أسعار الذهب الحقيقية اليوم 2 يونيو.. احذر تلاعب تجار الصاغة    جنون أسعار الدواجن مستمر اليوم 2 يونيو.. السر في اختفاء الفراخ    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    طقس اليوم 2 يونيو| استمرار ارتفاع الحرارة.. وتحذير من التوجه لهذه الأماكن    عشرات آلاف الإسرائيليين يتظاهرون من أجل التوصل لإتفاق لإطلاق سراح المحتجزين    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    بعد فوز ريال مدريد.. كم بطولة يحتاجها الأهلى ليصبح الأكثر تتويجا بالبطولات؟    الجيش الأمريكي يعلن تدمير طائرة مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 الترم الثاني محافظة الفيوم برقم الجلوس أو الاسم عبر بوابة الفجر وموقع وزارة التربية والتعليم    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    المصيلحي يكشف سبب حذف 20 مليون بطاقة تموينية وعدم إضافة المواليد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    أول تعليق من كريس إيفانز عن صورة توقيعه على صاروخ إسرائيلي متجه ل غزة (صور)    11 تصريحا من وزير التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ماذا قال؟    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    زوجته الأولى ماتت بأزمة قلبية.. مفاجأة جديدة بشأن سفاح التجمع    الرابعة من نوعها.. نتنياهو يقبل دعوة لإلقاء كلمة أمام «الكونجرس» الأمريكي    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى تحارب الدول؟
تطور الاستراتيجيات يغير المفهوم العسكري
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

لعب استراتيجيات الدول الكبرى لتحقيق مصالحها العليا الدور الاكبر فى إشعال الصراعات بينهما، وهذه الصراعات تختلف بطبيعة الحال باختلاف القدرات العسكرية لبعض الدول، فى الوقت الذى تشهد فيه منطقة الشرق الاوسط نوعا جديدا من الحروب والصراعات، ليست كما هو متعارف علية فى الاستراتيجيات العسكرية، ولكن تكتيكات جديدة ظهرت على الساحة للدول الكبرى من خلال إنشاء تنظيمات إرهابية مسلحة تسعى فى المقام الاول الى زعزعة استقرار الدول.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان التنظيمات الارهابية الجديدة تم تسليحها باحدث الاسلحة لمواجهة الجيوش النظامية التابعة للبلاد المراد استهدافها، فى الوقت الذى تحاول فيه الولايات المتحدة الابتعاد عن المشهد، بسبب فشلها فى المواجهات العسكرية التى خاضتها فى باكستان وأفغانستان وكبدتها خسائر جسيمة، لذلك أصبح قرار الدخول فى مواجهة مسلحة بين الدول يحتاج لعدد من الاجراءات الحاسمة.
يمر العالم فى الفترة الحالية بالعديد من الصراعات والخلافات وتتطور تلك الصراعات الى تهديدات وتصريحات، ومحاولات إظهار القوة عن طريق الإعلان عن اسلحة جديدة، او إجراء مناورات ضخمة على حدود الدول المتنازعة، ومع امتداد الصراع، واتساع مناطق النفوذ ومحاولات سيطرة الدول العظمى على الوضع العالمي، اصبحت الحروب لا تعتمد على الحروب الشاملة، ولكنها تشمل الخاطفة منها، اى عن طريق ضربات صاروخية او هجمات جوية، او الحروب بالوكالة عن طريق دولة اخرى او جماعات إرهابيةمنظمة، او عن طريق الحرب الاقتصادية على الدول المراد استهدافها.
وتقع منطقة الشرق الاوسط فى قلب الصراع العالمى فى الوقت الحالي، وتحاول الكثير من الدول العبث بمقدرات تلك الشعوب، فى محاولة لإعادة تقسيم منطقة الشرق الاوسط، وتدمير جيوشها للحفاظ فى المقام الاول على التفوق العسكرى الاسرائيلي، ثم الحفاظ على المصالح الغربية واهمها تأمين إمدادات الوقود لتلك الدول.
