ماذا يريد الناس من الحكومة الجديدة؟!    وزير التعليم العالي: صقل مواهب شباب الجامعات المصرية ورفع اسم مصر في المحافل الدولية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    تخريج 6 دفعات من معهد نقابة المحامين للعدالة الإلكترونية في الوادي الجديد    رئيس «محلية النواب» يطالب الحكومة بتنفيذ توصية البرلمان برصف الطرق ب«الإنترلوك»    وزير الري: تراجع نصيب الفرد من المياه إلى 500 متر مكعب (تفاصيل)    قطع المياه عن شبين القناطر في القليوبية    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم    محافظ أسيوط يترأس مؤتمر التوعية بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    اقتصادي يكشف أسباب ارتفاع احتياطي مصر من النقد الأجنبي ل46.125 مليار دولار    7 اختصاصات لمجلس إدارة صندوق الوقف الخيري بالقانون الجديد.. تعرف عليها    بورشه Macan الكهربائية تُشعل المنافسة مع بي إم دبليو iX3 ونيو EL6    جيش الاحتلال يعلن انتهاء عمليات لواء المشاة 828 في رفح    إصابة أكثر من 100 شخص في حادث تصادم قطارين في غرب سيبيريا    إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    باسم المجموعة العربية.. مصر تطالب المجتمع الدولي بدعم فلسطين    قبل مواجهة اليوم، منتخب مصر يتفوق على بوركينا فاسو في القيمة التسويقية    زغلول صيام يكتب: عندما نصنع من «الحبة قبة» في لقاء مصر وبوركينا فاسو!    نجم الإسماعيلي: الأهلي هياخد الدوري وشجعته في نهائي أفريقيا    القليوبية تحصد المراكز الأولى فى لعبة الكاراتية على مستوى الجمهورية    حسام البدري: تعرضت للظلم في المنتخب.. ولاعبو الأهلي في حاجة إلى التأهيل    إحالة صاحب ورشة لتصنيع الأسلحة النارية في الجيزة للمحاكمة    محافظ القاهرة يشدد على مديرية التموين بالقاهرة بتكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة يصل ذروته اليوم وغدا (فيديو)    تطهير خطوط وشبكات الصرف الصحي بالشرقية تزامنا مع عيد الأضحى    رحلة ألم تنتهي بجبر الخاطر.. الحاج «حسبو» في عناية وزير الداخلية    هند صبري: مسلسل "مفترق طرق" أعاد ذكرياتي بالجامعة لهذا السبب (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الجمعة 7-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. تفاصيل تكريم سميحة أيوب بدار الأوبرا    مروة حمدي ورحاب مطاوع نجمتا حفل كلثوميات بمعهد الموسيقى    الخشت يعلن أسماء الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    «شخصيات حقيقية».. صناع مسلسل الوصفة السحرية يكشفون كواليس العمل    قبل ساعات من زفافهما.. 3 أعمال جمعت جميلة عوض وزوجها أحمد حافظ    في احتفالات اليوم العالمي للبيئة.. لقاءات متنوعة لقصور الثقافة بالسويس    فضل صيام العشر من ذي الحجة.. أحب إلى الله سبحانه وتعالى من الجهاد    قبل عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التصدق بالأضحية كاملة دون الأكلٍ منها؟ (الإفتاء توضح)    إجراء أول جراحة عالية الدقة لورم خبيث في مستشفى الكرنك الدولي بالأقصر    توقيع الكشف الطبي على 889 مريضا خلال قافلة طبية بمركز بني مزار في المنيا    للحجاج، أكلات مهمة يجب تناولها أثناء تأدية مناسك الحج (فيديو)    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    بوريل يستدعي وزير خارجية إسرائيل بعد طلب دول أوروبية فرض عقوبات    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا للثانوية العامة الجزء الثاني    "تخيلت نفسي على دكة الزمالك".. البدري يكشف لأول مرة ما فعله مع أمير مرتضى ورد صادم    أمين الفتوى: لابد من أداء هذه الصلاة مرة واحدة كل شهر    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    تكبيرات عيد الاضحي المبارك 2024 كاملة ( فيديو)    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    بيني جانتس: استعدوا لقتال ولأيام أكثر صعوبة يمكن أن تصل بنا إلى الحرب    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الظهير السياسى ..والظهير الوطنى
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 09 - 2014

لا احد يستطيع ان ينكر أو يتجاهل حالة الفراغ السياسى والفكرى التى يعيشها المجتمع المصرى رغم كل ما شاهده من المظاهرات والاعتصامات والصدامات التى غيرت حسابات كثيرة كانت يوما من المسلمات التى تعايش المصريون معها بالخطأ والصواب .. نحن نعيش حالة من الفراغ السياسى يؤكد ذلك ما وصل إليه الواقع السياسى من الانقسامات والتشرذم..
