مدينة ناطحات السحاب, مدينة الاضاءة, مدينة السحر والجمال.. ألقاب كثيرة أطلقت على نيويورك, هذه المدينةالأمريكية التي لا تنام التي برعت هوليوود في تصويرها, فهي تعرف كيف تُدخل زائرها في لعبة الوقت ليضيع وسط عالمها الساحر, أجمع العالم أنها تمثل قمة القوة الأمريكية الاقتصادية والعالمية. وتعد الرمز الأول للولايات المتحدة وأكثر مدنها شهرة وتأثيرا على مستوى العالم، حتى وإن لم تكن هي عاصمتها الرسمية, تقع شرق الولاياتالمتحدةالأمريكية عند مصب نهر هادسون في المحيط الأطلسي، وسط المسافة بين مدينتي واشنطن وبوسطن، وتطفو في بحيراتها الجزر وأهمها جزيرة مانهاتن. تشتهر بأسواقها بحيث غدت جنة للمتسوقين مما أدى إلى بروز القول المأثور "إذا لم تتمكن من إيجاد شيء في نيويورك، فمن المحتمل ألا وجود له أبدا". مؤخرا لفتت هذه المدينة أنظار العالم لإحتضانها قمة المناخ والدورة ال 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور ممثلي قرابة 200 دولة حول العالم كانت لمصر فيها حضورا بارزا, ولعل هذين الحدثين يعكسان مدي أهمية هذه المدينة, فمن الناحية الاقتصادية تتمتع الولاية باقتصاد هائل، فهي وحدها تمتلك أكثر من20% من السوق البنكية, ناهيك طبعا أن ميناء نيويورك الشهير يعتبر من أكبر الموانئ على مستوى العالم وأكثرها ازدحاما, بجانب مركز التجارة العالمي العملاق الذي تم استهدافه فى أحداث سبتمبر, ولكونها إحدى أهم مراكز التجارة والمال والأعمال في العالم تعتبر الأكثف من حيث عدد السكان، والأكثر استقطابا للسياح من مختلف بقاع الكرة الأرضية. ولا يقتصر دور نيويورك فى نشاطها السياسي والاقتصادي فقط ، فالولاية بلا شك تعد من أكبر المراكز الثقافية على مستوى العالم، ويوجد بها العديد من قاعات الفنون والمسارح والموسيقى والمتاحف في شارع برودواي المعروف, كما تتصدر جامعات نيويورك مقدمة الجامعات العالمية المشهود لها بالكفاءة العلمية والبحثية، مثل جامعة كولومبيا وجامعة نيويورك التى تعتبر من أعرق الجامعات التى تأسست فى الولاية فى منتصف القرن التاسع عشر, ولا نغفل تمثال الحرية الشهير وهو المعلم الأكثر شهرة على الإطلاق، ويعبر عن روح المجتمع الأمريكي بقوة، كما تضم الولاية العديد من المعالم الأخرى ذات الدلالات المختلفة مثل ميدان التايمز الشهير وشلالات نياجرا الخلابة وحديقة سنترال بارك التى تعتبر إحدي أكبر الحدائق العامة على مستوى العالم, ومبنى الأممالمتحدة الذي يحتل قطعة أرض في جزيرة مانهاتن تربو مساحتها على 28 ألف متر مربع، ويعد المبني الواقع على ضفاف نهر "إيست ريفر" معلما للمعمار الحديث, حيث اشترك في تصميمه نهاية الأربعينيات المهندسان المعماريان لو كوربوزييه وأوسكار نيماير, يحيط بالمقر حديقة تم تزيينها بتماثيل مهداة من قبل أعضائها, ويسمح للزائرين العاديين بدخول المبني وتم إحصاء 37 مليون زائر منذ افتتاحه عام 1951, أما الرواق المنحني في بهو المبنى يرمز للحداثة، حين نشأ الاتجاه الحديث في العمارة بعد الحرب العالمية الثانية، كان الغرض من الرواق أن يرمز إلى فجر عصر جديد. يتمتع مقر الأممالمتحدة بالحصانة الدبلوماسية ويعتبر كأرض عالمية لا يخضع موظفوه للقوانين الأمريكية, أما قاعة الجمعية العامة فهي أكبر القاعات في مبني الأممالمتحدة، وتتسع لجلوس ما يزيد على 800 1 شخص. وكان تصميم القاعة ثمرة تعاون وثيق بين المهندسين المعماريين الأحد عشر الذين صمموا المقر، ولتأكيد الطابع الدولي، لا تحتوي القاعة على أي هدية من أي دولة عضو, والهدية الوحيدة في الجمعية العامة هي لوحتان جداريتان من الفن التجريدي على جانبي القاعة من تصميم الرسام الفرنسي فرنان ليجيه, قدمهما مانح لم يُذكر اسمه عن طريق جمعية الولاياتالمتحدة للأمم المتحدة. وقاعة الجمعية العامة هي قاعة الاجتماع الوحيدة التي يوجد بها شعار الأممالمتحدة. ويتألف الشعار من خريطة العالم كما تظهر من فوق القطب الشمالي، يحيط بها إكليل من أغصان الزيتون رمزا للسلام. أمام المبني يوجد به نصب تذكاري يعود لعام 1988 يطلق عليه " اللاعنف" للفنان السويدي كارل فريدرك رويترسفارد, وهو عبارة عن مسدس ضخم معقوف, فى عام 2005 قام الفنان السويدي بإهدائه إلى المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر لشكره لرفضه المشاركة في حرب العراق. على عكس تمنيات الكثيرين كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة دائما مكانا تظهر فيه للعلن الصراعات الحادة بين دول العالم, وتنوعت المواقف ما بين إستخدام العنف وإقحام الدين فى الخطابات, ففي عام 1960 وفى إحدي جلسات الجمعية إنتابت الرئيس السوفيتي الأسبق نيكيتا خروشوف نوبة غضب كبيرة لدرجة أنه خلع حذاءه وبدأ يطرق بها على المنضدة, أما الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أصر أن يتحدث خلال إفتتاح الجلسة فى سبتمبر عام 2010 وهو يمسك بيده نسخة من القرآن وعادة ما تحظى صراعات منطقة الشرق الأوسط بدور هام في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وغالبا ما تؤدي إلى فضائح. ففي سبتمبر عام 2012 غادر الوفد الإيراني القاعة حين بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو خطبته, كما اعتاد مبعوثو القوى الغربية مغادرة القاعة حين يبدأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خطابه. أما الزعيم الليبي الراحل معمر االقذافي كان دائم التصرف بطريقة مخجلة أمام الجمعية, ففي عام 2009 مزق القذافي أمام المبعوثين المجتمعين ومعظمهم من رؤساء الدول ميثاق الأممالمتحدة, وامتد وقت خطابه إلى أكثر من 75 دقيقة بعد أن كان من المقرر أن يقتصر على 15 دقيقة فقط.