بعيدا عن الشعارات التى دائما تدعو الى ضرورة الاقتراب منهم واحتوائهم، ولا تجد طريقا إلى أرض الواقع لا بد لنا أن نعترف بأننا أهملنا شرائح عمرية تنتمى الى فئة الشباب لسنوات طوال، وتركنا أجهزة الاستقبال لديها عرضة للاختراق من قبل تيارات متطرفة استطاعت بسهولة الوصول إلى مناطق الاقناع داخل عقولهم لتحول العديد منهم الى مجموعة من الارهابيين. الأن فقط دخلنا فى مرحلة الافاقة لنرى واقعا مريرا يؤكد أننا أهدرنا طاقات كان من الممكن تشكيلها منذ نعومة أظافرهم ليصبحوا قوة تحارب الارهاب ولا تقف فى صفوفه .. "قضية الاسبوع"تناقش كيف أهدرنا هبة من الله تعالى بها على مصرنا وهى أن أكثر من نصف سكانها من الشباب ،وكيف يمكننا الآن معالجة الموقف بآليات ومنظور جديد ،كذلك اقتربنا من نماذج منهم لامسنا أفكارهم وتطلعاتهم نحو مصر الجديدة .. اكتسبت دعوة رئيس الجمهورية للاهتمام بالشباب والنقاش معهم أهمية قصوى حيث إن أكثر من 50% من تعداد سكان مصر "شباب" وهذا ما يسمى بالهبة الديموجرافية التى يجب الاستفادة منها لتحقيق التنمية ، وفى هذا التحقيق التقينا بعدد من الخبراء لبحث كيفية الاستفادة من الشباب لتحقيق التنمية المنشودة فى مصر يقول د. إبراهيم بدران وزير الصحة الأسبق عضو المجالس القومية المتخصصة ومقرر المجلس للخدمات والتنمية الاجتماعية شعبة الصحة والسكان إن المشكلة السكانية قضية يجب أن تكون على رأس أولوياتنا لأنها تنشأ عندما تعجز الزيادة فى معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن ملاحقة الزيادة فى معدلات النمو السكانى مما يؤدى لزيادة الفقر فى المجتمع ، كما أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ويجب على الشباب البحث عن المنفعة والبعد عن المخاطر... والحفاظ على حقه فى اختياره لأسلوب معيشته .. وطالب بالاهتمام بالشباب فى المعاهد الأزهرية لتخريج دفعات لديها الماما بالدين والثقافة ... والاهتمام بهم فى جميع مراحل التعليم ورعايتهم منذ الطفولة ....والاهتمام بتكوين المدرسين فى كليات التربية حتى يستطيعوا أن ينشئوا الأطفال على حب الوطن . وأضاف د.بدران : يجب تشجيع الشباب على التعليم الفنى لأنه هو مستقبل مصر ... ويقدر عدد الشباب فى مصر فى الفئة العمرية 18-29 بحوالى 20 مليون شاب أى بنسبة 23.7% من اجمالى السكان 51.1% ذكور و48.9% ويقدر معدل البطالة بين الشباب الذكور 21.6% وبين الاناث 50% ويقدر معدل البطالة للشباب الذكور الحاصلين على مؤهل جامعى فأعلى 36.4% والحاصلين على فوق المتوسط 14.7% ويقدر نسبة من يعانون من آفة الفقر ما يقرب من 51%.. وهناك العديد من الدول التى تبنت سياسات سكانية للحد من معدلات النمو السكانى خلال العقود الماضية وكما حدث لدول النمور الآسيوية التى عملت على استثمار المخزون البشرى من خلال زيادة الاستثمارات فى الصحة والتعليم ووسائل الاتصال الحديث. السياسات السكانية بينما قال د. هشام مخلوف رئيس جمعية الديموجرافيين المصريين ونائب مقرر لجنة السكان بالمجالس القومية المتخصصة أن تزايد حجم ونسبة الشباب فى التعداد السكانى من 15 وحتى 65 عاما تتزايد نسبتهم فى سن العمل مقارنة بنسبة المعالين أقل من 15 عاما وأكبر من 65 عاما خلال العقود التالية فى مصر يستلزم استغلال تلك النافذة الديموجرافية بتبنى السياسات السكانية الجادة عن طريق تغيير نسبة المشتغلين إلى المعالين على مدى 25 عاما وانخفاض معدلات الاعالة وتحسين نوعية نظم التعليم وجعلها مرنة وقابلة للاستجابة بطبيعة التغيرات المحلية والاقليمية والعالمية ... وأوضح أن الشباب أكبر وأهم قطاع للقوى البشرية فى المجتمع ويعد تعليمهم هو المصدر الأساسى لدعم سوق العمل والكوادر البشرية المدربة والمؤهلة ، وقد ادى التقدم العلمى واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى مجالات الانتاج والخدمات إلى تعدد التخصصات التى يحتاج إليها سوق العمل مما يتطلب إعدادا سليما للقوى البشرية وخاصة الفنية منها بمستوياتها وأنواعها المختلفة ... وضرورة وضع تعريف محدد للشباب يتناسب مع المجتمع المصرى ومن ثم يمكن إعداد دراسة متكاملة تتناول التقديرات الكلية للشباب حاليا ومستقبلا مع الاسترشاد بتجارب الدول ذات الصناعات كثيفة العمالة ويجب البحث عنها لتشغيل هؤلاء الشباب . وقال إن برنامج العمل العربى للشباب وضع عددا من الأولويات وهى التعليم والعمالة والجوع والفقر والصحة والبيئة وإساءة استعمال المخدرات وجنوح الأحداث وأنشطة شغل أوقات الفراغ ..