يؤكد ذلك أيضا حالة الترهل التى تعانى منها الأحزاب السياسية .. وقبل هذا كله فإن غياب الشباب عن الساحة السياسية فى العامين الأخيرين يثير الكثير من القلق والتساؤل .. على جانب آخر فإن الفراغ الفكرى الذى تعانى منه الأجيال الجديدة كان الثمار المرة لثقافة هشة .. وإعلام ساذج وتعليم متخلف .. إنها ثلاثية التراجع فى مسيرة المصريين فى السنوات الماضية، فلم ينتبه احد إلى أن العقل المصرى يتعرض لعملية تجريف منظمة تبدأ فى حصص الدراسة بالمدارس وتنتهى بسيل هادر من التخلف فى الفضائيات مروراً على مواكب الثقافة العشوائية التى اجتاحت عقول الأجيال الجديدة ما بين مهرجانات السطحية وجلسات التخلف، ولعل ثمارها جميعا ما شاهدناه فى جامعاتنا ومدارسنا حين خرج الطلاب يضربون الأساتذة ويحرقون المدرجات وينتقمون من مجتمع أخطأ فى تربيتهم وتعليمهم فجأوا على غير ما أراد.
إن الأزمة الحقيقية فى قضية الفراغ السياسى انه ترك الشارع خاليا لكل الأفكار الهدامة حتى وصلت بنا إلى مناطق التطرف والإرهاب .. إن الإرهاب هو الابن الشرعى للتطرف الفكرى .. وهذا التطرف الفكرى هو حصاد ثقافات الجهل والتخلف والمهرجانات الصاخبة التى لم تحمل فكرا ولم تحرر عقولا .. أن الذين يحملون السلاح ضد أوطانهم يعانون امراضا فكرية وعقلية ولن يكون العلاج الامنى هو الطريق الوحيد لإنقاذهم أنهم فى حاجة إلى علاج فكرى يعيد لهم الرشد والصواب . والشئ الغريب أن الفراغ الفكرى ارتبط دائما بالفراغ السياسى وكان السبب فى ذلك أن السياسة عندنا تحولت إلى كيان ضخم جمع كل المتناقضات وكانت غطاء مشروعا للصراعات الفكرية والثقافية وحتى الاجتماعية .. لقد أصبحت السياسة بديلا عن كل الأشياء، كانت خصومات المثقفين فى جوهرها سياسة .. وكانت الصراعات الاجتماعية ابعد ما تكون عن جوانب الفكر واقرب ما تكون من الصراعات السياسية .. وإذا كان من الصعب أن نفصل بين الفكر والسياسة إلا أن الفكر هو الوعاء الأوسع والاشمل ولا ينبغى أن تكون السياسة وصية عليه .. لا أتجاوز اذا قلت إن السياسة أفسدت أشياء كثيرة فى حياتنا .. لقد أفسدت المناخ الثقافى .. وأفسدت لغة الحوار ..وقسمت المجتمع تحت رايات سياسية باطلة ومضللة .. وقبل هذا كله انتزعت جزءا عزيزا من التراث الفكرى والانسانى للمصريين وهو الوطن .. كانت الوطنية المصرية تسبق كل اللافتات الأخرى سواء كانت حزبية أو دينية أو سياسية أو حتى طبقية .. ولكن للأسف الشديد تراجعت مقومات الوطنية المصرية أمام شعارات سياسية براقة وخادعة فى معظم الأحيان.
