يعتبر كثير من الخبراء «التربية البيئية» للشباب والأطفال مفتاح التعامل مع المشاكل المزمنة للبيئة، وإضافة هامة تكمل عملية نشر الوعى البيئى من خلال وسائل الإعلام أو مناهج التعليم، فالتربية البيئية هى مصطلح يعنى ببساطة تحويل الوعى بقضايا البيئة والمعرفة إلى سلوك إيجابى تجاه المشاكل البيئية الهامة، وأبرزها ظواهر التلوث وتدهور الموارد، من خلال التدريب وصقل المهارات لتحسين قدرة الفرد على مواجهة هذه الظواهر والتعامل معها. ولسنوات طويلة أخذت مصر فى محاولة تطبيق برامج التنمية البيئية داخل المدارس أو من خلال الدورات المخصصة لذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية المختصة، إلا إن ذلك كان يصطدم دائما بضيق المساحة الزمنية ونقص الأدوات والتمويل وغيرها من العقبات. وسعيا نحو المساعدة فى نشر هذا المفهوم وتذليل العقبات التى تواجهه نظم الاتحاد العربى للشباب والبيئة خلال الأسبوع الماضى الملتقى التدريبى الخامس للتربية البيئية بالتعاون مع وزارة البيئة والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تحت شعار «إدماج مفاهيم التربية البيئية فى برامج عمل الشباب»، وحضرها لفيف من خبراء البيئة و75 شابا وفتاة من لبنان واليمن والسودان والعراق والصومال، وجنوب السودان و دول حوض نهر النيل وقادة الشباب بهذه الدول.وفى مداخلته أكد الدكتور خالد فهمى وزير البيئة أن الدولة تنظر إلى التربية البيئية كركيزة العمل البيئى وهى مهمة جدا فى السياق الجديد الذى تنتهجه حاليا وهو دفع عجلة التنمية لمواجهة مشاكل الاقتصاد والبيئة ومواجهة الفقر، فإذا لم يكن لدينا وعى بيئى ستتأثر التنمية كما ستنخفض عائداتها وفوائدها البيئية والاقتصادية، وأكثر ما نحتاجه الآن هو تنفيذ البرامج والخطط التى تنهض بالوعى البيئى والتنموى وتحويله إلى سلوك إيجابى بناء يساعد فى مواجهة نزيف الموارد والحفاظ على البيئة من التلوث. وقال الوزير : فى المرحلة القادمة سنقوم بتنفيذ العديد من الأنشطة لإدماج الشباب فى أهم أنشطة العمل البيئى واهتماماتها وتعريفه بأبرز التحديات خاصة الفحم ومشاكل الطاقة وقضايا التنمية المختلفة. واستطرد مشيرا إلى أن وزارة البيئة على وشك الانتهاء من الدراسة الفنية التى طلبها مجلس الوزراء حول خليط الطاقة من الفحم، وكذلك الطاقة البديلة من الغاز الطبيعى والشمس والرياح والمخلفات لاستخدامها فى مصر، ولا سيما أن البيئة المصرية تعد مخزونا رائعا من مصادر الطاقة بما تذخر به من رياح وشمس مستمرة طوال العام. معايير استخدام الفحم وردا على سؤال حول الإصرار على استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت، فقد أكد الوزير أنه سيتم طبقا للضوابط والمعايير الأوروبية التى تعد أكثر المعايير صرامة فى العالم، وفى حالة مخالفة المنشأة لهذه المعايير سيتم منع استيراد الفحم عنها، كما سيكون هناك تقرير للأداء البيئى الذى سيراقب مدى التزام شركات الأسمنت عند استخدامها للفحم، ومن المقرر أن يكون هناك تقريران أحدهما حكومى والآخر من المنظمات الأهلية لمراقبة الأداء البيئى للشركات . سيتم إنفاق ملايين الدولارات لتغيير خطوط الإنتاج بهذه المصانع، لقد استحضرنا أبو صناعة الاسمنت فى العالم جان بيير وأوصى باستخدام الفحم بشكل متدرج إلى أن تصل إلى 40 بالمائة مخلفات و60 بالمائة فحما، وابدى دهشته من إهدار الغاز الطبيعى فى هذه الصناعة. وحول الاستعداد لاستقبال ما سنستورده من فحم