محافظ شمال سيناء يكشف موعد طرح المرحلة الأولى من مدينة رفح | خاص    البابا تواضروس يكشف عن إضافة خميرة «الميرون» في قداس شم النسيم    أبطال أكتوبر يتحدثون ل «الأخبار» عن ذكريات النصر والتفاوض    لطلاب النقل الثانوي الأزهري، تعرف على جدول الامتحانات الجديد بعد تعديله (صور)    شوشة: إضافة 400 ألف فدان إلى الرقعة الزراعية في سيناء| خاص    خلال أيام.. تعرف على موعد انتهاء خطة تخفيف أحمال الكهرباء    المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمطاعم والمولات والمقاهي    سفير ألمانيا بالقاهرة: المدرسة الألمانية للراهبات أصبحت راسخة في نظام التعليم المصري    أمريكا: نريد إجابات من إسرائيل بشأن المقابر الجماعية بغزة    «أنقاض وركام».. جدران غزة تحكى 200 يوم من الحرب    يستنزف خزينة حملته الانتخابية.. «ترامب» يهدر ملايين الدولارات على دفاعه القانوني    الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكية وسفينة إسرائيلية    السجن 10 أيام عقوبة جندى إسرائيلى تخابر مع إيران    حلم البريميرليج يتبخر.. ليفربول يسقط أمام إيفرتون في «ديربي الميرسيسايد»    4 أسباب تُقرب كيميتش من الانتقال لبرشلونة    خلال 24 ساعة.. تحرير 17 ألف مخالفة مرورية متنوعة على الطرق السريعة    سوسن بدر أول الحاضرين في حفل زفاف ابنة بدرية طلبة    مخرج «إن شاء الله ولد» يتضامن مع غزة خلال مهرجان مالمو للسينما العربية    في ظل ارتفاع درجات الحرارة.. معدل المياه التي يحتاجها جسم الإنسان يومياً    حفل ختام برنامجي دوي ونتشارك بمجمع إعلام الغردقة    رئيس جي في للاستثمارات لأموال الغد: 30 مليون دولار استثمارات متوقعة لاستكمال خطوط الإنتاج المطلوبة لسيارات لادا    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    علي فرج: مواجهة الشوربجي صعبة.. ومستعد لنصف نهائي الجونة «فيديو»    حفل تأبين أشرف عبد الغفور بالمسرح القومي    تعرف على تردد قناة الحياه الحمراء 2024 لمتابعة أقوى وأجدد المسلسلات    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    دعاء الستر وراحة البال والفرج.. ردده يحفظك ويوسع رزقك ويبعد عنك الأذى    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. وهذا حكم المغالاة في الأسعار    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    السيد البدوي يدعو الوفديين لتنحية الخلافات والالتفاف خلف يمامة    وزير الاتصالات يؤكد أهمية توافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    «الزراعة» : منتجات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» الغذائية داخل كاتدرائية العباسية    العاهل البحريني ورئيس الإمارات يدعوان إلى تهدئة الأوضاع بالشرق الأوسط    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    منتخب الناشئين يفوز على المغرب ويتصدر بطولة شمال إفريقيا الودية    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    وكالة الفضاء المأهول الصينية تحدد يوم غد موعدا لاطلاق سفينة الفضاء المأهولة شنتشو-18    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    «الصحة»: فحص 1.4 مليون طالب إعدادي ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فيروس سي    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة التنمية المشوهة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 08 - 2014

أحد الدروس المستفادة فى حقل التنمية هو ضرورة أن يكون لكل دولة خصوصيتها التنموية، أى تجربتها الذاتية الفريدة. دول «البيركس» التى تمثل التعاون التنموى الجنوبي- الجنوبي،
وهى الصين، روسيا، البرازيل، الهند، جنوب إفريقيا، لدى كل منها تجربتها الخاصة، والتى صارت نموذجا تنطلق منه فى علاقاتها التنموية الخارجية، وبالأخص فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
أزمة التنمية فى المجتمع المصرى أنها سارت فى دروب شتى تسبب فيها اختلاف أجندة الممول الخارجي، ولم يكن لدى مؤسسات التنمية هم سوى الحصول على مساعدات خارجية، وهو ما أضعف من قدراتها على بناء تجربتها الخاصة. كم من مشروعات أقيمت ولم تكتمل، وكم من مشروعات تأسست، ولم يجر البناء عليها، وكم من مبادرات اتخذت، وأنفقت عليها أموال طائلة، ولم تخدم احتياجات حقيقية. الحديث فى ذلك يطول، يعرفه الباحث والممارس تحت عنوان غياب الاستدامة فى التنمية، والنتيجة أن المجتمع المصرى الآن ينقصه تصور تنموى للمستقبل، أى رؤيته لذاته. ولا يبدو أن الأحزاب السياسية معنية بهذا الشأن، ولا يوجد إطار يجمع مؤسسات التنمية حول توجهات مشتركة، وتظهر الحكومة بما تتخذه من مبادرات قومية فى واد، والهيئات غير الحكومية العاملة فى مجال التنمية فى واد آخر.