إن قرار خوض حرب شاملة او تنفيذ عمليات عسكرية، ليس بالامر السهل على اى دولة مهما بلغت قوتها ونفوذها، وذلك لانه يتطلب العديد من الإجراءات من اعداد القوى الشاملة للدولة، وتوجية الاقتصاد الى اقتصاد الحرب، وإعادة تدريب وتسليح القوات المسلحة، مع المطالبة بدعم دولى لاى عملية عسكرية قد تنفذ، حتى لا يؤثر ذلك على الوضع الدولي، بجانب تماسك الجبهة الداخلية خلف القيادة السياسية التى ستتخذ قرار شن الحرب حتى لا يحدث انشقاقات، او ظهور الطابور الخامس، كما حدث فى الحرب العالمية الثانية فى بعض الدول.
ولكن الحقيقة ان هناك بعض فئات فى شعوب بعض الدول تحاول ان تضغط على قيادتها السياسية بخوض اى حروب تحت مسميات عديدة، الا ان القيادة الرشيدة التى تعلم القدرات والمتغيرات هى التى تستطيع السيطرة على الوضع وعدم الرضوخ الى تلك الفئة للمصلحة العليا للبلاد.
والحقيقة ان الدول القادرة على خوض معركة وتحقيق النصر فيها لا يمكن ان تقدم على خطوة غير مدروسة بشن حرب شاملة على دولة اخري، فامتلاك القوة الحديثة والتدريب العالي، وتماسك الجبهة الداخلية، تلك العناصر هى اكبر رادع لاى عمليات عسكرية من اى دولة اخري.
ولكل دولة فى العالم اهدافها القومية ومصالحها الحيوية، واسبقيات تلك الاهداف تنعكس عل استراتيجيتها العسكرية، وسياستها القومية، ومن المعروف ان حالات اللا سلم واللاحرب لاتعنى تطابق الاهداف وتماثل السياسات بين الدول ومن ثم تتعرض العلاقات الى اختلافات فى المصالح، وتناقض فى الاهداف، ومن اهم عوامل الردع بين الدول هو امتلاك قوة عسكرية حديثة ومتطورة قادرة على حسم اى صراع يجبر الدول على خوضه وهناك نقاط محددة قد تدفع بالازمات إما للحرب او السلم، ومن اهمها، نوايا الاطراف المحيطة او الدول من خارج المنطقة والتى لها مصالح فى المنطقة واى غموض فى النوايا قد يؤدى الى الحرب، مع تنامى الامكانات العسكرية للدول المحيطة او الدول التى تتمركز فيها قواتها فى المنطقة، والغموض فى فى هذه الامكانات قد يؤدى الى نشوب حرب.
اضافة الى ذلك طبيعة التحالفات والمحاور العسكرية، وما هو التهديد الذى تضعة هذه التحالفات ، بجانب سرعة ونوعية اتخاذ القرار السياسى باستخدام القوة المسلحة..
وبالنسبة الى الجبهة الداخلية والامان الاجتماعى فهما يلعبان دورا استراتيجيا مهما فى نظرية الردع ، والقدرة العسكرية هى قوة محورية تحتاج وتعتمد بالدرجة الاولى على كفاءة الامن الاجتماعى والتماسك، والتعاظم الاقتصادى والدبلوماسية المرنة والهادفة والاعلام المتوازن، والإيمان الراسخ، والتعليم المتكامل وديمقراطية البناء والعطاء والحوار.
ان كل ماسبق هو البناء الحقيقى للدولة قبل تنفيذ اى عمل عسكرى ضد دولة اخرى او حماية الارض والسماء والحدود من اى عدوان خارجى يتطلب خوض معركة حربية شاملة، وفى جميع الاحوال فان خوض حرب شاملة او خاطفة، فان ذلك يؤثر بشكل كبير على الدولة اقتصاديا واجتماعيا ويتطلب تماسكا قويا للجبهة الداخلية.
