مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 4 مايو 2024    وكالة فيتش ترفع آفاق تصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    هل تقديم طلب التصالح على مخالفات البناء يوقف أمر الإزالة؟ رئيس «إسكان النواب» يجيب (فيديو)    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    استشهاد فلسطينيين اثنين خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدة دير الغصون شمال طولكرم    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات تشهدها البرازيل منذ 80 عاما    رسالة محمود الخطيب لسيدات السلة بعد التتويج بكأس مصر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    فوزي لقجع يكشف حقيقة تدخله في تعيين الحكام بالاتحاد الأفريقي.. وكواليس نهائي دوري أبطال 2022    أول تعليق من رئيس مكافحة المنشطات على أزمة رمضان صبحي    طارق خيري: كأس مصر هديتنا إلى جماهير الأهلي    فريدة وائل: الأهلي حقق كأس مصر عن جدارة    سيدات سلة الأهلي| نادين السلعاوي: التركيز وتنفيذ تعليمات الجهاز الفني وراء الفوز ببطولة كأس مصر    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    حالة الطقس اليوم السبت.. «الأرصاد» تحذر من ظاهرتين جويتين مؤثرتين    "التموين" تضبط 18.8 ألف طن دقيق مدعم و50 طن سكر مدعم بالجيزة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    لا ضمير ولا إنسانية.. خالد أبو بكر يستنكر ترهيب إسرائيل لأعضاء الجنائية الدولية    قناة جديدة على واتساب لإطلاع أعضاء "البيطريين" على كافة المستجدات    وقف التراخيص.. التلاعب فى لوحة سيارتك يعرضك لعقوبة صارمة    بالفضي والأحمر .. آمال ماهر تشغل السعودية بأغاني أم كلثوم    حظك اليوم برج الجدي السبت 4-5-2024 مهنيا وعاطفيا    استعدادات لاستقبال شم النسيم 2024: الفرحة والترقب تملأ الأجواء    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    رشيد مشهراوي عن «المسافة صفر»: صناع الأفلام هم الضحايا    آمال ماهر تتألق بإطلالة فضية في النصف الثاني من حفلها بالسعودية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    حدث بالفن| مايا دياب تدافع عن نيشان ضد ياسمين عز وخضوع فنان لجراحة وكواليس حفل آمال ماهر في جدة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    في عيد العمال.. تعرف على أهداف ودستور العمل الدولية لحماية أبناءها    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألتراس‏..‏ فرسان الثورة

تنظيمية تنافس جماعة الإخوان في السمع والطاعة‏..‏ روح فدائية تتشبه بالمقاتلين علي خط النار‏..‏ خلايا عنقودية تبدأ من العاصمة وتنتهي في العزب والكفور‏قوة .. الألتراس هم الملك المتوج علي عرش التشجيع الكروي, وكرة الحماس النارية التي لا يخبو لهيبها في المدرجات. اشتبك معهم الأمن فشقوا عصا الطاعة علي الداخلية.. اندلعت ثورة25 يناير فكانوا أبطال موقعة الجمل.. ذبح اللهو الخفي75 من زملائهم في الأهلي, فرفضوا تقبل العزاء قبل القصاص..في هذا الملف, نخترق الأسوار حول جمهورية الألتراس, نفك شفراتهم السرية, نستمع إلي هتافاتهم الهادرة, نقلب في أوراقهم الخاصة, نرنو معهم إلي المستقبل وعيوننا علي الواقع السياسي الساخن..
بداية أكدت د. أمل حمادة, الباحثة في شئون العلوم الاجتماعية عبر أحدث دراسة لها أن مفهوم الألتراUltra يشير إلي الشيء الفائق والزائد عن الحد, وكان تقليديا يستخدم لوصف مناصري قضية معينة بشكل يفوق ولاء أصحاب القضية الأصليين لها, ثم انتقل المفهوم إلي مجال الرياضة, حيث استخدم لوصف مشجعي ناد معين, ونميز في هذا الإطار بين الألترا والألتراسUltraandUltras حيث إن الألتراس كمفهوم يستخدم في الأدبيات لوصف الجماعات من المشجعين المتشددين الذين تقترب أطرهم الفكرية والحركية من الحركات الفاشية التي ظهرت وسادت في أوروبا في القرن العشرين.
