فى خطوة جادة وذات دلالة عميقة الأثر قرر الدكتور عاصم نجاتى رئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية تبنى مدرسة المنشدين الدينيين التى تشكلت بجهود ذاتية لبعض كبار المادحين والمنشدين فى محبة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.. وكان حفل التخرج فى مسرح الهناجر بدار الأوبرا قبل أيام يضم حشدا ضخما يتنوع بين المثقفين ورجال الدين والجمهور المحب لفن الانشاد الدينى فضلا عن وفود عربية لمشاهير الانشاد الدينى جاءت من السعودية والأردن والمغرب وتونس لتشارك مصر هذه الخطوة الرائدة لجعل فن الانشاد الدينى يسكن على أسس علمية ومنهجية وتتخرج منه أجيال تجمع بين الموهبة الفطرية والدراسة العلمية بقواعد هذا الفن الخاص.. وكان لحضور عالم الأزهر الشريف الشيخ أسامة الأزهرى أثره الخاص فى نفوس شباب الخريجين من مدرسة الانشاد الدينى حيث حرصوا على مصافحته والتقاط الصور التذكارية معه.. وتميز الحفل بالوقار وحسن الانصات الواجب من الجمهور مقام مدح الرسول الكريم.. كما تميز بوفرة الأصوات الموهوبة المذهلة والتى غنت جميعها دون استخدام أي آلات موسيقية إلا الدف لضبط الايقاع.. ربما لتثبت هذه الأصوات قدرتها على الغناء والتنقل بين المقامات الموسيقية المختلفة دون الاستعانة بآلات مصاحبة وهو ما يشير إلى التمكن والحرفية العالية فى الأداء، وربما أيضا لأن البعض من رجال الدين لا يجيز استخدام الموسيقى حتى فى الغناء الدينى والمدائح النبوية وتكون بالتالى مدرسة الانشاد الدينى قد أخذت بمبدأ التحوط وعدم مخالفة أى رأى من آراء العلماء.. وكانت مفاجأة وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور لمدرسة الانشاد الدينى والتى أعلنها الدكتور عاصم نجاتى هى تخصيص قصر الأمير طاز لحفلات مدرسة الانشاد بصفة دائمة بعد النجاح والاقبال الكبير الذى لاقاه حفل التخرج. وكان نصف الجمهور فى قاعة مركز الهناجر واقفا طوال الحفل فى انصات وشوق لسماع هذا الفن الإسلامى الرفيع. كما ألهب الشيخ محمود ياسين التهامى نقيب المنشدين حماس الحاضرين بغنائه المميز وبكلماته القوية البليغة التى تناولت سماحة الدين وضرورة مواجهة الآراء والجماعات الخارجة عنه والداعية للعنف والتطرف بالفكر المستنير وبمنهج الرحمة والعطاء وعندما اعتلى التهامى الصغير ابن شيخ المنشدين ياسين التهامى خشبة المسرح خلع نعليه فتعجب الجمهور وهمهم البعض بالسؤال فأجاب بأدب : لا أستطيع أن أقف فى مقام مدح سيدنا النبى إلا حافيا. ثم انطلق صوته ليأخذ الحاضرين إلى عالم روحانى جميل ويؤكد أن مصر ستظل أبدا بأزهرها الشريف وبمحبة أهلها للدين وطريقتهم الخاصة فى التعبير عن مشاعرهم هى منارة الإسلام المستنير والفنون الراقية.