هل توجد إعلانات طرح وحدات إسكان اجتماعي قريبا؟.. صندوق الإسكان يجيب    إدخال 136 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    أخبار الأهلي اليوم.. رسالة الخطيب وصفقة مغربية والتخطيط يصدم نجم الأحمر    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    العلاقات المصرية الصينية.. تعاون ثقافي وسياسي واقتصادي على مر العصور    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    بدون مكيف- 5 نصائح لتبريد الجسم في الصيف "فيديوجرافيك"    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    ليلى طاهر ل فيتو: أنا بخير وأستمتع بوقتي مع العائلة    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    رئيس الأعلى للإعلام يشيد بالعلاقات القوية بين مصر والسعودية    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    محمد نشأت العمده: افتتاح الرئيس لمشاريع جنوب الوادي يضيف للتنمية الشاملة    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 مايو - كأس مصر.. ودوري السلة    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    محاميه: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف 4 سنوات    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامعات .. آخر ما بقى للإخوان
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

لا أبالغ إذا قلت إن العام الدراسي الماضي في الجامعات المصرية كان أسوأ الأعوام في تاريخ التعليم الجامعي في مصر إرهابا وانفلاتا وفوضى .. كان العام الدراسي الماضي صورة من صور التحدي الأعمى والسلوك المتخلف والاعتداء الصارخ على قدسية الحرم الجامعي علما وأمنا ورسالة.
لقد بدأت الجامعات المصرية تستعد من الآن لاستقبال عام جديد أكثر أمنا واستقرارا، هناك من أقام الأسوار الحديدية والأبواب الضخمة، وهناك من يستعد بقرارات ومواقف حاسمة ضد الفوضى والانفلات.. ولاشك أن الدولة تدرك هذا العام المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الجامعات في ظل ما بقى من فلول الإخوان المسلمين في صفوف الطلاب والأساتذة.
حين أغلقت الجامعات أبوابها في العام الدراسي السابق كانت قوات الأمن قد نجحت في السيطرة على حالة الفوضى التي تحولت إلى مواجهة شرسة بين الطلاب وقوات الأمن وأدت إلى تدمير المنشآت والمعامل والمدرجات والاعتداء على الأساتذة في مكاتبهم وإحراق المباني والحدائق.. الشيء المؤكد أن الدولة استوعبت دروس الماضي وهى تدرك أن آخر ما بقى من حشود الإخوان في الشارع المصري مجموعة من الطلاب لا يتجاوز عددهم المئات وان الجماعة سوف تدفع بهم مرة أخرى إلى مواجهات مع أجهزة الأمن لتكرار ما حدث في العام الدراسي السابق .. وهنا لابد من اتخاذ إجراءات مسبقة لمنع تكرار ما حدث.. وهنا ينبغي ان تراعى الاحتمالات الأتية:
* أولا:أن تشهد الجامعات خاصة جامعة الأزهر وجامعة القاهرة وجامعة عين شمس تحركات طلابية من اليوم الأول للدراسة وان تكون هذه التحركات الشرارة التي ينطلق منها بعد ذلك ما بقى من فلول الإخوان في الجامعات الأخرى.. لم يعد للإخوان المسلمين رصيد في الشارع المصري يسمح لهم بحشود جديدة باستثناء ما بقى من الطلاب فى بعض الجامعات وهنا ينبغي أن يتخذ رؤساء الجامعات موقفا حاسما من البداية.. إن الأزمة الحقيقية في أحداث العام الجامعي السابق أن عددا من رؤساء الجامعات لم يكونوا على مستوى المسئولية ووصلت الأمور إلى حالة من التراخي في مواجهة الموقف إداريا وتنظيميا وامنيا .. بل إن الاختلاف في وجهات النظر كان سببا فى تعقيد المواقف وانفلات المشهد بما وصل إلى حالة الفوضى التي سادت الحرم الجامعي .. إن الخلاف حول دخول قوات الأمن الحرم الجامعي أو منع ذلك قد أدى إلى تأرجح القرارات وتضارب المواقف وترتب على ذلك المزيد من الفوضى.. والمطلوب هذا العام قرارات حاسمة تؤكد أن الجامعة لمن جاء ليتعلم أما من جاء لتحطيم المدرجات والاعتداء على الأساتذة فهذا له مكان أخر.. إن الشيء المؤكد ان الجامعات تعرف من الآن أسماء الطلاب المشاغبين وهى قادرة على مواجهتهم فى كل الأحوال.