وتمضي د. أمل في التأصيل التاريخي والسياسي لظاهرة الألتراس عبر دراستها قائلة: يختلف الدارسون في تحديد تاريخ ظهور حركات الألترا أو الألتراس في أوروبا, باعتبارها المعهد الأول لها. فبينما يرد البعض تاريخ الظاهرة إلي العقود الأولي من القرن العشرين في المجر, يري آخرون أنها ترتبط بالستينيات مع تبلور الحركة في إيطاليا, التي يؤكد البعض محورية دورها في تبلور حركة الألتراس وتصاعد الاهتمام بها.
ويمكن تحديد عدد من السمات الرئيسية التي تميز جماعات الألتراس عن غيرهم من المشجعين العاديين, منها ولاؤها غير المشروط للنادي, بغض النظر عن نتائج الفريق أو أدائه. وتتمثل السمة الثانية في استقلاليتها الكاملة, التنظيمية والمالية, عن مجالس إدارات النوادي وروابط التشجيع التقليدية, التي كانت تخضع لعدد من التوازنات الاقتصادية والسياسية داخل النوادي لمصلحة لاعب أو عضو مجلس إدارة, كما تعتمد جماعات الألتراس علي تبرعات الأعضاء لتغطية المصروفات المطلوبة.
وتتعلق السمة الثالثة بالتشكيل العمري لهذه الجماعات, فمعظم أعمار أفراد الألتراس تقع فيما بين16 و25 عاما, في حين أن جمهور المشجعين التقليدي يتسع ليضم فئات عمرية تصل إلي الستين, كما أن مجموعات التشجيع النشيطة قد يصل متوسط أعمار أفرادها إلي الأربعين. وتنصرف السمة الرابعة إلي أن حركة الألتراس ارتبطت بشكل عام بموقع جغرافي محدد من الاستادات الرياضية, كأن تكون خلف المرمي, نتيجة انخفاض أسعار التذاكر في هذا الموقع بالمقارنة بغيرها من المواقع في الاستاد, كما ارتبطت بسلوكيات معينة ترتبط بالتشجيع الدائم والمستمر للفريق طوال مدة المباراة, دون الاهتمام بالمشاهدة الفعلية لأحداث المباراة.
السياق السياسي
وتشير د. أمل إلي نقطة بالغة الأهمية وهي أنه لا يمكن فهم تطور حركة الألتراس دون فهم السياق السياسي المصاحب, فعلي سبيل المثال, لا يمكن فهم تطور هذه الحركة في أوروبا دون فهم التطورات السياسية التي سادت فيها, بدءا من الستينيات, وارتبطت بما أطلق عليه البعض موت السياسة, أو التطورات السياسية التي ارتبطت بانهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات, وهو ما عرف بموت الأيديولوجيا. هذه التطورات خلفت قطاعات عريضة من الشباب خارج الأطر التقليدية للمشاركة, كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني, وذلك في الوقت الذي شهد تصاعد السياسات الرأسمالية وأزمات المجتمعات الحداثية.
