هل وصل الجنون بالقيادات الامريكية لدرجة لايمكن التكهن بها؟لماذا تتحدث الآن عن احتمال الاشتباك مع الصين، بل تجرى بالفعل تدريبات بحرية لمواجهة أى نزاع مسلح معها؟نعم حرب مع الصين وليس عدوتها اللدود روسيا التى اشتبكت معها فى حروب باردة وحروب ساخنة بالنيابة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية..تتحدث عن ذلك وهى متورطة فى حروب وصراعات علنية وخفية حول العالم..وكان يكفيها حربها مع جماعات داعش الإرهابية بالعراق وسوريا، التى خشت أن تواجهها وحدها، فجمعت عشرات الدول لمساعدتها..كذلك حربها اللانهائية مع طالبان الإرهابية بأفغانستان، ونزاعها مع روسيا حول اوكرانيا. التدريبات البحرية تجريها أمريكا الآن عند شواطئ جوام بالمحيط الهندى على حاملة الطائرات «يو اس اس جورج واشنطن»، ويطلق عليها البنتاجون «معركة الجو والبحر»..هى خطة يتم الإعداد لها منذ 2009، لكنها تثير كثيرا من القلق داخل أمريكا نفسها، ويعتبرونها مؤشرا «لدخان أسود» فلماذا التدريبات الاستفزازية للصين الآن، ولماذا الحرب معها؟أليست الصين. هى التى تبعث برسائل طمأنينة دائما، وتؤكد أن شعارهاالسياسى هو «الصعود السلمى»، وأن قوتها العسكرية لاتشكل تهديدا لأحد؟!..هل تغير شيء ما منذ تولى رئيسها الجديد تشى جينج بنج العام الماضي؟صحيح أن له مزاعم خارج أراضيه، وأن سفنه تجوب حول جزر تسيطر عليها اليابان، وأنه ينفق المليارات فى بناء جزر جديدة فى بحر الصين الجنوبى، ولكن ما أزعج أمريكا أكثر هو تقرير من الكونجرس الأمريكى سيعلن عنه الشهر المقبل..يشير إلى أن عملية البناء العسكرى الإستراتيجى والتقليدى المستمرة بشكل مزعج منذ عقود بالصين تحدث خللا فى ميزان القوى بآسيا لحساب بكين..بالتالى فإنه يصعد من مخاطر النزاع وسوء التقدير للحسابات الأمنية..ويرى التقرير الذى نشر على موقع «ذا بيزينس إنسايدر» أن الصين تتبنى مواقف معادية من أمريكا وحلفائها الإقليميين فى اسيا، وأنها تعتبر الولاياتالمتحدة خصمها الرئيسى برغم ما بينهما من روابط تجارية ومالية ضخمة..كما يعرض التقرير الذى أعدته اللجنة الخاصة بالعلاقات الامريكيةالصينية صورة مخيفة لما سماه بعدوانية الصين المتزايدة، وقوتها الجوية والبحرية المتنامية..ويستعرض بالتفاصيل الكاملة ما تملكه بكين من أسلحة متطورة ذات تكنولوجيا عالية، بما فيها من طائرات الشبح ومجموعة المركبات البرمائية التى نشرتها بالمحيط الهادى لأول مرة وغيرها..ومع حدوث هذا الخلل فى الميزان العسكرى ستشتعل التوترات فى المناطق الاقليمية الساخنة مثل تايوان والكوريتين وبحر الصين الشرقى والجنوبى..وهنا ستفقد أمريكا قدرتها على منع النزاعات الإقليمية أو الدفاع عن حلفائها أو الحفاظ على ممرات جوية وبحرية مفتوحة، خاصة أن بحريتها تتدهور، وتعترف بنفسها بأنها لم تعد قادرة على الحاق الهزيمة بالصين فى أى نزاع محتمل. ربما ينطوى التقرير على مبالغات وقصور فى المعلومات الدقيقة..وفى أغلب الظن أنه يستهدف التحفيز لزيادة الإنفاق العسكرى الأمريكى ودعوة البنتاجون لإجراء مزيد من الدراسات وجمع مزيد من المعلومات عن القوة العسكرية للصين..وقد يكون هذا هو نفس ما طالب به التقرير السنوى للكونجرس طوال عدة أعوام سابقة..ولكن لم تتعلم واشنطن درسا واحدا وهو ان الصين تنمو وتبنى قوتها العسكرية بحكمة وهدوء وصمت، بينما تستهلك أمريكا جميع طاقاتها وقدراتها العسكرية والاقتصادية فى مغامرات فاشلة يدفع ثمنها الشعب الأمريكى والعالم كله. لمزيد من مقالات سلوي حبيب