كانت الوطنية المصرية تسبق كل الأفكار السياسية وكان الوطن قبل كل شئ .. رغم الخلافات فى الدين والعقيدة والفكر السياسى .. والأهداف الاجتماعية وحتى النظر لقضايا الحريات، كانت الوطنية المصرية تجمع كل هذه المتناقضات وتحميها فى ساعات الانقسامات والخصومات والصراع .. ولكن هذه الثوابت تلاشت حين سبقت السياسة كل شئ بما فى ذلك الدين والوطن والبشر.وقد ترتب على ذلك أن أصبح الدين هدفا سياسيا .. وتلاشت الثوابت الوطنية بل والأخلاقية أمام متطلبات السياسة ودوافعها ولغة المصالح فيها .. حين عصفت السياسة بثوابت الحياة المصرية غاب البعد الوطنى الذى طالما توحدنا تحت رايته وتلاشت مصالح الأوطان أمام رغبات الأفراد ..
لقد كان السبب الرئيسى فى هذا التراجع تلك الكيانات السياسية الهشة والمريبة التى أنشأتها الحكومات المتعاقبة لملء الفراغ السياسى وتقديم نماذج معلبة لتيارات وأحزاب وتجمعات سياسية غير حقيقية . كانت هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى وحزب مصر والحزب الوطنى صناعات حكومية افتقدت روح الحرية وقدسية الفكر والوطنية الصادقة .. هذه التجمعات لم تقدم تجارب سياسية لتصنع مناخا سياسيا يقوم على احترام الحريات والتعددية والانتخابات الحرة .. كانت جميعها تحمل ملامح واحدة وهى منظومة الحزب الواحد .. والواقع أن هذه المنظومة المرتبكة الخاطئة كانت سببا فى اتساع مساحة الفراغ السياسى بحيث تحولت الساحة السياسية إلى مجموعة من الكومبارس السياسى الذى يدور حول البطل سواء كان اتحاداً قوميا أو اشتراكيا أو مجموعة من رجال الأعمال فى الحزب الوطنى المنحل.
أن البعض يحاول أن يلبس النظام السياسى الجديد نفس المنظومة القديمة تحت دعاوى ضرورة وجود ظهير سياسى للرئيس السيسى .. أن هذا الطرح الساذج والمريب يريد أن يعود بنا إلى تلك المنظومة القديمة تحت ستار حماية النظام .. وفى تقديرى أن الذى يحمى أى نظام هو انجازاته وحرصه على مصالح شعبه والدليل أن نظام الإخوان المسلمين لم يستطع أن يدير شئون مصر أكثر من عام واحد وكان الفشل مصيره المحتوم .. أن السيسى لا يريد ظهيراً سياسيا ولكنه يريد دعما وطنيا من كل أبناء هذا الشعب، ولا ينبغى أبدا أن يمثل فريقا أو تياراً سياسيا حتى لا نسقط مرة اخرى فى أسطورة الحزب الواحد أو وصاية الجماعة ..
لقد انطلق السيسى من إرادة شعبية ولم يحمله إلى السلطة حزب أو تيار .. ولهذا ينبغى أن يستعيد الشارع المصرى انتماءه القديم للوطن بعيدا عن التقسيمات السياسية التى وصلت بنا يوما إلى مواجهة حادة ما بين التيارات الدينية التى تخفت فى السياسة والتيارات السياسية التى أهدرت قيمة الوطنية المصرية.
إن الوطن يسبق كل شئ واذا كنا نريد للرئيس السيسى ظهيرا فينبعى أن يكون ظهيرا وطنيا وليس سياسيا .. لقد أفسدت السياسة أشياء كثيرة فى حياتنا ولنا معها تجارب سيئة وحين سيطرت على عقولنا كانت الانقسامات والصراعات والفرق والطوائف .. إن مصر هى الظهير الذى يحمينا جميعا من تقلبات السياسة ومؤامرات الساسة والشارع المصرى لا يحتاج إلى المزيد من الصراعات .. إن بقايا النخبة من المثقفين والانتهازيين الذين يطوفون الآن حول أبواب السلطة يريدون دوراً لا يجيدون غيره وقد لعبوه كثيرا ويتوهمون الآن أن الزمن يمكن أن يعود إلى الوراء ..