وبالرغم من أن جماعات الألتراس لا تتبني أيديولوجية حزبية معينة, فإنها تعتبره العدو الأول لها, فخبرة التفاعل مع أفراد الأمن حملت دائما ذكريات عنيفة ومحاولات من جانب الأمن للسيطرة علي تحركات الألتراس وتجمعاتهم, كما أن جماعات الألتراس تنظر إلي وسائل الإعلام علي أنها الحليف التقليدي والطبيعي لرموز صناعة لعبة كرة القدم, وتغليب الأفكار الرأسمالية في إدارتها, وهو ما يراه الألتراس من أهم المثالب التي ظهرت وأثرت في اللعبة الشعبية الأولي في العالم, كذلك تتعامل وسائل الإعلام مع أعضاء الألتراس علي اعتبار أنهم فوضويون, وأنهم السبب في كثير من حالات العنف في الملاعب بين المشجعين, وفي الوقت نفسه تري في تغطية أخبارهم وتحركاتهم مادة صحفية وإعلامية دسمة.
وتلاحظ د. أمل أن تشكل الألتراس في مصر ارتبط بالسياق السياسي, فخلال هذا العام حاول الرئيس المخلوع تمرير حزمة من التعديلات الدستورية, كان ظاهرها إضفاء بعض السمات الديمقراطية علي النظام دون جوهر حقيقي, وذلك في الوقت الذي خلت فيه الساحة السياسية من أي قوي حقيقية تستطيع اجتذاب الأعداد المتزايدة من الشباب المتعلم الذي يبحث عن فرصة حقيقية للمشاركة, حيث لم يكن مقتنعا بأن من التيارات الموجودة علي الساحة, كما لم تشكل الحركات الاجتماعية, مثل حركة كفاية التي نشأت منذ2004, ملاذا لهم, وتلخصت مطالب كفاية في رفض مشروع توريث الحكم إلي جمال مبارك, دون أن تستطيع بلورة بدائل سياسية وقيادية للجماهير, مما أثر في نهاية الأمر في قدرة الحركة علي التجذر في الشارع.
المواجهة مع الأمن
وتؤكد د. أمل تزايد دور الألتراس في المواجهات مع قوات الأمن بعد ثورة25 يناير, وهو الدور الذي قوبل بردود فعل متباينة. فمن ناحية الإعلام الرسمي, سواء الرياضي أو السياسي, نظر لأعضاء الألتراس علي أنهم دعاة فوضي, وأن التسامح مع سلوكياتهم في مواجهة قوات الأمن يهدد هيبة الدولة, بل ويهدد استمرار الدولة نفسها.
أما من ناحية الشارع الثوري, فقد نظر لأعضاء الألتراس علي أنهم خط الدفاع الفاعل في صراع الشارع مع قوات الأمن. وقد ظهر هذا الدور بداية من28 يناير وما جري فيه من مواجهات عنيفة في شارع قصر النيل وداخل ميدان التحرير, وبعدها فيما عرف بموقعة الجمل, ثم ما تبع ذلك من اعتداء علي أهالي الشهداء والمصابين أمام جلسات محاكمة مبارك في أكاديمية الشرطة, ثم أحداث السفارة الإسرائيلية, ثم الجولة الأخيرة من المواجهات في ميدان التحرير ومحيط وزارة الداخلية.
ومن جهتها أكدت د. نسرين البغدادي أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن حركة الألتراس عندما وصلت مصر وأصبحت لها مجموعات شبابية منظمة لم تعمل الأجهزة الرسمية علي استيعابها واستغلالها للأفضل.
وكان يجب علي الأندية ومراكز الشباب وجميع المهتمين بالشباب الانتباه لهذه الظاهرة ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان, وهذه المجموعات تضم جميع الشرائح الاجتماعية والتعليمية بصفة عامة, وبالتالي توجد بينها حالة من التوحد والاندماج حول هدف واحد يمكن توجيهه وتحديده ليكون في مصلحة المجتمع, وقد نادي الكثيرون بضرورة وجود هدف قومي يلتف حوله الشباب لاستيعاب طاقاتهم المهدرة لأن هذه الطاقة إذا لم تستغل جيدا فإنها من الممكن أن توجه ضد المجتمع.