* ثانيا:هناك مشكلة المدن الجامعية وقد تحولت في العام الماضي إلى مراكز تجمع أعداد كبيرة من فلول الأخوان وتستطيع كل جامعة من الآن أن تفرز الأسماء وتحدد هوية كل طالب .. إن هناك اقتراحات بإغلاق المدن الجامعية خاصة جامعة الأزهر وتقديم دعم مادي للطلاب غير القادرين وفى تقديري إن مثل هذا القرار يعنى إسقاط هيبة الجامعة بل هيبة الدولة لأنها غير قادرة على حماية مبانيها وطلابها .. هناك أيضا اتجاه الى فصل الأساتذة الذين يثبت تحريضهم للطلاب على أعمال العنف والتخريب وهؤلاء سوف يلجأون إلى القضاء .. وفى تقديري أن الحل بالنسبة لهؤلاء الأساتذة هو إنذارهم في البداية وبعد ذلك يمكن إعطاؤهم اجازة مفتوحة إذا تطلب الأمر ذلك وليس فصلهم ومنعهم من دخول الجامعة، إن الأمر يتطلب أيضا إصدار كرنيهات لدخول الطلاب والأساتذة منذ بداية العام الدراسي بحيث توضع حراسات مشددة على أبواب الدخول حتى لا تتسلل عناصر من خارج الجامعة كما حدث في العام الماضي .. لقد تسللت الى الجامعات المصرية وجوه غريبة من البلطجية والخارجين على القانون وأطفال الشوارع وأصحاب السوابق وهذه الوجوه كانت سببا في تخريب المؤسسات والمنشآت التعليمية داخل الجامعات .. إن ضمان عدم دخول هؤلاء والسماح فقط لأعضاء هيئة التدريس والطلاب هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الأمن داخل الجامعات في عام دراسي جديد.
* ثالثا: ينبغي حسم الخلافات حول دخول قوات الأمن إلى الحرم الجامعي لانه لا يعقل ان نترك حماية الجامعة الى الحرس الجامعى بإمكاناته المحدودة وهنا يجب حسم الخلاف حول هذه القضية بين وزارة الداخلية والمسئولين في وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات .. إن دخول قوات الأمن إلى الحرم الجامعي ضرورة لاغني عنها إذا لجأت فلول الإخوان إلى إحراق المباني والمنشآت والاعتداء على الأساتذة والطلاب كما حدث فى العام الماضي.. حين تتحول المواجهات إلى استخدام الأسلحة وسقوط الضحايا فإن قوات الأمن تقتحم المساجد وبيوت الله أمام ضرورات الأمن وحماية الأرواح.
وفى تقديري ان قوات الحرس الجامعي لم تستطع في العام الماضي حماية الجامعات من حشود الطلبة والبلطجية الذين اقتحموا أسوار الجامعة.. وهنا نجد أنفسنا أمام حلين إما دخول قوات الأمن في ساعات الخطر القصوى أو دعم قوات الحرس الجامعي بكوادر مؤهلة من رجال الشرطة تتواجد بصفة دائمة داخل الحرم الجامعي .
* رابعا: إن العام الدراسي الجامعي سوف يواكب الانتخابات البرلمانية المقبلة ويجب وضع جدول زمني يضمن مرور هذه الانتخابات بصورة أمنة أو إجراء الانتخابات فى أثناء اجازة نصف العام أو وقف الدراسة طوال أيام الانتخابات .. إن الأخوان المسلمين سوف يحاولون بكل الوسائل إفساد هذه الانتخابات ولم يبق لديهم من حشود الماضي غير إعداد قليلة من طلاب الجامعات وسوف يستغلون هذه الفرصة الى ابعد مدى .. سوف يكون هدف الإخوان إفساد وتعطيل العام الدراسي .. أو التأثير على الانتخابات أو عودة الفوضى للشارع المصري مرة أخرى وكل ذلك بهدف إرسال رسالة إلى العالم ان مصر لم تستقر بعد وان وجودهم في الشارع مازال فعالا ومؤثرآ.
* خامسا: يجب أن يتوقف الإعلام بكل وسائله عن التغطية الساذجة لما يجرى فى الشارع المصري على عشر فضائيات كنت تشاهد كل يوم عشرات المراسلين الذين ينتشرون في الجامعات أمام مظاهرات لا تتجاوز العشرات من الطلاب .. إن مثل هذه التغطية هي التي تنتقل بسرعة الصاروخ إلى العالم الخارجي ويبدو الشارع المصري وكأن الإخوان يسيطرون على كل شيء فيه.. إن هذه السذاجة في المعالجة الإعلامية كانت سببا في هذه الضجة الخارجية التي استغلها التنظيم العالمي للإخوان واستغلتها دول لا تريد الاستقرار لمصر.