إن الرئيس السيسى لا يريد ظهيرا سياسيا ولكنه يريد إرادة وطنية تضم كل المصريين لإنقاذ مصر من محنتها .. أن أزمات مصر اكبر من كل الطوائف واشمل من كل التيارات وأعمق من كل الصراعات ولهذا ينبغى أن يكون الحرص على توحيد هذا الشعب وليس تقسيمه إلى طوائف .. لقد عشنا تجارب مريرة مع منظومة الحزب الواحد سنوات طويلة ولم تنجح فى خلق مناخ سياسى وفكرى متقدم .. وجربنا تجربة الجماعة والوصاية الفكرية والدينية تحت ستار السياسة وفشلت التجربة فشلا ذريعا .. وليس أمامنا الآن غير أن نعيد ثوابتنا القديمة فى إحياء منظومة مصر الوطنية التى قامت عليها زمنا طويلا كل مدارس النضال الوطنى من اجل حياة أفضل.
إن الذين يعرضون بضاعتهم القديمة التى تجسدت فى منظومة الحزب الواحد لا يدركون أن مصر تغيرت وان الشعب المصرى الذى عاش كل هذه التجارب الخاطئة لن يسمح لأحد أن يخدعه مرة أخرى ببضاعة فاسدة انتهى عمرها الافتراضى .. ينبغى أن نترك الرئيس الجديد يخوض تجربته ويسعى لان يكون رئيسا لكل المصريين مدافعا عن حقوقهم جميعا فى حياة حرة كريمة وان يقدم للمواطن المصرى كل ما يستطيع من وسائل التقدم والبناء..
لقد فشلت التجارب السابقة فى وضع مصر على خريطة الدول المتقدمة فكريا وسياسيا واقتصاديا وكان السبب فى ذلك إنها كانت تجارب ارتجالية ولم تقم على قواعد ثابتة من الفهم والوعى والتخطيط، وكانت النتيجة هذا الفراغ السياسى الرهيب الذى نعيش فيه وتعانى منه مواكب الشباب الواعد .. وهنا ينبغى أن نعطى للشباب أهمية خاصة لأنه صاحب المستقبل ولأنه لم يغرق كما غرق غيره فى تلك المياه الفاسدة التى فرغت هذا الوطن من كل مقومات تفرده وريادته..
يجب أن يحمل الشباب الراية لأنه الطرف الوحيد فى هذا المجتمع القادر على استيعاب روح العصر، وعلى أصحاب التجارب الأخرى أن ينسحبوا من الميدان ويتركوا مواكب الشباب تخوض تجربتها وتعيش زمانها وتصنع مستقبلها. أن الرئيس السيسى فى حاجة إلى جهد كل المصريين لان المهمة صعبة والأعباء ضخمة ولن يستطيع فريق أو ظهير أو فئة من البشر أن تتحمل المسئولية وحدها ويكفى تجارب الماضى ما بين الحزب الواحد والجماعة وتكفينا أخطاء الماضى . أننا نعيش لحظة تاريخية صعبة وفارقة ويحب أن تتجه كل القوى السياسية والفكرية إلى توحيد إرادة هذا الشعب وبدلا من العبث فى انقاض الماضى والبحث بين أطلاله عن بداية جديدة يجب أن نتخلص تماما من هذه الأنقاض ونبدأ من جديد على أسس من العمل والانجاز ومواجهة الحقيقة.
ان الظهير الوطنى هو الهدف والغاية لاى نظام يسعى للبناء أما الظهير السياسى فسوف يحمل كل أمراض السياسة وقد عانينا منها زمنا طويلا.


..ويبقى الشعر


وجْهٌ جَمِيلٌ ..
طافَ فِى عَيْنى قليلا ً .. واسْتَدارْ
فأراهُ كالعُشْبِ المسَافِر ..
فِى جَبين ِ الأرْض يَزْهُو فِى اخْضِرَارْ
وتَمرُّ أقْدَامُ السنِين عَليهِ .. يَخْبُو ..
