عند الحديث عن مسيرة صفحة "الفكر الديني" بالأهرام لابد أن نتوقف طويلا أمام التجربة الرائدة للكاتب الصحفى الكبير سعيد حلوى مدير، تحرير الأهرام ورئيس القسم الدينى وعضو مجلس الإدارة السابق, الذى رحل عن دنيانا، أمس، والذى منح عمره كاملا لهذه الصفحة وقدم لها الكثير, وشهدت على يديه طفرة غير مسبوقة فى مناقشة القضايا الإسلامية بطرح العديد من القضايا للنقاش فى تحقيقات صحفية حول الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء وحوارات مع شخصيات إسلامية وعربية مؤثرة, وقضايا المرأة التى نالت نصيبا وافرا من كتاباته, سواء مدافعا عن حقوقها التى أقرها لها الإسلام, أو مطالبا إياها بأداء حقوق الأبناء والمجتمع. ونحن اليوم إذا ننعى للقراء سعيد حلوى الذى يعد أحد رواد الصحافة الدينية فى مصر والعالم الإسلامي، والذى تميز بدماثة الخلق والتواضع الشديد والإخلاص لمهنة الصحافة وللدعوة الإسلامية والبحث عما هو جديد ومفيد للإسلام والمسلمين. فإننا نتوقف أمام التجربة الرائدة فى ملحق “ أنوار رمضان” والذى كانت وما زالت تتفرد به الأهرام عن غيرها من الصحف العربية والإسلامية، والمسابقة الدينية التى ينظمها القسم الدينى سنويا ويقدم خلالها 100 رحلة عمرة هدية لقراء الأهرام يجرى توزيعها فى قرعة علنية بحضور رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الأهرام وقيادات المؤسسة فى تقليد سنوى أصبح معلما من معالم الشهر الكريم. وفضلا عن كل ذلك جعل سعيد حلوى من مقاله الأسبوعى “روح العصر” منبرا للوعظ والإرشاد وتصحيح السلوكيات الخاطئة وإصلاح القلوب فلم يتوقف عن إثارة قضايا كثيرة، وكان يركز على جوانب الشخصية المسلمة كما يجب أن تكون، وفقه العبادات وموضوعات الحياة اليومية التى تشغل بال الكثير من المسلمين. وكان رحمه الله نموذجا للمسلم المستنير الذى يتخذ الوسطية منهجا فى معالجة كل الأمور التى تظهر على الساحة, كما كان رحمه الله تعالى أبا ومعلما للعديد من الأجيال التى تربت على يديه وتعلمت الصحافة الدينية من خلال رؤيته التى كان يقدمها لكل من يعمل معه, ومازالت حتى اليوم كتابات أستاذنا سعيد حلوى يستفيد منها كبار الكتاب والباحثون فهو بحق كان رائدا للصحافة الدينية بعلمه وفكره المستنير. وكان رحمة الله عليه يحرص على تقليد تعود عليه, وهو فتح باب مكتبه لمقابلة القراء سواء كانوا طالبين للتعارف والمناقشة حول ما يكتبه, أو طالبين مساعدته فى مشكلة اجتماعية, أو الحصول على رأى شرعي, ولم يبخل يوما عن تقديم المساعدة لأى من العاملين بالقطاع الدينى بالأزهر والأوقاف وجامعة الأزهر سواء من عرف منهم أو لم يعرف. ونحن إذ ننعى اليوم كاتبنا وأستاذنا الراحل سعيد حلوي، الذى ندعو له بالرحمة والمغفرة, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل له نصيبا من حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية, وعلم ينتفع به, وولد صالح يدعو له” نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله فقد كان من أهل الخير وعمار المساجد. وترك من الصحفيين ب”الأهرام” من تعلموا على يديه وقادوا مسيرة الفكر الدينى بجريدة الأهرام من بعده سائرين على دربه منتفعين بعلمه, فجزاه الله عنا خير الجزاء.