لقد كان الإعلام سببا في هذه الضجة الخارجية التي استفاد منها أعداء مصر .. إن مسئولية الإعلام الحقيقية في هذه المرحلة أن يظهر للعالم ان ما يجرى في مصر ليس صراعا على السلطة بين الدولة والإخوان ولكنه رفض شعبي لتجربة الأخوان في الحكم لأنها تجربة فاشلة .. إن هرولة الكاميرات خلف ما بقى من فلول الأخوان في الشارع لا يفيد استقرار هذا الوطن ولا يحقق الأمن فيه.
* سادسا:لا أتصور أن يكون الحل الأمني في الجامعات هو الحل الوحيد قد تفرضه الظروف كضرورة مرحلة نعيشها ولكن سوف يبقى الجانب الفكري والديني يمثل معركة لا مجال للتخلي عنها .. إن هذا الشباب الذي ضللته أفكار خاطئة ومفاهيم مغلوطة يحتاج إلى مناخ ثقافي وتربوي وأسرى يخرج به من هذه الأفكار الهدامة .. وهنا يأتي دور أستاذ الجامعة في ترشيد وتوجيه وتنوير طلابه وهذا الدور غاب تماما عن الجامعات المصرية أمام مئات الأساتذة الذين ينتمون إلى ساحات التطرف والانغلاق..لابد أن تفتح الجامعات أبوابا للحوار مع أبنائها من الطلاب بكل توجهاتهم وتسمع منهم وتحاورهم وتأخذ بأيديهم .
إن هذا الطالب الذي أغلق أبواب فكره مازالت أمامه سنوات طويلة من العمر والتجارب والعمل ولا ينبغي أن نتركه لظلمات الجهل والتخلف واقترح أن تشهد جامعاتنا هذا العام مجموعات من اللقاءات الحوارية بين كبار المفكرين والكتاب والفنانين ورجال الدين لكي نفتح حوارا حول مستقبل العقل المصري على أسس من الدين الوسطى القويم والفكر المتحرر والإبداع الخلاق .
إن هذه الندوات واللقاءات يمكن أن تكون بابا لتحرير عقول هذه الأجيال من شوائب التطرف والانغلاق بحيث نصل إلى خطاب ديني مستنير وخطاب ثقافي واع وجامعات تعيد للعقل المصري خصوبته وانطلاقه.. يجب أن تعود الجامعة إلى دورها القديم وتعيد لطلابها بل أساتذتها الإحساس بقيمة الوطن وانه بيتنا جميعا وإن اختلفنا في الفكر والدين والمواقف.. إن جيش مصر وقوات أمنها يخوضون الآن معركة شرسة ضد إرهاب الأمن وعلى النخبة المثقفة و في صدارتها الجامعات أن تخوض معركتها ضد إرهاب الفكر.
يجب أن تنطلق مواكب الشباب من الجامعات إلى مشروع قناة السويس الجديدة لكي يشاهدوا إعادة بناء مصر على أسس من العمل والجهد والإخلاص لهذا الوطن .
* وقبل هذا كله يجب أن يعود دور الأسرة و الآباء الغافلين عن أبنائهم وبناتهم وان يدرك كل طالب علم انه دخل الجامعة لكي يتعلم وان الدولة تتحمل نفقات تعليمه وسكنه ومعيشته لكي يضيء في الوطن شمعة ولا ينبغي أن يحرق مدرجا أو يضرب أستاذا أو يتحول إلى أداة خراب وفوضى.
..ويبقى الشعر
‎الليلةَ َأجلسُ يا قلبِي خلفَ الأبوابْ
‎أتأمَّلُ وجهِي كالأغرابْ
‎يتلوَّن وَجهي ِلا أدْري
‎هلْ ألمحُ وجْهي أم هذَا.. وجهٌ كذابْ؟
‎مِدفأتِي تنكرُ ماضينَا
‎والدفُّء سرابْ
‎تيار النورِ يحاوِرُني
‎يهرب منْ عيني أحيانًا
‎ويعودُ يدَغدغُ أعصَابي
‎والخوفُ عذابْ
‎أشعُرُ ببرودةِ أيَّامي
‎مِرآتِي تعكِس ألوانًا
‎لونٌ يتَعثرُ في ألوانْ
‎والليلُ طويلٌ والأحزانْ
‎وقفتْ تتثاءَبُ فِي مَللٍ
‎وتدُورُ وتضْحكُ فِي وجْهِي
‎وتُقهقهُ تعلُو ضحْكاتُها بينَ الجُدرانْ
* * *
‎الصَّمتُ العَاصِفُ يحمِلُني خلفَ الأبوابْ
‎فأرَى الأيامَ بلا مَعنَى
‎وأرَى الأشْياءَ.. بلاَ أسْبابْ
‎خوفٌ وضياعٌ فِي الطُّرقاتْ
‎مَا أسْوأَ أنْ تبقَى حيًا..
