على مدى السنوات القليلة الماضية كنت أكتب عقب عيد الاضحى عما يحدث فى أحد أهم شوارع مدينة نصر الرئيسية، وهو شارع مكرم عبيد يوم الاضحية وما قبله وما بعده، حيث يوجد بالشارع قرب تقاطعه مع شارع مصطفى النحاس جزارتان كبيرتان شهيرتان، يقوم كل منهما مع اقتراب العيد بإقامة شادر كبير يحتلان بهما رصيفى الشارع الكبيرين، تعرض فيها العجول والخراف، فلا مكان لبشر أن يسير فى الوقت الذى يتوقف فيه المرور تقريبا فى نهر الشارع بسبب سيارات الزبائن التى تعاين وتتفق! ويجرى الذبح بالشارع المهم يوم الاضحية وما قبله وبعده، وتسيل الدماء المختلطة بالمياه فى الشارع أنهارا، ويجلس بمنتصف الشارع وعلى الناحية المقابلة للجزارتين سيدات يغلين المياه ويقمن بالتعامل مع رءوس الذبائح وأرجلها وأحشيتها وتنظيفها واعدادها للزبائن، ويسود الشارع رائحة قذرة خاصة مع تراكم القمامة على الصفين وفى الشوارع المتفرعة بسبب أجازة العيد لعمال النظافة، ولاتجد مسئولا واحدا فى أى مكان يمكن أن تشكو إليه، لانه إما فى الحج أو الاجازة الرسمية، وكل سنة وانت طيب، وربما يفكرون فى وضع لافتة على مكاتبهم المغلقة أو اسطوانة مسجلة ترد على تليفونات الشاكين تقول «اخبط رأسك فى أقرب حائط لك». هذا المشهد الهمجى غير المتحضر يحدث منذ سنوات فى أحد أهم الشوارع والمحاور المرورية بحى مدينة نصر الذى كان يعد فى زمن مضى حيا راقيا، أنا أعرف أنه قد اختفى من القاهرة الكبرى منذ سنوات الحى الذى يمكن ان يوصف بالحى الراقى بعد أن هجر أحياء القاهرة العريقة الحديثة أهل السلطة والثروة، واستوطنوا منتجعات يعرفونها بلغة الاجانب «كومبوندز» تفصلهم عن عامة الشعب أسوار عالية تحرسها الكلاب ورجال الامن، وتركوا الأحياء لعموم الناس وبالتالى لم تعد تشغل بال المسئولين المحليين كثيرا حتى تساوت كلها فى الاهمال والقذارة والعشوائية. اننى أكتب هذه المرة قبل وقوع الواقعة يوم الاضحية، وأنبه محافظ القاهرة ورئيس حى مدينة نصر ومعاونيه إلى خطورة تجاهل الأمر هذه المرة، وأدعو السيدة وزيرة البيئة أيضا إلى ارسال مندوبين عنها لمعاينة الواقع المزرى الذى تعايشنا معه سنين، وأدعو كذلك شرطة المرافق والمرور، ومأمورى الاقسام للنزول إلى الشارع، ولنرى مواقف الجميع التى يشكك سكان الحى فيها بإدعاء وجود مصالح متبادلة، كما أدعو أصحاب برامج الليل الحوارية لارسال مندوبيهم للمنطقة لتوثيق مايحدث بالصوت والصورة، ولن أتنازل عن رفع دعوى ضد المسئولين إذا حدث فى الشارع ما كان يجرى فى السنوات السابقة بعد هذا البلاغ العاجل. د. طارق الغزالى حرب