حينما نعلم أن إجمالى عدد اللاجئين المسجلين فى مصر حتى نهاية شهر أغسطس الماضى وصل إلى 193 ألفا و829 لاجئا، مقابل 44 ألفا و70 شخصا فى نوفمبر 2011، ندرك مدى أهمية زيارة أنطونيو جوتيريس، المفوض السامى لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة، لمصر، خصوصا أن هذه الزيادة الكبيرة فى أعداد اللاجئين لم يقابلها زيادة مماثلة فى تمويل مكتب مفوضية اللاجئين بالقاهرة. "الأهرام" التقت جوتيريس، بعد ساعات من استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي له، ولقائه مع وزير الخارجية سامح شكرى، وفى هذا الحوار يتحدث المسئول الأممى عن مشكلات اللاجئين، ويكشف أن أعداد النازحين فى العالم وصلت فى 2013 إلى أرقام قياسية لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وأن الإرهاب يلعب دورا رئيسيا فى زيادة هذه الأعداد وتأجيج بؤر الصراع، وأن سورياوالعراق تتبادلان احتلال المركز الأول بين الدول الأكثر تصديرا للاجئين، كما يتحدث عن الحل الوحيد –من وجهة نظره- لمشكلة الهجرة غير الشرعية. وفيما يلى نص الحوار: ما تقييمك لنتائج زيارتك للقاهرة، بعد لقاءاتك مع كبار المسئولين المصريين؟. بداية من المهم جدا أن أسجل تقديرى للدور المحورى الذى تلعبه مصر فى المنطقة، للحشد وإيجاد حلول للمشاكل المعقدة والحفاظ على الاستقرار والسلام ومنع نشوب المزيد من الصراعات، فمصر مركز سياسي وثقافى، وقد رأينا كيف نجحت فى التوصل لوقف إطلاق النار بغزة، وكان من المهم أن تستعيد مصر دورها الذى يدركه الجميع فى المنطقة، خصوصا مع تنامى المشكلات وتصاعد الأحداث فى ليبيا وسوريا. أما بالنسبة لزيارتى فقد كانت ناجحة، حيث كانت المباحثات مع المسئولين المصريين بناءة ومشجعة على التعاون والعمل معا لحل مشكلات اللاجئين بطرق فعالة، فمصر تميزت بحسن استقبالها للاجئين منذ سنوات، وقد تباحثت مع المسئولين حول سياسة الحكومة المصرية لرعاية اللاجئين، خصوصا السوريين، الذين يمثلون نسبة كبيرة من اللاجئين إلى مصر، فيما يتعلق بذهاب الأطفال إلى المدارس دون أعباء مادية، وتوفير العلاج من خلال المستشفيات المصرية. إحصائيات مفوضية شئون اللاجئين تشير إلى تزايد أعداد اللاجئين حول العالم بشكل متواصل مع تأجج الصراعات، فهل لدى المفوضية إستراتيجية جديدة لمواجهة هذا الأمر؟ أعتقد أنه من الإنصاف القول إن جميع منظمات الإغاثة حول العالم تعمل بكامل طاقتها، فللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية يكون لدينا العام الماضى 50 مليون نازح، فالإحصاءات تشير إلى أنه فى عام 2011 كان ينزح كل يوم 14 ألف شخص تاركين منازلهم، أصبحوا 23 ألفا فى 2012، وارتفع العدد فى العام الماضى ليصبح 32 ألفا، مما يعنى أن أعداد النازحين تتزايد بشكل كبير، ومصادرنا لدعمهم لا تنمو بنفس الدرجة، لذلك تحتاج منظمات الإغاثة حول العالم إلى مزيد من الدعم والمساندة لتستطيع مواجهة هذا التزايد فى الأعداد، ولتوفير حياة كريمة لهؤلاء النازحين. ما النقطة الأكثر سخونة فى العالم وتصديرا للاجئين؟ سورياوالعراق يتبادلان المركز الأول فى أكثر النقاط سخونة وإفرازا للاجئين، لكن هناك مناطق أخرى يخرج منها لاجئون مثل السودان وإفريقيا الوسطى، وليبيا مرشحة فى أية لحظة لوقوع أحداث تراجيدية، وأفغانستان والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وغيرها من الدول التى تصدر معا ملايين النازحين. مع تفاقم الأحداث فى سوريا تزايدت أعداد اللاجئين إلى مصر بشكل كبير، ولم يماثل هذه الزيادة زيادة فى تمويل مكتب المفوضية بالقاهرة.. فلماذا؟.. وهل هناك توجه لرفع نسبة تمويل مكتب المفوضية بمصر؟ سنبحث فى القريب العاجل مع المنظمات الدولية بعض البرامج الخاصة بمصر، ليس فيما يتعلق باللاجئين فقط، لكن أيضا للمساهمة فى تنمية المجتمع المحلى، لأننا ندرك أن ذلك أحد مصادر توفير الأمان للاجئين، ونعتقد أن المجتمعات المحلية فى الدول التى لجأ إليها السوريون تحتاج إلى الدعم، سواء فى مصر أو لبنان أو تركيا أو العراق، التى تعانى من مشاكل هى الأخرى، وبدأ اللاجئون فى الخروج منها. ونحن نطلب التعاون من الجميع، لأن اللاجئين السوريين لا يجوز أن يكونوا مسئولية دول الجوار التى نزحوا إليها فقط، لكن المجتمع الدولى كله يجب أن يكون مسئولا عنهم. هل ترى أن الإرهاب يلعب دورا بارزا فى تأجيج الصراعات ونزوح أعداد متزايدة من اللاجئين؟ الإرهاب أصبح أحد المصادر الرئيسية لخلق الأوضاع المأساوية التى نراها حول العالم من نيجيريا إلى مالى واليمن والصومال وسورياوالعراق وباكستان وأفغانستان. الأزمة السورية تسببت فى نزوح أعداد من الفلسطينيين إلى مصر.. لماذا لا يعترف بهم مكتب المفوضية بالقاهرة كلاجئين ويرفض تسجيلهم؟ لقد بحثنا هذا الأمر مع الحكومة المصرية والسلطة الفلسطينية، فهناك منظمات أخرى تتولى رعايتهم، على رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التى تعمل على رعايتهم فى لبنان والأردن وسوريا، وإذا قمنا بتسجيلهم فسيكون ازدواجا فى تقديم الخدمة، مما قد يحرم شخصا آخر مستحقا لها. هل تم التنسيق مع "الأونروا" بخصوصهم؟ نحن نبذل كل ما نستطيع أن نقدمه للاجئين الفلسطينيين فى أى مكان، وكان لنا دور داعم فى أزمة غزة الأخيرة، وهناك تنسيق دائم بيننا وبين "الأونروا" وغيرها من المنظمات الإغاثية. هل يمكن اعتبار محاولات الهجرة غير الشرعية نزوحا؟.. وما الحل لحماية الأرواح التى تزهق خلال تلك المحاولات؟. تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين مؤشر على زيادة أعداد من يريدون تأمين حياتهم بشكل مختلف، ويمكن اعتبار ذلك نزوحا من أوضاع صعبه طمعا فى تأمين حياة أفضل فى أوروبا، والحل الوحيد فى اعتقادى لهذه المشكلة هو زيادة عدد فرص الهجرة الشرعية للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان، وهناك عدد من الدولة الأوروبية تتعاون بشكل جيد فى هذا المجال، كما أن هناك بالطبع دولا أخرى ليست كذلك.