قال : لا توجد قدرة بالموانى لاستيعاب 60 مليون طن فحم لذلك يجب توفير المساحة اللازمة لذلك، واستيراد الفحم ونقله أسهل من استيراد الكلينكر ( خام الأسمنت ) فى حالة التوقف عن صناعة الاسمنت والاكتفاء باستيراده. وأكد أن التوقف عن استخدام الفحم واحد بالمائة يؤثر سلبيا على الطاقة 13 بالمائة، من الممكن استخدام الفحم عشر سنوات ثم مراجعة الموقف لإنقاذ الاقتصاد المصري. وأنه إذا كان استخدام الفحم بدون ضوابط خطرا على الصحة والبيئة، فإن المازوت الذى تستخدمه محطات الكهرباء ومصانع الاسمنت اخطر من الفحم، وكذلك الكلور الذى تستخدمه محطات المياه هو غاز سام فهل سنتوقف عن الشرب. وأكد الدكتور خالد فهمي: سأعتمد على المراقبة الشعبية ولن أجدد ترخيص استيراد الفحم لشركة إذا ما خالفت الضوابط، فالتحدى الرئيسى لمصر هو كيف تعبر الفجوة التكنولوجية، لذا سنسعى إلى ردم هذه الفجوة مع الاستعانة بإعادة تطوير التشريعات ونشر الوعى البيئي.، وهناك قمر صناعى مصرى جديد وسنقوم برصد الملوثات بالاستشعار عن بعد وباستخدام القمر الصناعى الجديد وأخيرا أشار إلى أن مصر ستتسلم رئاسة وزراء البيئة الأفارقة وأنها ستمثل الصالح العام تمثيلا مشرفا، فقد رجعت مصر لإفريقيا، وسنحاول الوصول للفقراء الأفارقة للتعبير عن مصالحهم . وقدم الدكتور عماد الدين عدلى رئيس المكتب العربى للشباب والبيئة تعريفا بالتربية البيئية وأنها لكل شرائح المجتمع، وأوضح أنه مطلوب تطويع التربية البيئية للشباب فى مشروع قناة السويس لان هذا المشروع القومى الطموح نموذج تطبيقى للتنمية المستدامة، ويمكن للشباب من خلالها معرفة كيف سيحافظ على البيئة، المستدامة تعطى مثالا اكبر بكثير من الذين يعملون فى مجال حقوق الانسان لأنها تعنى بحقوق الأجيال القادمة إلى جانب الحقوق الآنية. دعم الشباب وقال الدكتور ممدوح رشوان الأمين العام للاتحاد ان الشباب كفئة رئيسية من فئات المجتمع لهم أدوار متنوعة ولابد من دعم الأدوار الاجتماعية للشباب لكى يكونوا إيجابيين فى مجتمعهم تجاه قضايا حماية البيئة والتنمية خاصة أن أحوال البيئة قد تردت إلى درجة أصبحت معها حياة الإنسان معرضة للخطر، وهنا تتعاظم مسئولية النظام التربوى فى إعداد الشباب الذى يجعل من مشكلة البيئة مشكلة مركزية من خلال تعليمه وتثقيفه وتكوين الاتجاهات والقيم البيئية لديه. وتحدث الدكتور عبد المسيح سمعان وكيل معهد الدراسات البيئية عن مفهوم «الأخلاقيات البيئية» التى تشكل موقف الإنسان من ما يحيط به من ظواهر بيئية وتدفعه إلى صيانة البيئة بوازع ثقافى وأخلاقى طوعى، وليس بالوازع القانونى وحده، وأن هذه الأخلاقيات يمكن غرسها وتنميتها من خلال التربية البيئيةوأشار العميد محمد عبدالله (لبنان ) إلى ما أسماه تخمة التقارير البيئية التى تعانى منها المنطقة العربية دون أن تكون لديها آليات تنفيذ كافية لتحويل ما بالتقارير إلى حلول واقعية ملموسة تخدم البيئة ومشاكلها. وحدد الدكتور مجدى علام الأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب أهم مجالات التربية البيئية للشباب وهى تدريبهم على المشاركة بمشروعات خدمة البيئة وخصوصا فى المناطق الريفية والنائية، وتشجيعهم على القيام بالأبحاث الخاصة بالبيئة وتنظيم الدراسات والدورات التدريبية لإعداد القادة على المستوى المحلى فى مجال خدمة البيئة وتنظيم المؤتمرات واللقاءات التدريبية لهم على المستوى القومى بالاتفاق مع الهيئات العلمية المتخصصة.