يتوجه الناخبون التونسيون إلى مراكز الاقتراع غدا لانتخاب برلمان جديد من 217 عضوًا، هو الأول بعد إقرار دستور الجمهورية الثانية، وقد بدأ الناخبون بالخارج فى الإدلاء بأصواتهم اعتبارا من صباح أمس فى ست دوائر انتخابية يمثلها 18 مقعدا. واختتمت الأحزاب الكبرى حملاتها الانتخابية مساء أمس فى شارع «الحبيب بورقيبة» بوسط العاصمة، بما فى ذلك حزب النهضة الإسلامى الحداثى برئاسة راشد الغنوشى الذى نظم مؤتمرا جماهيريا حاشدا، لكن أنظار التونسيين ظلت مشدودة حتى منتصف نهار أمس ترقب مصير حصار قوات الأمن لاثنين من العناصر الإرهابية المسلحة تحصنا قبل نحو أربع وعشرين ساعة فى منزل قرب العاصمة بمنطقة «وادى الليل» ومعهما خمس نساء وطفلان. ودهمت القوات أخيرا المنزل، وأسفرت عملية الاقتحام عن مقتل إرهابى والقبض على آخر ، فضلا عن مقتل النساء الخمس وإصابة الطفلين، علما بأن شرطى كان قد استشهد برصاص الإرهابيين فى بداية العملية أمس الأول. وتصدرت أنباء عودة شبح الإرهاب إلى تونس عشية الانتخابات عناوين كبريات الصحف الصادرة أمس فى تونس، وجاء العنوان الرئيسى لصحيفة «الشروق» الأكثر توزيعا: «الإرهابيون يرفضون الاستسلام»، وحمل العنوان الرئيسى لصحيفة «المغرب» الأوفر مصداقية بين النخب، حيث جاء:»الإرهاب لن يفسد الانتخابات»، وكان بيان لوزارة الداخلية قد صدر الليلة قبل الماضية بإغلاق المعبرين الحدوديين مع ليبيا فى «رأس جدير» و»الذهيبة» لمدة ثلاثة أيام باستثناء البعثات الدبلوماسية والحالات الخاصة المستعجلة . وقال الدكتور سامى براهم, الخبير فى شئون الإسلام السياسى ل «الأهرام»، إن ماجرى فى «وادى الليل» هو جانب من عمليات استباقية يشنها الأمن لتأمين العملية الانتخابية، وتدخل فى سياق استباق شن عمليات إرهابية لتعكير صفو الانتخابات وإجهاضها. وتوقع أن تسفر تطورات الساعات الأخيرة على الصعيد الأمنى عن إقبال أكبر للناخبين على التصويت، قائلا: «العمليات الاستباقية حملت رسالة طمأنة مفادها أن أجهزة الأمن على أتم استعداد للانتخابات». وأضاف براهم أن المجموعات السلفية الجهادية التى تتبنى الإرهاب فى تونس وأطلقت تهديداتها قبل الانتخابات التشريعية هى جزء من «جهاد معولم» وهى عرضة للاختراق من بقايا نظام الديكتاتور زين العابدين بن على أو أجهزة مخابرات أجنبية، وأكد أن التيار الجهادى السلفى يعتبر نجاح الانتخابات فى أى دولة ضد مشروعه العقائدى. ومن جانب آخر، حملت جريدة «الفجر» الناطقة باسم حزب حركة النهضة فى عددها الصادر أمس إشارة تفيد بأن واشنطن لا تمانع فى عودة الحزب إلى الحكم، ونقلت الجريدة عن رضوان المصمودى مؤسس «مركز دراسات الإسلام والديمقراطية» فى الولاياتالمتحدة قوله إن «واشنطن فهمت أنه لا يمكن بناء نظام ديمقراطى دون الإسلاميين لأنهم يمثلون جزءا كبيرا فى مجتمعاتهم». وأضاف: «هناك صراع بين شقين فى الولاياتالمتحدة، الأول وهو الغالب يدعم مشاركة الإسلاميين والقبول بالديمقراطية، والثانى يرفض الديمقراطية خوفا من قدوم قوى معادية لأمريكا فى السلطة»، وقال أيضا: «أمريكا والاتحاد الأوروبى يعرفون أن نجاح تونس يعطى أملا للمنطقة كلها، أما فى حال فشلت التجربة فستدخل المنطقة فى مرحلة خطيرة من العنف والتطرف». ومن ناحية أخرى، استقبل مهدى جمعة رئيس الحكومة التونسية مساء أمس الأول ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية ومن المجتمع المدنى الدولى الذين يقومون بمراقبة سير الانتخابات التشريعية والرئاسية فى تونس. وأفاد بيان صادر عن رئاسة الحكومة أن رئيس الحكومة مهدى جمعة شدد للمراقبين الدوليين للانتخابات على دورهم المهم فى مراقبة العملية الانتخابية فى جميع مراحلها، مؤكدا أهمية الانتخابات المقبلة للمرور بتونس إلى مرحلة الاستقرار السياسى وبناء الديمقراطية الناشئة لتكون مثالا يحتذى فى المنطقة، مشددا على إصرار الحكومة الحالية على إنجاح هذا المسار. وعبر ممثلو المنظمات الدولية والإقليمية خلال اللقاء عن ارتياحهم لسير العملية الانتخابية، ولما وفرته الحكومة التونسية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات من دعم وتسهيلات لأداء مهامها.