البداية الجادة لوضع تصور تنموى للمجتمع المصرى بأسره هى «توثيق» خبرات التنمية المحلية، والخروج بدروس مستفادة، وبناء عليه يمكن التفكير فى رؤية للمستقبل، تعمل من أجلها الحكومة والهيئات غير الحكومية، والقطاع الخاص. هذه ليست مهمة سهلة فى ظل مجتمع لا يوثق لتجاربه توثيقا جيدا، وفى أحيان كثيرة يريحه أن يعيش بلا ذاكرة مؤسسية.
توثيق الخبرات التنموية يحقق أهدافا عديدة: التعرف على عوامل النجاح والاخفاق مما يجعل البدايات الجديدة تستند إلى أسس عملية، وكذلك تطوير فهم الواقع بحيث لا يكون إدراك المجتمع مشوها، لا يرصد التغيرات التى تحدث فيه نتيجة الاعتماد على تقييم غير حقيقى لاحتياجاته، فضلا عن تكوين ذاكرة للعمل التنموي، توثق العمل بمختلف مشتملاته، وتوفر بنية معلوماتية تمكن الممارسين فى مجال التنمية من الإفادة من خبرات من سبقوهم. أحد الأمراض الثقافية فى المجتمع المصرى هو «غياب الذاكرة»، أو حضور «الذاكرة المشوهة»، أو «الذاكرة الانقسامية» فى مختلف المجالات، مما ينشئ أجيالا على رؤى مضطربة، وأفكار مشوشة. توثيق خبرات التنمية يؤدى إلى مساعدة الأجيال الشابة على تكوين ذاكرة جيدة تجاه مجتمعهم، ما يجرى فيه، وما يجب أن يكون عليه من تقدم، وأمان، ومساواة. ويساعد توثيق خبرات التنمية على الجمع بين الفكر والممارسة. فمن الخطأ أن تتحول التنمية إلى مجرد أنشطة متتابعة دون وجود إطار فكرى يجمعها، ودون متابعة، ونقد، وتحليل يساعد على توليد أفكار تمثل فى ذاتها نقطة انطلاق لبرامج مستقبلية. ومن ناحية أخرى فإن هذه العملية توفر مساحة مهمة للتقييم الذاتي؛ إذ يقود توثيق المشروعات التنموية بعد انتهائها إلى ممارسة المساءلة الذاتية، التى تقود إلى الشفافية، والتجويد فى العمل، وتفادى أوجه التقصير فى المستقبل. بالطبع نحن فى مسيس الحاجة إلى النقد الذاتى على الصعيد الاجتماعى للتخلص من جملة من الخصائص الاجتماعية السلبية مثل الفهلوة، والنفاق، والكذب.
وأخيرا فإن توثيق خبرات التنمية، وهذا بيت القصيد، يساعد على تطوير رؤى وطنية فى مجال التنمية، بدلا من أن تكون مشروعات التنمية مجرد سباحة فى فلك الجهات الممولة، دون أى اعتبار للاحتياجات الفعلية والملحة للمجتمع، بحيث تقترب برامج التنمية من مشكلات المجتمع الحقيقية، والتحديات التى تجابه التنمية على أرض الواقع؛ مما يقود بالضرورة إلى مشروعات تنموية تنبع من عمق الاحتياجات الفعلية.
هذه هى البداية الحقيقية للانطلاق التنموى فى المجتمع، معرفة ما حدث وماذا أنتج وما حققناه وما فشلنا فى بلوغه، ممارسة تقييم ذاتي، ومساءلة جادة تدفع المجتمع إلى استلهام أفضل السبل لتطوير قدراته بعد أن يكون تلمس مواقع القوة، ومواطن الضعف.
لا أعرف ما إذا كانت هناك هيئة أو مؤسسة توثق خبرات التنمية، وأتوقع ألا توجد جهة تحتفظ بالسجل التنموى للمجتمع المصرى على نحو يسهل استدعاؤه، والإفادة منه. بلاشك انجزت هيئات كثيرة مشروعات مهمة، وكان لها أثر فعال، لكن لم توثق التجارب، ولم يعرف بها المجتمع. إذا ظل الحال على ما هو عليه ستظل التنمية أسيرة «الأجندة التمويلية»، تحركها فى الاتجاه الذى تريده، وليس فى المسار الذى يلبى احتياجات المجتمع فى ضوء تحديد دقيق لأولوياته.
هذا الحديث لا يٌرجى منه إعادة انتاج شعارات المراحل السابقة من حديث عن «التنمية المستقلة» و«التنمية الذاتية» و«رفض التبعية»، رغم أن كل ذلك له وجاهته، ربما الآن أكثر من أى وقت مضي، لكن المعنى المقصود هو أن يعرف المجتمع تدابير البداية الجادة، ولا يظل فى حالة التيه التى تفرضها حسابات المال، وموضة المصطلحات والمفاهيم، والأجندات الوافدة.
لمزيد من مقالات د. سامح فوزى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.