التام لاي تدخل عسكري. ومن هنا أدانت القاهرة مرارا الانتهاكات السورية ضد الشعب الأعزل والتصعيد المتواصل ضد المدنيين, وخصوصا في حمص مع دعوة النظام السوري الي الوقف الفوري للعنف ضد المدنيين. وكما ذكرنا, فان التعامل المصري كان متدرجا علي مدار الأزمة السورية, الي ان أعلنت الخارجية المصرية أن الوضع يتدهور بسرعة وأن الأمر لا يحتمل أي تأجيل وأن التغيير المطلوب قد حان وقته. وبينما يتألم كل عربي حر علي شقيقه السوري الذي يموت برصاص جيشه للأسف, خرجت حركة الديمقراطية الشعبية المصرية واللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية ببيان يدين كل من يدعو الي تحكيم العقل في سوريا, ولم يجد البيان الطويل جدا, نهاية سوي مقولة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصف فيها سوريا الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة ب قلب العروبة النابض. ولكن سوريا أصبحت الآن تنزف دما, رغم إدراكنا التام بأنها ستعود قلب العروبة النابض بعدما يتحرر شعبها من نظامها. المزيد من أعمدة محمد أمين المصري