واذا نظرنا خلال السنوات الماضية وبالاخص فى منطقة الشرق الاوسط نجد ان حرب اكتوبر المجيدة 73، هى الحرب الوحيدة التى حققت اهدافها، والمخطط لها بعد ان تم الاعداد لها بعناية فائقة، وكان هناك هدف واحد لها، وهو اعادة الارض والكرامة بعد ما حدث فى يونيو 67، اما الحروب التى تلتها فجميعها كانت دون اهداف وكانت بتخطيط غربى من اجل تفتيت القوى فى المنطقة، وأولاها حرب الخليج الاولى بين ايران والعراق التى استمرت اكثر من 8 سنوات ومحصلتها النهائية صفر، ولم يحقق أى من الطرفين اى شيء سوى مئات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير الاقتصاد، والعودة الى الخلف بدلا من التقدم للانطلاق العلمى والتكنولوجي، وجاءت تلك الحرب من اجل تدمير القدرة العسكرية لكل من العراق وايران، وعندما استشعر الغرب ان الدولتين خرجتا من الحرب تمتلكان قدرات عسكرية، اوعزت الولايات المتحدة لصدام حسين باحتلال دولة الكويت، حتى يتم القضاء على قدرته العسكرية كاملا، وايجاد شرعية لتواجد قوات عسكرية امريكية فى الشرق الاوسط خاصة فى الكويت وقطر، من اجل السيطرة على إمدادات الوقود وحماية مصالحها، اما بالنسبة الى ايران فنفذ ولا يزال عقوبات اقتصادية عليها حتى الان، مع فشل ادخالها فى صراع مسلح مع دول الجوار.
والحرب الاخيرة هى احتلال العراق فى عام 2003، عندما نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا، حربا شاملة ضد القوات العراقية، مع العلم انه لم تكن هناك مقاومة تذكر من القوات العراقية وكأن القوات الامريكية كانت فى نزهه، وذلك بسبب الحصار الاقتصادى والعسكرى الذى كان مفروضا على العراق، بجانب حرب الاستنزاف التى نفذت عليها خلال 12 عاما متصلة، وتدمير قدرتها العسكرية.
وفى الوقت الحالى ومع تطور الاستراتيجيات العسكرية، والنظريات والاهداف ظهرت على السطح انواع جديدة من الحروب، فبعد ان فشلت الولايات المتحدة فى حروبها وتدخلها فى منطقة الشرق الاوسط، بدأت فى تكوين جماعات إرهابية ساهمت بشكل كبير فى تسليحها من اجل دخولها فى صراعات مسلحة مع جيوش بعض دول منطقة الشرق الاوسط مثلما يحدث فى سوريا وليبيا، وكان مخططا ان ينتقل السيناريو الى مصر، وبذلك تبتعد الولايات المتحدة عن الصورة ولا تثير الكثير من تحفظات الرأى العام الداخلي، اضافة الى ذلك حروب الجيل الرابع، والاستخدامات الحديثة للتكنولوجيا.
ان الحروب الشاملة لا يمكن ان تحدث الا فى حالات الاعتداء على الارض أو محاولات المساس بالامن القومى للدول، فى الوقت الحالى وحتى مع تماسك الجبهات الداخلية او القوة الاقتصادية للدول فذلك لن يعطى شرعية للقيادة فى اى دولة من خوض حرب شاملة، واكبر دليل على ذلك ما يحدث بين الكوريتين ،وايضا التهديد المباشر اليومى من كوريا الشمالية للولايات المتحدة الامريكية، ولايوجد اية ردة فعل امريكية سوى التهديدات بعقوبات اقتصادية، اما بالنسبة للعدوين باكستان والهند، وبعد خوضهما 5 حروب شاملة الا ان الردع النووى بينهما أوقف التفكير فى شن أى حروب قادمة.
..وكيف تستعد لخوضها؟
قبل البدء فى أى عمليات عسكرية أو حروب بين الدول يجب أولا أن تخضع الدولة المحاربة الى عملية إعداد شامل، وذلك من خلال تطوير واستخدام جميع القدرات والإمكانات المتيسرة للدولة، فى جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبشرية، من أجل تحقيق النصر.
وتتطلب عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة ومؤسسات عديدة، واشتراك القيادات، بكل مستوياتها، ومشاركة الشعب بمختلف طوائفه، وإنفاق المال والجهد، واستخدام كل الإمكانات المتاحة، والطاقات الممكنة، الفعالة والكامنة فى كل أبعاد قوى الدولة المادية والمعنوية.
ويقول اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا إن مفهوم إعداد الدولة للحرب متسع ومتشعب، ولكن إذا توافرت مع هذا الإعداد حسن الإرادة والقيادة الرشيدة, فإن الدولة تضع نفسها فى صفوف الدول المتقدمة، وأن عملية الإعداد تشمل ستة محاور هى الإعداد السياسي، والاقتصاد الوطني، وإعداد القوات المسلحة، وإعداد أرض الدولة كمسرح للعمليات، وتهيئة الشعب، وإعداد أجهزة الدولة.