مستقبل الألتراس
وعن مستقبل الألتراس أشارت د. نسرين إلي أن الصراع دائما ينتج عن التفاوت بين الشرائح, وهو ما استطاعوا القضاء عليه من خلال توحيد الهدف وتوحيد خطوات تحقيقه, وجمع كل المفردات في إطار يعمل علي تحقيق الهدف بمعني اللبس الموحد والكلام وحركات الأيادي والتشجيع والتصفيق والقيام والجلوس في الوقت نفسه, وعمل الموجات في الملعب, ولذلك فإن هذا التوحد وهذه الطاقات إذا لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل في مشروع قومي ربما تحولت إلي بؤر وحركات انتقامية من المجتمع لشعورهم بالتهميش, كما أنهم سيوجدون لأنفسهم عالما آخر بعيدا عن المجتمع نظرا لاستبعادهم من الحركة المجتمعية, والدليل أنهم عندما وجدوا الثورة انخرطوا فيها, لأنهم اعتبروها هدفا قوميا أسهموا فيه بشكل إيجابي كبير بعد أن كانوا قبل الثورة مهملين من المجتمع ومطاردين من الأمن.
ومن وجهة نظر المسئول الأول عن الشباب في مصر المهندس خالد عبدالعزيز رئيس المجلس القومي للشباب; فإن هؤلاء الشباب لديهم طاقات وقدرات إبداعية كبري, ولابد أن نبدأ في عمل دراسات جميع روابط الألتراس في الأندية لنعرف اهتماماتهم وأولوياتهم وأهدافهم, وبناء علي هذه المعطيات تتم صياغة المشروعات والأهداف القومية التي يتم إدماجهم فيها, رافضا الفكر القديم الذي كان تفرض فيه موضوعات ومشروعات معينة علي الشباب دون أن يشاركوا في صياغتها والاقتناع بأهميتها.
وأشار المهندس خالد إلي أن أي شاب لديه توزيع مختلف للمجهود, فهناك جزء للدراسة أو العمل بالنسبة للخريجين وجزء للانتماء السياسي وجزء آخر مخصص لنشاط الإبداع ونوع من النشاط البدني وكذلك جزء للنشاط الترفيهي مثل دخول السينما أو المسرح وغيرهما, والآن لا يوجد لدينا مكان لممارسة الرياضة أو لقضاء وقت الفراغ وحتي الدراسة والعمل والبطالة زادت, ولذلك فإن كل الاحتياجات تجمعت في كرة القدم لأنها جذبت انتماءاتهم وتساعد علي تفريغ طاقاتهم, فمثلا الرحلات نشاط إبداعي, والجانب الإبداعي موجود بطبيعة المباريات, كما أن كرة القدم وفرت لهم الفسحة والسياحة عند السفر وراء الفريق في المحافظات المختلفة أو خارج مصر في البطولات الإفريقية, كذلك فإنهم استخدموا التكنولوجيا للتواصل بينهم ولتحديد مواعيد لقاءاتهم كمجموعات, بالإضافة إلي أنهم عملوا فيما بينهم وثيقة غير مكتوبة تحدد كيف يحترمون أنفسهم, وكيف يكون انتماؤهم لناديهم فقط, ويكفي أنهم رفضوا الحصول علي أموال من شركات الاتصالات مقابل عمل دخلات تحمل شعاراتهم, ولكن المشكلة أننا سلطنا الضوء الإعلامي علي بعض الأمور مثل تكسير الأتوبيسات والخلافات بين الجماهير دون معالجة أو عتاب, في الوقت الذي يمكن للأندية فيه أن تستغل هذه الطاقات الإيجابية عن طريق عمل تصميمات ولمحات فنية للملاعب والملابس وغيرها من الأمور كنوع من استغلال حب هؤلاء لأنديتهم, كذلك كان لابد من عمل ندوات ولقاءات معهم لتثقيفهم وتوجيههم, مشيرا إلي أن هذه الظاهرة ظهرت في مصر بعد نجاح كأس الأمم2006 لأن الناس شعروا بتأثير الجمهور وشكله وجماله, فهي ظاهرة نمت برغم أن البعض كان يؤكد أنها ستنتهي.
