على مدى يزيد عن عشرة أشهر خلال الفترة من نهاية أكتوبر 1972 وحتى مطلع أغسطس 1973 كانت تجرى تحت أقصى درجات السرية والجدية - مداولات ومشاورات بين العديد من الإدارات والهيئات العسكرية من أجل اختيار ساعة الصفر عندما يصدر القرار السياسى والتوجيه الاستراتيجى. والحقيقة أن اختيار يوم السادس من أكتوبر عام 1973 - العاشر من رمضان - الموافق يوم عيد الغفران فى إسرائيل كان عنوانا بارزا للتطور الهائل فى فكر القيادة العسكرية المصرية اعتمادا على العلم والبحث وبما يضمن أن توفر ساعة الصفر ظروفا ملائمة لمتطلبات الضربة المباغتة بالطيران والمدفعية وتغطية جحافل العبور على امتداد خط المواجهة لكى تستكمل المفاجأة التكتيكية والاستراتيجية كافة أبعادها خصوصا وأن كل المؤشرات الواردة من إسرائيل تستبعد تماما فكرة إقدام مصر على شن حرب ضدها خصوصا خلال شهر رمضان. وقد توافقت آراء هيئة العمليات وفرع المعلومات بالمخابرات الحربية وهيئة البحوث العسكرية على أن اليوم العاشر من رمضان يعنى بالحساب الفلكى ليلة مقمرة يتصاعد فيها ضوء الفجر فى الساعات الحاسمة التى تواكب التوقيت المقدر لبدء عبور المدرعات بعد الانتهاء من إنشاء الكبارى وفتح الثغرات فى الساتر الترابي. وقد تعزز هذا الرأى بما ورد من قيادة القوات البحرية بأنه فى مثل هذا اليوم «العاشر من رمضان» يكون معدل سرعة جريان المياه فى القناة ملائما للعبور سباحة أو بواسطة قوارب المطاط وأنه فى مثل هذا اليوم بحساباته البحرية والفلكية يمكن التوفيق بين وجهة النظر السورية الداعية إلى بدء الهجوم مع أول ضوء عند الفجر ووجهة النظر المصرية التى تفضل بدء الهجوم مع آخر ضوء بعد غروب الشمس... وهكذا ولد التوافق حول الساعة الثانية ظهرا بعد جهود مضنية بذلها اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات المصرية مع القيادة العسكرية السورية وحظيت بموافقة الرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد لمراعاة ظروف الجبهتين المصرية والسورية تحت أدق الحسابات العسكرية والعلمية والسياسية والنفسية فى ظل غطاء من الخداع الاستراتيجى والتكتيكى البارع لتضليل إسرائيل وأمريكا وعدم تمكينهم من فهم نية الهجوم المصرى والسورى المشترك.. وغدا نواصل الحديث.. http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله