عندما كانت جدتى تريد التجسس على جدى كانت تشم أكتاف الجاكيت بعد أن يخلعه بحثا عن رائحة عطر نسائى، أو تبحث بالعدسة المكبرة فى ياقة الجاكيت ربما تعثر على شعرة نسائية طويلة أو تلمح لون أحمر شفاه على قميصه الأبيض.. تماما كما كانت تفعل الفنانة مارى منيب فى أفلامها.. هكذا كانت تفعل الجدات لتكتشف خيانة الزوج، أما الآن فقد أصبحت التكنولوجيا تسمح لكل من الزوجين بالتجسس على الطرف الآخر دون أى عناء أو مجهود.. أصبح الزوج يمكنه أن يحدد مكان زوجته وهو جالس على أريكة المنزل بالضغط على زر واحد فى هاتفه الجوال.. وأصبح بإمكان الزوجة أن تسجل كل المحادثات التليفونية لزوجها طوال يومه وهو لا يشعر بأى شىء.. هو لا يرى عيبا فى التجسس على البريد الإلكترونى أو موبايل شريكة حياته ويعتبره حقه «كرجل» فى مجتمع منحه الحرية والسلطة كاملة.. وهى ترى أن البحث والتنقيب فى هاتفه أو بريده الإلكترونى لا يعنى الشك أو التخوين وإنما تضع ذلك فى محيط «حرص ولا تخون» .. وسواء كان التجسس من أحد الطرفين بدافع الفضول أو الشك فإنه محرم شرعا وهو حتما مجلبة للخطر وخراب البيوت.. سالى موظفة بشركة اتصالات لم تستغل وظيفتها -على حد قولها للتجسس- على زوجها بعد أن شكت فى بعض تصرفاته ،لكنها علمت أن هناك جهاز تسجيل فى نصف حجم القلم الجاف يمكنه أن يسجل 12 ساعة متواصلة دون أن يصدر أى صوت يشعر من حوله بوجود مسجل.. سارعت بشرائه.. خاصة عندما أغراها سعره ،وضعت الجهاز فى حجرة مكتب زوجها بكل سهولة، وعندما قامت بتفريغ التسجيل سمعت بأذنيها مكالمة الغزل والحب بين زوجها وعشيقته.. واجهته وكانت النتيجة المتوقعة.. «أنا كدة.. عايزة تعيشى معى عيشى مش عايزة إنت حرة» هالة طلبت الطلاق فور علمها أن زوجها يراقبها بتطبيق الGPS على موبايله الخاص .. تقول: لم أحتمل ذلك خاصة أننى امرأة ملتزمة ومحل ثقة.. خدعنى وأهدانى موبايل ولكنى إكتشفت أنه يراقبنى من خلاله، فوجئت أنه يعرف جميع تحركاتى اليومية، فما كان منى إلا أن طلبت الطلاق بعد 10 سنوات من زواجنا. أما غادة موظفة ببنك تقول لمحت كلمة المرور password التى يضعها زوجى على حساب الفيس بوك الخاص به، وعندما فتحته كانت المفاجأة.. وجدته على علاقة بصديقتى المطلقة والتى كنت أثق بها وأعتبرها أختا لى.. جلست أمامه يوما وهو على اللاب توب ففتحت حسابه من على موبايلى وهو أمامى فوجدته معها على الفيس بوك يحاورها ويكتب لها «هاضطر أقفل معاك دلوقتى عشان صاحبتك قاعدة قدامى».. فضلت عدم مواجهته حتى لا أخرب بيتى.. يحكى مجدى عن تجربته مع زوجته التى يطلق عليها «جيمس بوند» قائلا إنها فاقت مهاراته فى عالم الجاسوسية ولم يعد يصلح وضع كلمة سر لهاتفه أو حتى بريده الإلكترونى لأنها قادرة على اختراق أى شىء وأخيرا وضع برنامجا على هاتفه بمجرد أن تحاول الزوجة فتح الموبايل يقوم بتصويرها..
ضريبة التكنولوجيا
دكتورة فيفيان أحمد فؤاد أستاذة علم النفس الطبى بكلية الآداب جامعة حلوان تعلق: تكنولوجيا الأجهزة فرضت الفضول على مستخدميها، حتى إذا لم يقصد طرف التجسس على الآخر فمجرد الاتصال من الموبايل يعرض اسم المتصل ومكانه عن طريق برنامج true caller.. وتطبيق الGPS الموجود بالهواتف الحديثة يسمح للطرف المتصل به معرفة اسم صاحب الخط ومكان وجوده دون طلب ذلك.. صحيح أن التكنولوجيا سمحت بسرعة التواصل ونقل المعلومة ودقة التفاصيل إلا أن هناك الكثير من المخاطر لمستخدميها.. فأصبحت وسائل التكنولوجيا أكثر سهولة فى النقل والتسجيل والمراقبة.. قلم صغير يسجل صوت وصورة وبداخله فلاشة بمجرد وضعه فى جهاز الكمبيوتر تشاهد كل ما فاتك من الأحداث. أما إذا أشرنا الى أضرار تلك التكنولوجيا فإن الأبحاث الحديثة أثبتت أن الإنترنت قد يسبب إدمان يشبه كثيرا أعراض إدمان المخدرات، بجانب الأضرار الصحية حيث تنتقل من تلك الأجهزة بعض الذبذبات والموجات الكهرومغناطيسية التى تؤثر على الجهاز العصبى وأجهزة الجسم.
أصل الحكاية
القصة تبدأ بشغل الفراغ أو التسلية كما تؤكد دكتورة فيفيان ، فيتجسس أحد الطرفين على الآخر ويكتشف بعض المعلومات التى لم تكن تصله ليس لأن الطرف الآخر يقصد إخفاءها، ولكن لأن الإنسان أحيانا لا يستطيع أن يصف كل تفاصيله الحياتية فيبدأ المتجسس أو المراقب فى الإستمتاع بإضافة معلومة جديدة عن شريك حياته، تماما مثل قارئ الكتاب يبدأ بتسلية الوقت ثم يكتشف أنه يضيف معلومة فى كل فصل يقرؤه فيتمادى فى القراءة. وعلى المستوى النفسى ترى دكتورة فيفيان أن معدل الثقة يبدأ فى الإنخفاض بسبب التجسس الذى يزيد التوتر للطرفين، فتكثر الأخطاء ويزيد العند وقد ينتج عن هذا التوتر بعض الأمراض النفسية مثل الوسواس القهرى أو الشعور بالاضطهاد أو العظمة، وأيضا ارتفاع درجات التوتر قد يسبب أمراضا جسمانية مثل إرتفاع ضغط الدم أو قرحة المعدة أو الحساسية أو الربو. وأخيرا فإن المراقبة والتجسس قد أن تدفع إلى ارتكاب الجرائم فى لحظات الغضب ويجب وضع قوانين تنطم تداول أجهزة المراقبة لأن أضرارها تشبه أضرار استخدام الأسلحة.