وأضاف رئيس المجلس القومي للرياضة أن الدولة أخطأت في السابق في عدم الاستفادة من طاقاتهم, وهذا ما نسعي إليه حاليا, وهو الاهتمام بكل شباب مصر, بمن فيهم الألتراس, والحل الوحيد للتعامل معهم أن يشاركوا هم في صنع طريقة التعامل منهم وخريطة الطريق للاستفادة منمهم, فلابد من الجلوس معهم وقراءة أفكارهم, فمثلا الهولجانز في انجلترا كانوا متعصبين جدا والآن وصلوا إلي مرحلة عدم وجود حواجز حديدية بينهم وبين الملعب, كذلك لابد أن يشعروا بأننا صادقون معهم وأن عهد الفساد وتمييع الأمور قد انتهي تماما, ووقتها سوف نراهم أكثر الناس إنتاجا وفائدة للوطن.
مجزرة بورسعيد
ويقول جودة إننا وقفنا مع ألتراس أهلاوي بعد مجزرة بورسعيد لأن ما حدث جريمة نكراء من الممكن أن تحدث مع أي مجموعة منا ونحن نقف ضد البلطجية والمأجورين وليس ضد أهل بورسعيد الشرفاء أصحاب المواقف الوطنية المعروفة عنهم أحبابنا وإخواننا وهم ليس لهم ذنب فيما حدث, ونحن كتحالف زملكاوي نحافظ علي العلاقات التاريخية معهم, لكن المشكلة كلها مع البلطجية وبعض أعضاء الألتراس.
وعن شهادته علي المجزرة قال: يوم المباراة المشئومة تحدثنا مع أحمد رزق أحد قيادات ألتراس المصري وترجيته لمدة ساعة كاملة أن تخرج المباراة بسلام وألا يحدث أي تجاوز نتيجة الشحن بين جمهوري الفريقين, الناتج عن أحداث المباراة السابقة بين الأهلي والمصري, وبالفعل دخل جمهور الأهلي بورسعيد دون مشكلات, لكن ما أشعل الدنيا, وهذا ما يعرفه الكثيرون, أن بعض جماهير المصري رفعت لافتة مسيئة لجماهير الأهلي, فرد بعض جماهير الأهلي, حيث قاموا بين الشوطين بشراء5 متر بفتة ونصف كيلو بوية خضراء وفرشة وكتبوا يافطة مسيئة مضادة.
ولكن علي كل الأحوال الأمر لم يكن متوقعا أن يصل إلي حد القتل ولا ننسي أن جماهير المصري رفعت لافتة تتمني الشفاء للخطيب, لكن المؤكد أن هناك تواطؤا من الأمن وأن الضباط رفضوا حتي فتح الباب لخروج الجمهور.. لكن, كما يقول الحاج حسين عفيفي مرسي من كبار مشجعي الأهلي, قام20 عسكريا بفتح الباب بالقوة لخروجنا, كما أنهم اشتبكوا مع الضباط وقالوا لهم إن هؤلاء أهلنا, فكيف نتركهم هكذا يتعرضون للقتل.
وأضاف سيد جودة أن هناك أكثر من واقعة تدل علي شهامة ورجولة أبناء الألتراس, فمثلا قبل مباراة المصري والاتحاد السكندري علمنا أن هناك بلطجية عملوا كمينا لجمهور الاتحاد في مداخل بورسعيد وستحدث مجزرة, فقمت بالاتصال بالحاج عصام وحذرته, ثم اتصلت بعادل شكل من كبار مشجعي الاتحاد وحذرته أيضا, وهو ما جعلهم يتوقفون في الطريق ولا يذهبون لاستاد بورسعيد ورجعوا من دمياط, كما اتصلت بأبو سمرة وخميس والكباش كبار مشجعي المصري وكشفت لهم عن المخطط فقاموا بحماية الجماهير السكندرية التي كانت قد وصلت بورسعيد ورفضوا أن يتعرض لهم البلطجية, وساعدهم في ذلك المذيع محمد غندر الذي حصل علي وابل من الشتائم من البلطجية.