‎والأرضُ بقايا أمواتْ
‎الليلُ يحاصِرُ أيامِي..
‎ويدُورُ.. ويعبثُ فِي الحُجُراتْ
‎فالليلةَ ما زلتُ وحِيدًا
‎أتَسكَّع فِي صَمتِي حينًا
‎تَحملُنِي الذكرَى للنسيَانْ
‎أنتَشِلُ الحَاضِرَ فِي مللٍ
‎أتذكرُ وجْهَ الأرضِ.. ولونَ النَّاسِ
‎همومَ الوحدةِ.. والسَّجَّانْ
* * *
‎سأمُوتُ وحِيدًا
‎قَالتْ عرَّافةُ قريتنَا: ستُموتُ وحِيدًا
‎قد أُشعلُ يومًا مِدْفأتي
‎فتثورُ النارُ.. وتحرِقنِي
‎قد أفتحُ شبَّاكِي خوفًا
‎فيجيءُ ظلامٌ يُغْرقنِي
‎قد أفتحُ بَابِي مهمُومًا
‎كيْ يدخل لصُّ يخنْقنِي
‎أو يدْخل حارسُ قريتِنا
‎يحمِلُ أحكَامًا وقضَايا
‎يُخطئ في فهم الأحكامْ
‎يُطلِقُ فِي صَدْرِي النيرانْ
‎ويعُودُ يلملمُ أشلاَئى,
‎ويَظلُّ يَصيحُ على قبرِي:
‎أخطَأتُ وربَّي فِي الُعنوانْ
* * *
‎الليلةَ أجلسُ يا قلبْي.. والضَّوء شَحيحْ
‎وسَتائُر بيتِي أوراقٌ مزَّقها الرَّيحْ
‎الشاشةُ ضوءُ وظِلالٌ
‎و الوجهُ قبيحْ
‎الخوفُ يكبلُ أجْفانِي فيضيعُ النومْ
‎والبردُ يزلزلُ أعماقِي مثلَ البُركانْ
‎أفتحُ شُباكي فِي صمتٍ
‎يتَسللُ خوْفِي يُغلِقُه
‎فأرَى الأشباحَ بكلَّ مكَانْ
‎أتناثرُ وَحْدِي في الأركانْ
‎الليلةَ عدْنَا أغرابًا والعُمْر شتاءْ
‎فالشَّمسُ توارتْ في سأمٍ ٍ
‎والبدرُ يجيءُ بغيرِ ضِياءْ..
‎أعرفُ عينيك ِوإنْ صرْنا بعضَ الأشلاءْ
‎طالتْ أيامِي أم قَصرتْ فالأمرُ سواءْ
‎قدْ جئتُ وحيدًا للدُّنيا
‎وسأرحَلُ مثلَ الغُرباءْ
‎قدْ أخْطئُ فهمَ الأشْياءْ
‎لكني أعرفُ عينيكِ
‎في الحُزن سأعرفُ عينيكِ
‎في الخَوفِ سأعرفُ عينيكِ
‎في الموتِ سأعرفُ عينيكِ
‎عيناكِ تدورُ فأرصدُها بينَ الأطيافْ
‎أحملُ أيامَكِ في صَدْرِي
‎بين الأنقاضِ.. وحينَ أخافْ
‎أنثرُها سطراً.. فسُطورًا
‎أرسُمُها زمنًا.. أزمانًا
‎قدْ يقسُو الموجُ فيُلقينِي فوقَ المجدَافْ
‎قد يغدُو العُمرُ بلا ضوءٍ
‎ ويصيرُ البحرُ بلا أصدافْ
‎لكني أحملُ عينيكِ
‎قالتْ عرافةُ قريتنَا
‎أبحرْ ما شئتَ بعينَيها لَا تخشَ الموتْ
‎تعويذة ُعمْرِي عَينَاكِ
* * *
‎يتسللُ عطرُك خَلفَ البابْ
‎أشعرُ بيديكِ على صدْري
‎ألمحٌ عينيكِ على وجْهِي
‎أنفاسُك تحضنُ أنفاسِي والليل ظلامْ
‎الدفء يُحَاصِرُ مدفأتي وتدُورُ النارْ
‎أغلِقُ شبَّاكي في صمتٍ.. وأعود أنامْ
"قصيدة من ليالى الغربة سنة 1986"
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.