تقرير إخباري تكتبه: آمال علام تستعد القاهرة لعودة بعثة صندوق النقد الدولي قريبا لاستكمال المشاورات حول حصول مصر علي قرض من الصندوق بقيمة3.2 مليار دولار, وهو الاتجاه الذي يدور حوله نقاش ساخن هذه الايام في مجلس الشعب. ووسط الرأي العام وحتي تصل هذه المناقشات الي غايتها المرجوة وهو تقرير ما هو في صالح مصر بالفعل الآن وفي المستقبل نعرض بالتحليل لعدد من الارقام والآراء بداية فإن مصر عضو مؤسس لصندوق النقد الدولي ولذا فهي تدفع سنويا حصة محددة في رأس مال الصندوق وهو ما يمنحها الحق في الحصول علي أي قروض أو مساندات مالية عند تعرضها لازمات مالية او اقتصادية فهذا هو الغرض الاساسي لانشاء الصندوق. ومن جهة أخري فإن سياسة الصندوق التي ترسخت لدي البعض نتيجة مواقف وسياسات اتخذها صندوق النقد والبنك الدوليين في خمسينيات القرن الماضي حين رفضا تمويل انشاء السد العالي لاسباب سياسية, فهذا التوجه وقد تغير فمصر ليست دولة مارقة أو من دول محور الشر بل هي من أهم اللاعبين في منطقة الشرق الاوسط ولها حضور دولي متميز ولا يمكن تجاهل تأثيرها السياسي والاقتصادي..أيضا فإن الصندوق والبنك الدوليين ابتعدا الي حد كبير عن ألاعيب السياسة فالآن المحدد لاي قرار هو جدواه الاقتصادية. ولاشك ان إقراض مصر من صندوق النقد قرار له جدواه الاقتصادية المؤكدة حيث يشير مسعود أحمد رئيس بعثة الصندوق للقاهرة ورئيس المكتب التنفيذي لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا إلي أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر حاليا يجب ألا تحجب الحقيقة, وهي أن ثورة25 يناير يمكن أن تطلق إمكانات الاقتصاد المصري الهائلة عن طريق العمل علي تحقيق نمو شامل لجميع المواطنين وزيادة الشفافية وتعزيز الحوكمة. وهذه العوامل الإيجابية, إذا ما اقترنت بحسن إدارة الاقتصاد, يمكن أن تعزز الاستفادة من مواطن القوة الكامنة لدي مصر, وهي سكانها الذين يتميزون بالديناميكية والشباب, وروح ريادة الأعمال, وسوقها المحلية الكبيرة, وسهولة وصولها إلي أهم أسواق العالم. وأكد مسعود ان المشكلات التي تواجهها مصر حاليا ترجع الي حالة عدم اليقين السائدة أثناء الفترة الانتقالية والتي تسببت في قلق المستثمرين وتراجع ثقتهم بسبب ضعف أوضاع المالية العامة وتصاعد معدلات البطالة وتزايد الضغوط التضخمية, وعدم إقبال السائحين الذين يمثلون مصدرا حيويا للإيرادات العامة في مصر. وهذه التطورات أدت إلي الإضرار بحسابات ميزان المدفوعات وانخفاض الاحتياطيات الأجنبية إلي أكثر من النصف. وأشار الي ان البرنامج الاقتصادي المصري يهدف إلي إرساء الاستقرار ودعم الثقة, وإقامة الأسس للنمو الشامل للجميع والمنشئ لفرص العمل, وحماية الفقراء في هذه المرحلة الانتقالية. وكشف مسعود في تصريحاته عن وجود سؤال تكرر طرحه عليه خلال لقاءاته بالقاهرة مع القوي السياسية المختلفة, وهو ما إذا كانت مصر تستطيع تحمل المزيد من الدين الخارجي وما إذا كان من الأفضل أن تحصل الحكومة علي القروض التي تحتاج إليها من البنوك المحلية. وقال ان اجابة هذا السؤال لها شقان الاول ضرورة الدراسة الجادة لخيار الاقتراض وقبول تحمل المزيد من الديون نظرا لاعبائها المستقبلية والشق الثاني حقيقة أن الدين الخارجي لمصر كنسبة من إجمالي الناتج المحلي يبلغ مستوي منخفضا للغاية بالمعايير الدولية. وفيما يتعلق بالاختيار بين الاقتراض المحلي والاقتراض الخارجي, فإن أحد الاعتبارات الهامة هي مستويات أسعار الفائدة العالمية شديدة الانخفاض في الوقت الراهن, الأمر الذي يجعل الاقتراض من الخارج رخيصا نسبيا في الوقت الذي تزاد فيه أسعار الفائدة المحلية. وهناك اعتبار آخر هو أن تقليل اعتماد الحكومة علي الاقتراض المحلي يساهم في إفساح المجال أمام البنوك المحلية لتقديم المزيد من القروض للقطاع الخاص, لا سيما للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والتي تمثل مساهما أساسيا في إنعاش الاقتصاد وتوفير المزيد من فرص العمل. كما أن الاقتراض الخارجي والذي يصعب تجنبه في ظل العجز الحالي للموازنة يمكن أن يوفر تمويلا مؤقتا من أجل الحفاظ علي الانفاق الاجتماعي ومن ثم حماية الطبقات الفقيرة في مرحلة الانكماش الاقتصادي. كما أنه أيضا سيساعد علي تجنب الحكومة الاقتراض من البنك المركزي وتبعات ذلك التضخمية.. اخيرا فإن أي قرار يتخذه مجلس الشعب يجب أن يراعي حقيقة ارتفاع اسعار الفائدة علي اذون وسندات الخزانة والتي قفزت من8.7% عام2008 الي نحو13.8% خلال النصف الأول من العام المالي الحالي2011/..2012 بل تخطت حاجز ال15.8% في اخر طرح لوزارة المالية. أيضا فإن رصيد اذون وسندات الخزانة ارتفع من54.2 مليار جنيه عام2005 الي137 مليارا حاليا, بجانب اصدار مصر لاكثر من320 مليار جنيه اذون وسندات خزانة في الستة اشهر الاخيرة واذا حسبنا تكلفة ارتفاع سعر الفائدة بنسبة1% سنويا علي هذا الحجم من الاذون والسندات فان ذلك سيكلف الخزانة العامة نحو3.2 مليار جنيه أي ان ارتفاع الفائدة علي الأوراق المالية الحكومية بنحو7% خلال السنوات الخمس الاخيرة كلفنا نحو21 مليار جنيه زيادة في عبء الدين العام. وفي مقابل هذه الحقائق فإن مصدر مسئول بوزارة المالية أكد أن سعر الفائدة علي قرض صندوق النقد يبلغ نحو1.5%, ومن المتوقع ان ينخفض لأقل من1.2% فقط, وذلك في ضوء اتجاه اسعار الفائدة العالمية للانخفاض وذلك لارتباط سعر الفائدة لقروض الصندوق بأسعار الفائدة عالميا.وشدد المصدر علي انه لا توجد اي شروط لحصول مصر علي هذا القرض الميسر من الصندوق, حيث ان مصر من حقها عندما تواجه أزمة ان تحصل علي قرض حتي200% من قيمة حصتها في الصندوق.