والواقعة الثانية عندما حضر جمهور المصري مع فريقهم لملاقاة الداخلية, وكان يوجد احتقان مع بعض جماهير الزمالك, فقمنا بحل المشكلة ومنعنا أي أحد من التعرض لهم.
ويقول عادل شكوكو كبير مشجعي الإسماعيلي إنه بالرغم من الخلافات التاريخية مع النادي الأهلي, فإننا تناسينا كل هذه الخلافات بعد هذه الكارثة, وكنت من أوائل المتضامنين, ونحينا الخلافات جانبا, ونقوم الآن بالتنسيق للتوحد تحت رابطة منتخب مصر, كما نتوسط حاليا لكي يقوم جمهور بورسعيد الأصيل بتقديم واجب العزاء لشهداء الأهلي, وقد نجحنا في تقبل قادة ألتراس الأهلي مثل ريعو وإدريس التعزية تليفونيا, وعندما يتم القصاص سوف تكون التعزية داخل النادي الأهلي, وسيرتدي ألتراس بورسعيد فانلات النادي الأهلي, كما سنقوم بمسيرة داخل بورسعيد لإزالة الاحتقان الموجود ضد أهل بورسعيد لأنهم شرفاء.
من جانبها أكدت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هؤلاء مجموعة من الشباب المصري قاموا بعمل اتجاه رياضي, وعندما جاءت الثورة شاركوا فيها مثلهم مثل90% من الشباب المصري بمختلف أنواعه ممن شاركوا في الثورة, وهم معروفون بممارسة العنف في الملاعب, ولكن لا يصل لمرحلة القتل كما حدث في مجزرة بورسعيد, بل يقتصر فقط علي خناقات بالطوب ليس أكثر, وبعد الثورة مثلهم مثل باقي الشباب بدأوا يشعرون بقيمتهم وأهميتهم للوطن, ولذلك وجدنا أن ألتراس الزمالك هم أول من اتحدوا مع ألتراس الأهلي بعد المجزرة بالضبط, كما كانوا يدا واحدة في أثناء الثورة, ولذلك فإنها تري أن من شارك في مجزرة بورسعيد هم مأجورون وبلطجية ليست لهم علاقة بالرياضة والتشجيع.
وأضافت: أعتقد أن البعض يريد تقديم الألتراس ككبش فداء لتلك الأحداث, فنجد أن عليهم هجوما شديدا جدا وأي متعصب لديه طاقة عنف ونشاط وهم أكثر من يتعصب لشيء ويضحي بحياته في سبيل ذلك, ولذلك لابد من استقطابهم وتوجيه طاقاتهم فيما يفيد المجتمع, بحيث يقوم كل ناد باستقطاب مشجعيه من هؤلاء ليبعدهم عن أفكارهم العنيفة, ويوضح لهم أنهم أصبحوا مثالا وقدوة يحتذي لها الشباب, ولذلك لابد أن يكونوا علي درجة عالية في الرقي والأخلاق الحميدة مع ملاحظة أن هؤلاء يشبهون من وجهة نظري مجموعات الهيبز وغيرهم الذين ظهروا فجأة وانتهوا, لكن الاختلاف أن الألتراس بعد مشاركتهم في الثورة وتبنيهم فكرة تحقيق أهدافها أصبحوا قوة منفتحة علي المجتمع تدافع عنه وتعمل علي رفعته وتقدمه, وقد شاهدت أخيرا مجموعة منهم فوجدتهم شباب ليس لديهم في الأساس عنف أو حدة, لكن لأن التنافس الكروي, في أحيان كثيرة, يكون غير شريف, فإنهم يتحولون إلي مجموعات ضد بعضها, وهو ما يجعلهم متعصبين.