وأشار إلى إن دور إعداد الدولة للدفاع يشمل عملية التطوير والاستخدام الجيد للقدرات المختلفة للدولة، وهى ما تعرف ب "القدرات الشاملة للدولة" وتتمثل فى (الكتلة الحيوية، والقدرة العسكرية، والقدرة الاقتصادية، والقدرة الدبلوماسية الخارجية، والقدرة المعلوماتية، والامكانات التكنولوجية، والقدرة الإعلامية، والقدرة السياسية الداخلية).
وأوضح اللواء الغبارى أن هناك عدد من الاعتبارات يجب على الدولة وضعها فى الاعتبار أثناء فترة الاعداد، أهمها المتغيرات والتوازنات والتكتلات الدولية والإقليمية، وأهدافها ومصالحها فى المنطقة أو بمعنى أدق "المسرح السياسى الدولى والإقليمي" ويجب دراسة هذا "المسرح" دراسة جيدة قبل اتخاذ قرار الحرب، فمثلا إذا اتخذنا قرارا بالحرب مع إسرائيل فإنه لا يمكن أن تتجاهل الدولة وجود تحالف بين إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي، وكذلك أيضا يجب الوضع فى الاعتبار التغيرات التى تحدث فى خريطة التكتلات والقوى السياسية، فمثلا كان هناك ما يسمى بالاتحاد السوفيتى كقوة عظمي، الا أنه لا وجود له الآن.
وقال إن الدولة فى مرحلة الإعداد يجب أن تنظر أيضا الى طبيعة التهديدات والتحديات المنتظرة من هذا القرار، وتقوم القيادة السياسية للدولة بعمل دراسات مستفيضة وتجهيزها بشكل مفصل قبل خوض الحرب لرصد التهديدات التى كانت تواجه خطة الحرب، والتى بناء عليها يتم اتخاذ القرار، وأشار الى أن عملية الإعداد ترتبط أيضا بمدى قدرة وكفاءة وإمكانات ودرجة استعداد القوات المسلحة للدولة، فمثلا إذا كنا بصدد الحرب مع إسرائيل، فإنه لايمكن أن يتم اتخاذ قرار الحرب دون جاهزية القوات وقدرتها على المواجهة العسكرية والدفاع عن تجهيزاتها وتحصيناتها على أرض العمليات التى يتم تجهيز المعدات طبقا لظروفها التى تختلف من مكان الى آخر، فإذا كانت هناك حربا مع دولة أخرى فإن طبيعة مسرح العمليات تكون مختلفة من موقع الى آخر، سواء كانت رملية أو طينية أو صخرية، وبالتالى يتم تجهيز القوات المسلحة بأسلحة تتناسب مع طبيعة كل مسرح عملياتي.
وأضاف الغبارى أن موقف وتقييم "قوى الدولة الشاملة" ومدى تحقيق التفوق والتوازن مع القوى المضادة للعدو أحد أهم ركائز إعداد الدولة وكذلك أيضا الإرادة الوطنية وروح التحدى وحرية اتخاذ القرار السياسى والعسكري، والقدرة على مواجهة صور الصراع الحديث المتمثلة فى استخدام المعلومات والجواسيس المسماة "حروب الجيل الرابع، والحروب الاجتماعية والثقافية والأيديولوجية.

أشكال الحروب
تتغير الأسس الاستراتيجية للحرب كثيرا مع مرور الزمن، بل إن معظم العناصر الرئيسية للاستراتيجية تبقى قابلة للتنفيذ على المدى الطويل، كما يمكن الخروج من تحليل واستقراء المعارك الحربية بدروس يمكن الاستفادة منها فى التخطيط لمعارك حديثة فى الوقت الحاضر، وسنعرض هنا نوعين من الحروب كان لهما الأثر الكبير فى التاريخ العسكرى الحديث، وهما: الحرب الخاطفة، والحرب الشاملة.
