تحكمنا في مصر دون غيرها عقدة "الطبيب الشهير"، فعندما يصاب أحدنا بأي مرض يتعلق بالقلب أو العين أو المخ أو غيره من الأمراض يبدأ رحلة البحث عن الشفاء، ولكن يجب أن يكون علي يد أشهر أو أكبر طبيب في البلد. الرحلة تبدأ بالاتصال بعيادة الطبيب الشهير وبعد عدة محاولات فاشلة فالتليفون مشغول دائما أو لا أحد يجيبك وأخيرا يأتي الرد محبطا فالطبيب لدية قائمة انتظار طويلة وتستطيع الحجز لديه بعد ثلاثة شهور أو أكثر، وعند موافقته يتم تحديد الموعد بالساعة والدقيقة والثانية، باعتبار أن المريض يستطيع التحكم في ظروفه بعد سنة أو أقل،وهل سيكون مازال علي قيد الحياة أصلا أم أن المرض سيكون قد أخذ أجله ليلقي ربه قبل أن يلقي الطبيب الشهير في عيادته . تبدأ بعدها رحلة البحث عن واسطة، لذلك الطبيب من جميع دائرة معارفك وأصدقاؤك والتي يمكن أن تقرب الموعد ليكون بعد شهر بدلا من ثلاثة ،أو تكون واسطتك شخصية كبيرة في الدولة، تجعلك تذهب للطبيب في نفس اليوم . لو كتبت لك الحياة وذهبت للطبيب الشهير في موعدك في نفس اليوم أو بعد ثلاثة شهور ستجد أنه لا فرق بين المواطن الذي جاء بكارت توصية أو المواطن الصالح الذي أنتظر دوره وجاء في الموعد المحدد، ستجدها "فوضي" فعشرات المرضي داخل العيادة والأكثر منهم خارجها في انتظار لقاء الطبيب،وبعضهم حجز منذ يومين يزاحم الحاجز من شهور، أما الممرض فهو الحاكم بأمره ولك الويل لو كررت سؤال " متي سأدخل " أو عكرت مزاجه قد يصل عقابك لعدم الدخول نهائيا وتبدأ "الجيم" من أول مرحلة . عندما يحين موعدك في الساعات الأولي من صباح اليوم التالي بعد طول انتظار بدأ من الساعة السادسة مساء ، يتم دخولك حجرة الطبيب الشهير ولكن تجد بداخلها طبيب شاب يسألك عدة أسئلة سريعة ثم يتركك للحظات ثم تبدأ مرحلة مقابلة "الوحش" أو الطبيب الكبير، فتجده يشخص الحالة ويعطيك العلاج في فترة لا تتجاوز دقيقة واحدة، وعندما تتجرأ وتستفسر عن مرضك تجده قد تحول لكائن عصبي جدا، ويكاد يلقي بك من نافذة العيادة، أو يخبرك بهدوء و بابتسامة صفراء أن وقتك أنتهي، ويمكن سؤال الطبيب المساعد عن كل ما تريد . أسطورة أو أكذوبة العلاج عن الطبيب الشهير أو الكبير في تخصصه نحن نصنعها ونكتوي بها في نفس الوقت متناسين أن أغلب هؤلاء الأطباء تجاوز السبعين وبالتالي، قدرته الصحية قد قلت وأيضا أعصابه لم تعد بنفس القوة، فلن يكون متحكما بها في إجراء أي عملية جراحية، وقد نبهني أحد الأصدقاء أن الطبيب في الخارج لا يجري أي عملية جراحية بعد تجاوزه الخامسة والستين عاما ، وهناك نماذج نعيشها بأنفسنا في مصر،لم تعالج بالطريقة تضمن الشفاء علي يد «الطبيب الشهير» ، بينما قد يكون طبيبا شابا ولديه خبرات علمية حديثة فالعلم يتطور يوميا، وأساليب العلاج والجراحة تتطور أيضا وهذا لن يكون متوفرا لدي الطبيب الشهير، والذي تفرغ لجمع المال، ليلا ونهارا اعتمادا علي شهرته . كفانا صنعا للأصنام والمشاهير من ورق فابتسامة الطبيب وتعامله الطيب مع المريض هو بلسم الشفاء أما البهدلة في رحلة البحث عن الطبيب الشهير قد تفقد خلالها أو بعدها حياتك الباقية .