وأضافت د. عزة: أخشي أن تؤدي كثرة الاتهامات للألتراس البورسعيدي بأنه هو السبب في هذه المأساة, كما يردد البعض, إلي أن يتحول هذا الألتراس إلي وحوش يرغبون في الانتقام, وقد يتحول باقي أفراد المجتمع البورسعيدي إلي خصم لهم يرغبون في الانتقام منهم, وفي هذه الحالة سيتحول شباب الألتراس للدفاع عن أنفسهم بالعنف والانتقام من الذين يحاربونهم ويتهمونهم اتهامات باطلة أو يجدوا أنفسهم في عزلة عن المجتمع, وهذا الوضع سيؤدي إلي مزيد من العنف من ألتراس بورسعيد, وتكون تلك البداية لتحويلهم إلي مجرمين.
وأشارت إلي أن موضوع بورسعيد واضح أنه نتيجة لبلطجة مؤجرة يجب ألا يكون لها كبس فداء من ألتراس بورسعيد ثم يمتد الأمر إلي ألتراس باقي الأندية.
وأضافت أن هؤلاء الشباب استغلوا طاقاتهم وقدراتهم الكبيرة في التصدي لبلطجية موقعة الجمل, مما يعني أنهم قابلون للتحول, ولذا أتمني أن نفكك فكرتهم المتعصبة من خلال أنديتهم, وكذلك وسائل الإعلام المختلفة, وألا يستقطبوهم بطاقة عدائية, فكثرة النقد لا تصلح الإنسان, ولذلك يجب أن تتعامل معهم وسائل برفق ليتحولوا إلي طاقة منتجة.
أما الدكتورة سهير عبدالمنعم أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والقانونية, فقد أكدت أن ظاهرة الألتراس خلقت نفسها, بصرف النظر عن وجود نظائر لها في مجتمعات أخري, فهي نبت طبيعي فرضته الظروف, فالفترة التي نشأت فيها لم يكن فيها أي انتماء في المجتمع المصري, ولذلك فإن طاقاتهم وإبداعاتهم وجهودهم للأندية التي يحبونها, وكان ذلك هو الانتماد الوحيد المسموح به, ودورهم الفاعل خلال أحداث الثورة نتج عن أنهم وجدوا موضوعا آخر يمكن أن يلتفوا حوله, وهو مرتبط بالقومية والهوية, ولذلك برزت بسالتهم وفدائيتهم وشهامتهم في إنقاذ المصابين والدفاع عن كل من في الميدان.
وأشارت إلي أن أجمل ما في هذه الظاهرة هي عفويتها حتي لو كانت تعمل بشيء من التنظيم وميثاق شرف وتحديد التصرفات, والمطلوب الآن دراسة هذه الظاهرة بشكل عميق لكي نعرف كيف تحولت كيانات أخري لتصل لهذا التنظيم وتقويه, موضحة أن ما يميز هذا التنظيم هو شبابيته وقدرته علي الفعل والتنظيم وطموحه وأمله في مستقبل أفضل, ولذلك فإنني أناشد مجلس الشباب والرياضة الاستفادة من هذه الطاقات في إعلاء شأن مصر, ليس في الرياضة فحسب, بل في التنمية أيضا, لأن إهمالهم كارثة عواقبها وخيمة, كما حدث في بعض الرياضات.
فمثلا في محافظة الشرقية كان يوجد فريق عالمي للهوكي احتكر كل البطولات الإفريقية دون أي إمكانات, لكن التجربة أجهضت بفعل فاعل لأنه لم يكن مطلوب أن نتميز في أي شيء إلا وينسب لملف التوريث, ولذلك لابد أن نستفيد من الشباب في أنشطة غير رسمية أو بما يسمي القوي الناعمة, ولذلك أتمني ألا يتم التدخل في ظاهرة الألتراس بشكل رسمي, بل مطلوب قنوات للتواصل علي مستوي الأندية وعلي مستوي المجلس القومي للشباب والمجلس القومي للرياضة, ليس أكثر, لأننا لو دخلنا في عملهم بالرسميات فسيفشلوا.