أولا: الخاطفة
تُعرف الحرب الخاطفة بأنها: "أسلوب خاص فى تكتيكات القتال يقوم على استخدام الطيران والقوات المدرعة والقوات الميكانيكية فى تحقيق اختراق عميق داخل جبهة العدو، من أجل قطع خطوط إمداداته وتدمير مراكزه القيادية والإدارية وتطويق دفاعاته". وأول من اعتنقها ودعا إليها فى عشرينيات القرن الماضى البريطانى (ليدل هارت)، الذى أطلق عليها: "استراتيجية الاقتراب غير المباشر"، و البريطانى (جون فولر) الذى أخذ ينشر أفكاره التكتيكية التى ركّزت على ضرورة استخدام الدبابات فى تعاون وثيق مع طائرات الإسناد التكتيكى المباشر لقطع خطوط مواصلات العدو، وإيقاع الفوضى فى مناطقه الخلفية.
ويرى الخبيران البريطانيان (فولر) و (هارت) أن الاختراق الأوّل للجبهة يجب أن يتم بواسطة التعاون الوثيق بين حشود المدرعات التى ترتكز على واجهة ضيّقة قد تصل إلى عدة كيلومترات، وبين القاذفات المقاتلة التى تقدّم دعماً تكتيكياً، إضافة إلى الدعم الجوى غير المباشر المتمثل فى قصف خطوط مواصلات العدو ومراكزه الإدارية والقيادية فى العمق العملياتي. وتتطلب عمليات الحرب الخاطفة درجة عالية من التفوّق الجوى وسرعة الحركة من ضباط يتحلّون بقدر كبير من الخبرة والمرونة، مع الاعتماد على عنصر المفاجأة وبطء رد فعل العدو، وضعف سيطرته الجوية، مع استغلال عامل السرعة فى التخطيط والتنفيذ كسلاح نفسى لزلزلة العدو، وزرع الاضطراب والفوضى فى هيكل أوضاعه الميدانية، علاوة على الغموض فى عمقه ومؤخرته.
ثانيا: الشاملة
تحاول الجيوش تحقيق الحسم عن طريق الحشد فى ميدان المعركة، ولكن ظهور الحرب الشاملة المزوّدة بأسلحة الثورة الصناعية وأحدث التكنولوجيات جعل من العسير تطبيق ذلك المبدأ، حيث إن قوة الفتك التى تتميز بها الأسلحة الجديدة أصبحت قادرة على تحقيق التدمير الشامل، كما اتضح أن حشد الجيوش يجعل منها لقمة سائغة للعدو بمجرد اكتشافها، وتحديد مواقعها، إضافة إلى صعوبة توفير الإمداد والتموين للجيوش كبيرة الحجم لمدة طويلة.
وتُعرف الحرب الشاملة بأنها: "الحرب التى لا تفرِّق بين الجبهة والداخل، وتطبع جميع نواحى وأنشطة الحياة بطابعها، فهى لا تفرِّق بين الحرب العسكرية على الحدود والحرب على الجبهة الداخلية التى تشمل الناس، وطرق المواصلات، والجسور، والموانئ، والمرافق".
وفى الحرب الشاملة، تستغل الحرب النفسية من أجل زعزعة معنويات المدنيين والعسكريين بضرب المدن والعواصم، حتى تضطر الخصم إلى سرعة الاستسلام، كما تُسخَّر فيها كل الأسحلة والمخترعات العلمية من طائرات، وحاملات طائرات، وغواصات، ومظليين، وحتى القنابل الذرية فى خدمة المعارك، إضافة إلى الحرب الاقتصادية التى يتم فيها القصف الجوى للمراكز الصناعية بهدف تدمير القاعدة الاقتصادية التى يعتمد عليها المجهود الحربى لدى العدو، فى الوقت الذى يتم فيه تجنيد جميع الموارد البشرية والاقتصادية والتكنولوجية للدولة، لتوفير متطلبات الحرب الشاملة.
وتعتبر الحرب العالمية الثانية أوضح مثال للحرب الشاملة، وأكثرها كلفة فى تاريخ البشرية، وذلك نظرا لاتساع رقعة الحرب وتعدد مسارح المعارك، وسقوط ما يقرب من خمسين مليوناً من الضحايا بين عسكريين ومدنيين، وقد بدأت هذه الحرب بنزاع دولى فى آسيا فى يوليو من عام 1937، وانتقلت إلى أوروبا فى سبتمبر، ثم انتهت فى عام 1945 باستسلام اليابان وهزيمة دول المحور وانتصار الحلفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.