ثُمَّ يسْقُط فِى اصْفرَارْ
كمْ عِشْتُ أجْرى خَلْفَهُ
رَغمَ العَواصِف..والشَّواطِىء.. والقِفَارْ
هَلْ آنَ للحُلْم المسَافِر أنْ يَكُفَّ عَن ِ الدَّوَارْ ؟
يَا سِنْدباد العَصْر .. إرجعْ
لمْ يَعُدْ فِى الحُبِّ شَىْءٌ غَيْرُ هَذا الانْتحَارْ
ارْجعَ .. فَإنَّ الأرْض شَاخَتْ
والسّنونَ الخُضْرَ يَأكُلُها البَوَارْ
ارْجعْ .. فإنَّ شَوَاطىءَ الأحْلام ِ
أضْنَاهَا صُرَاخُ المَوْج مِنْ عَفَن ِ البِحَارْ
هَلْ آنَ للقَلْبِ الذى عَشقَ الرَّحِيلَ
بأنْ يَنَامَ دَقيقة ً .. مِثْلَ الصِغَارْ ؟
هلْ آنَ للوجْهِ الَّذِى صَلَبُوه فوقَ قِناعِهِ عُمْرًا
بأنْ يُلْقِى الِقنَاعَ الُمسْتَعَارْ؟
وَجْهُ جَمِيلٌ
طافَ فِى عَيْنى قليلا ً .. واسْتَدَارْ
كانَ الوداعُ يُطلُّ مِنْ رَأسِى
وفِى العَيْنَين ِ سَاعَاتٌ تدُقُّ ..
وألفُ صَوْتٍ للقِطَارْ
وَيْلى مِنَ الوجْه البَرىء ..
يغُوصُ فى قلْبى فيُؤلمُنى القرارْ
لمَ لا أسَافرُ
بَعْدَ أنْ ضاقتْ بى الشُّطآنُ .. وابْتعَدَ المزارْ ؟!
يا أيُّها الوجه الذى أدْمَى فؤَادى
أىُّ شَىْءٍ فيكَ يُغْرينى بهَذا الانتظارْ ؟
مَا زالَ يُسْكرُنى شُعَاعُكَ ..
رَغْمَ أنَّ الضَّوْءَ فى عَينىَّ نارْ
أجْرى فألمَحُ ألْفَ ظلٍّ فِى خُطاىَ
فكيْفَ أنجُو الآنَ مِنْ هَذا الحِصَارْ ؟
لِمَ لا أسَافِرُ ؟
ألفُ أرْض ٍ تحْتَوينِى .. ألْفُ مُتَّكإٍ .. ودَارْ
أنا لا أرَىَ شَيْئًأ أمَامِى
غَيْرَ أشْلاءٍ تُطاردُهَا العَواصِفُ .. والغُبَارْ
كمْ ظلَّ يَخْدَعُنِى بَريقُ الصُّبح فِى عَيْنَيْكِ ..
كُنْتُ أبيعُ أيَّامِى ويَحمِلُنى الدَّمَارُ .. إلى الدَّمَارْ
قْلبى الذَّى عَلَّمتُهُ يَومًا جُنونَ العِشْق ِ
عَلَّمَنِى هُمُومَ الانْكسَارْ
كانتْ هَزَائِمُهُ عَلى الأطْلال ِ..
تَحْكِى قِصَّة القَلْبِ الَّذِى
عَشقَ الرَّحيلَ مَعَ النَّهَارْ
ورَأيْتُهُ نَجْمًا طريدًا
فِى سَمَاءِ الكَوْن ِ يَبْحَثُ عَنْ مَدارْ
يَا سِنْدبَادَ العَصْر
عهْدُ الحُبِّ ولّى ..
لنْ تَرَى فِى القَفْر لؤلُؤة ً..
ولنْ تَجِدَ المحَارْ
وَجْهٌ جَمِيلٌ ..
طافَ فِى عَيْنِى قليلا ً .. واسْتَدَارْ
وَمَضَيْتُ أجْرى خَلْفُه ..
فوجَدْتُ وَجْهِى .. فِى الجِدَارْ
قصيدة "النجم يبحث عن مدار" 1993
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.