هذا بالاضافة لمشاركة الشباب الكاملة والفعالة فى المجتمع وفى اتخاذ القرارات . التوظيف الايجابى وأكدت د. سهير لطفى أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث أن الشباب هبة وثروة يجب اعتبارها ظاهرة ايجابية وتوظيفها التوظيف الايجابى كما حدث فى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية حيث لم يكن لديهم قوة سوى البشر وعندما استغلوا الامكانات المتاحة استطاعوا تحقيق التقدم المنشود . وينبه د. عبداالله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر الى الخلل التربوى لدى الشباب لأننا اهملنا غرس مبدأ الضمير فى أطفالنا وفقد الطفل احساسه بأن الله يراقبه ، ويحصل على الشهادة نتيجة لحشو عقله بمعلومات ،بينما الشخصية التى تحمل الشهادة فارغة وهشة . اللواء دكتور عزت الشيشينى الخبير السكانى أشار الى أن هناك مثلث يسمى مثلث الرعب بالنسبة للشباب وأضلاعه هم الجريمة والمخدرات والارهاب وأن الشرائح العمرية من سن 18-29 عاما هم أكثر الفئات التى تنتشر فيها الجريمة والعنف ، وشدد على المسح الشامل عن أطفال الشوارع والذين يمثلون ما يقرب من 2 مليون طفل وهم قنابل موقوتة ضد المجتمع وبؤر فساد ومأوى للارهاب .. وقال إن الغالبية العظمى من مرتكبى الجرائم هم من الشباب الأميين ، وتعكس هذه الجرائم الحالة المتردية لهم من حيث احتياجهم للمال ، وتلعب البطالة المرتفعة بينهم دورا رئيسيا فى هذا الشأن. .وقد يمتد الى أعمال إرهابية إذا لم يتم التعامل معه بالروية و الحكمة . وحذر من خطورة انتشار البطالة بين الشباب فقد أكدت دراسة للمركز الديموجرافى أن 90 % من اجمالى المتعطلين فى مصر أعمارهم أقل من 30 سنة ، وغير خاف على الجميع أن البطالة تؤدى الى وجود فراغ لدى الشباب ، كما تؤدى الى الإحباط وأيضا الى الفقر وعدم القدرة على الزواج . وتساءل : ماذا ننتظر من شاب أكمل تعليمه ويريد أن يستقل بحياته ويعتمد على نفسه ، ثم يتبدد كل ذلك بسبب البطالة ؟ ألا يؤدى كل ذلك الى الجريمة ؟ الى المخدرات ؟ وقد ينخرط مع جماعات التطرف والإرهاب . وأضاف : يجب تقوية الإنتماء للوطن لدى الشباب ، والإنتماء لا يكون بالتوعية وبتدريس الوطنية وحب الوطن فحسب ، وإنما بالقضاء على الفساد بكافة أنواعه والحفاظ على كرامة المواطن وأن تراعى حقوقه كإنسان ، والقضاء على الواسطة والمحسوبية فى شغل الوظائف وتحقيق العدالة الإجتماعية والقضاء على الفقر وإختيار القيادات على أساس الكفاءة ، وأن يكونوا قدوة للشباب وإطلاعهم أولا بأول على كافة قضايا وطنهم ، ويجب عدم حجب المعلومات عنهم وتمكين الشباب المؤهل لتقلدالمناصب العليا فى الوطن. الفراغ السياسى بينما أكد طلعت عبد القوى رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية أن الفراغ السياسى للشباب يعد بمثابة الكارثة ..وكذلك عدم وجود كوادر سياسية حقيقية منهم .. لذا يجب مراجعة أحكام الدستور والقوانين الخاصة بالشباب واعطاء قوة دفع لتكافؤ الفرص والتمكين فى المجالس النيابية ، و تشجيع الأحزاب للشباب ليصبحوا كوادر حزبية ، كما يجب تحفيز الجمعيات الأهلية الراغبة فى العمل فى مجال مكافحة التعاطى والإدمان ، لمواجهة حالات الإدمان المتزايدة بين الشباب . بينما أكد د.مسعد عويس استاذ التربية الرياضية على ضرورة الاهتمام بالرياضة وتشجيع الأطفال والشباب على ممارستها لمواجهة الفكر المتطرف ، والتعرف بصفة مستمرة على أصدقاء الأبناء لإبعادهم عن أصدقاء السوء ومصاحبة الأبناء خاصة فى سن المراهقة حتى لا يخفوا عليهم أى أمور قد تؤدى الى التعاطى أو الإدمان . وترى د.عزيزة محروس الأستاذة بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة أن التطرف الفكرى هو الخطر الحقيقى على الشباب وأن المدن الجامعية أخطر ما يتأثر به و يجب مراجعة الكتيبات التى يتعلم منها شبابنا بعض التعاليم الدينية و نجدها بعيدة كل البعد عن تعاليمنا الدينية السمحة.