ورفضت د. عزة فكرة تحويلهم إلي جمعية أهلية أو كيان قانوني منظم, لأن ذلك سوف يكون بداية النهاية لهم, لأنهم سيتحولون إلي حب الرغبة في الظهور, وهذا ما يخالف ميثاقهم الأصلي, وستلعب البيروقراطية دورا في العراك علي القيادة والرئاسة وغيرها من المناصب.
شهادة من ميدان التحرير
من جانبها قالت شيرين طلعت مخرجة تسجيلية وعضو ائتلاف ثورة اللوتس التي شاركت في كل أيام الثورة وموجاتها المختلفة في شهادتها علي شباب الألتراس في أثناء الثورة: إنهم كان لهم دور كبير منذ يوم25 يناير, وكان وجودهم بفتهم أفراد وليس بالضرورة كمجموعات, لكنهم كانوا واضحين ببسالتهم وفدائيتهم, وقد علمونا كيف نكون منظمين وقت الهجمات, حيث كانوا يعطون إشارات معينة وقت الخطر مثل التخبيط علي الأعمدة واستخدام أسلوب الكر والفر وتنظيم الوقت خلال الهجمات المتتالية, وجميعهم شباب صغير وأولاد ناس محترمين وغالبيتهم مثقفون وعلي درجة عالية من العلم والمعرفة وكثير منهم قبل الثورة كانوا يعملون في العمل الخيري العام مثل توزيع شنط رمضان علي الفقراء في مناطقهم من أموالهم الخاصة.
وتضيف أن ظهورهم الأكبر كان يوم جمعة الغضب, فقد شعرت بشكل حقيقي وغريب بأنهم عندهم استعداد رهيب للتضحية والفداء, وأن لديهم أمل في بكره طول الوقت, وفي الوقت نفسه بسالتهم غير طبيعية, فهم يتنافسون في تلقي الضربات قبل أن تصل إليك, ويضحون بأنفسهم علشانك, فهم رجال بمعني الكلمة, ليسوا شبيحة أو بلطجية أو صيع عايشين علي القهاوي, ولو بنتي كبيرة واتقدم لها واحد من شباب الألتراس لن أتردد في إعطائها له, فأنا أري أن هؤلاء الشباب مستقبلهم مشرف, فهم كانوا يدافعون عن الكرامة والحرمة وتجد أن حلمهم واحد وهدفهم واحد هو الوطن, ولذلك تجدهم ناشطين في مكافحة الفساد الرياضي, فقد قاموا بوقفات كثيرة ضد ذلك, وهم ليست لديهم نفعية إطلاقا, فقد كانوا يعيشون وسط ضرب النار والقتل والموت والوجود في ميدان التحرير, وهؤلاء التعامل معهم متعة لأنه يعطي أمل في مستقبل زاهر ومبشر لمصر, وبالنسبة لهم أعتقد أنه سيكون لهم شأن كبير, وسيتقلدون أفضل المواقع والمناصب, وأتوقع أن يخرج منهم وزراء أحدهم سيتولي وزارة الشباب والرياضة, وثان يتولي البحث العلمي, وهكذا.. لأنهم متميزون في مثل هذه التخصصات وسيكون منهم قادة عظام, فبهم وبأمثالهم أصبح لدينا أمل وهدف واضح, فالناس لم يعودوا يعيشون تحت رحمة لقمة العيش, وأصبح هدفهم الرئيسي الحرية والكرامة وبعدين تفكر في الماضي ولما العسكر يمشوا ويكون عندنا سلطة مدنية منتخبة سوف تتفجر إبداعات هؤلاء الشباب وطاقاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.