ما حكم تنظيم رحلات الحج والعمرة بالتقسيط علي مدار 3 أو 4 سنوات دون مُقدَّم، وذلك بالخصم من الراتب الشهري؟ من المقرر شرعًا أنه يصحّ بيعُ الأعيان بثمنٍ حالّ وبثمن مُؤجَّل إلي أجلٍ معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزةٌ شرعًا علي ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ لأنها مِن قبيل المرابحة، وهي نوعٌ من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقةً إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجْلِه إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين علي ذلك، ولعدم وجود مُوجِبٍ للمَنْع، ولحاجة الناس الماسّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين. ولا يُعَدّ ذلك مِن قبيل الربا؛ لأن القاعدة الشرعية أنه إذا توسطت السِّلعة فَلَا رِبا، والخدمات التي يُتَعاقَد عليها هي في حكم السِّلعة. ولا فرق بين المنافع والأعيان في جواز التعاقد عليها وبيعها، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني (5/251، ط. دار إحياء التراث العربي): [والمنافع بِمَنْزِلَة الأعيان؛ لأنه يَصِحُّ تَمليكُها في حال الحياة وبعد الموت, وتُضمَن باليد والإتلاف, ويكون عوضها عينًا ودينًا، وإنما اختَصَّت بِاسْمٍ كما اختَصَّ بعضُ البيوع بِاسمٍ؛ كالصَّرف والسَّلَم]اه. وقال الفقيه ابن حَجَر الهَيتَميٍ الشافعي في فتاويه (3/93، ط. المكتبة الإسلامية): [المنافع كالأعيان؛ فالقيمة فيها ذاتيَّة، وُجِد راغبٌ بالفعل أم لا] اه. ورحلات الحج والعمرة المنظمة بالشكل القائم حاليًّا الذي تكون فيه تكاليفُها: من انتقالاتٍ وإقامةٍ ورسومِ موان وأشباه ذلك محددةً سلفا ويَتم الاتفاق فيها بوضوحٍ بين الطرفين: الجهةِ المتعهدةِ بالرحلة مِن جهةٍ والحاجِّ أو المعتمر مِن جهةٍ أخري لا تَعْدو أن تكون نوعًا مِن الخدمات التي يكون التعاقد عليها مِن قبيل التعاقد علي المنافع أو المنافع والأعيان معًا، وهذا جائزٌ شرعًا. وتأخذ هذه الخدمات حكم السلعة في إمكان التعاقد عليها بثمن حالّ أو مُقَسَّط، بمُقَدَّم أو بغير مُقدَّم، وبزيادةٍ في السِّعر مع التقسيط أو بغير زيادة، ويجوز عندئذٍ دخولُ جهةٍ ثالثةٍ أو أكثر للتمويل أو الوكالة أو السمسرة، ودفعُ الجهة المُمَوِّلة للمال حالًّا وتحصيلُه مِن المُستفيد من الرحلة (الحاج أو المعتمر) بزيادةٍ في الثمن مقابل الأجل لا مانع مِنْه شرعًا؛ لتَوَسُّط الخدمات المعلومةِ القَدْر والوقت القائمةِ مقام السِّلعة حينئذ. أبلغ مِن العمر اثنين وثمانين عامًا، وأريد تأدية فريضة الحج، لكن أُعالَجُ مِن مرض القلب وأتعاطي له العلاج علي الدوام. وأريد أن أُنِيبَ أحدًا غيري مِن الأشخاص وأقوم بإعطائه مصاريف تأدية الفريضة مِمَّا يَلزم مِن تأمينٍ وخِلافِه علي الوجه الأكمل، حيث إنني -كما ذكرتُ- مريضٌ بالقلب وأُعالَج مِنه دائمًا. فهل يجوز لي أن أُنِيبَ غيري مِن عدمه؟