الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    الجيش الروسى يعلن إسقاط 87 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    الليلة.. انطلاق يورو 2024 بمواجهة ألمانيا واسكتلندا    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    فيلم شقو يتذيل قائمة الأفلام بدور العرض بعد تحقيق 8 آلاف جنيه في 24 ساعة    السعودية: استخدام أحدث الطائرات لخدمة الإسعاف الجوى خلال موسم الحج    بعثة الحج: حافلات مكيفة وحديثة لتصعيد حجاجنا للمشاعر المقدسة    وزير الصحة يترأس غرفة الأزمات والطوارئ المركزية لمتابعة تنفيذ خطة التأمين الطبي    البطاطس تواصل ارتفاعها داخل أسواق كفر الشيخ قبيل عيد الأضحى    سعر الدولار اليوم الجمعة 14-6-2024 في البنوك المصرية    موعد مباراة الأهلي وفاركو والقنوات الناقلة في الدوري المصري    الحماية المدنية بالجيزة تواصل تبريد حريق منطقة "الزرايب" بالبراجيل| صور    طقس اليوم 14 يونيو.. الأرصاد تطلق تحذيرات جديدة من الموجة الحالية    أسعار اللحوم الضاني اليوم الجمعة 14-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    «صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى المبارك    أسعار الذهب اليوم 14 يونيو.. تحركات مفاجئة في محال الصاغة    قيادي بحماس ل سي إن إن: نحتاج إلى موقف واضح من إسرائيل للقبول بوقف لإطلاق النار    عزيز الشافعي يحتفل بتصدر أغنية الطعامة التريند    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    التنمية المحلية: بدء المرحلة الثانية من زراعة 2,5 مليون شجرة ب 25 محافظة    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 14 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري بالتزامن مع إجازة البنوك    عيد الأضحى 2024| ما حكم التبرع بثمن الأضحية للمريض المحتاج    صلاح عبد الله: أحمد آدم كان يريد أن يصبح مطرباً    ترامب: علاقاتى مع بوتين كانت جيدة    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    حزب الله يبث لقطات من استهدافه مصنع بلاسان للصناعات العسكرية شمال إسرائيل    فريضة الحج.. انطلاق أولى رحلات قطار المشاعر المقدسة (مباشر)    "هذه أعمالهم" ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية؟    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات خلال عيد الأضحى    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة قلقيلية وتداهم منازل المواطنين    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    هشام قاسم و«المصري اليوم»    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    حبس المتهم بحيازة جرانوف و6 بنادق في نصر النوبة بأسوان 4 أيام    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    محمد صلاح العزب عن أزمة مسلسله الجديد: قصة سفاح التجمع ليست ملكا لأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مخلصة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 02 - 2012

القصاص للشهداء ليس حقا إنسانيا ولا واجبا دينيا فحسب‏,‏ ولكنه قضية أمن قومي لمصر ولجيشها الوطني‏.‏ مضي عام علي ذلك الحدث الضخم المبهج الذي عشناه لمدة ثمانية عشر يوما, وكان المتوقع اليوم أن نبتهج ونحن نستعيد ذكري تلك الأيام التي التحمت فيها أطياف الشعب, الرجال والنساء, والمسيحيون والمسلمون, والمسنون والأطفال, والليبراليون والإسلاميون, وأحاط ذلك الطوفان الجماهيري بدبابات الجيش المصري ليتشابك شعار سلمية.. سلمية مع شعار الجيش والشعب إيد واحدة, وبلغت البهجة ذروتها بقرار تنحي مبارك, الذي لم يكن هو الانجاز الرئيسي للثورة, بل كان إنجازها الرئيسي فيما أري هو كسر حاجز الخوف واندفاع الجماهير إلي ممارسة السياسة.
وبرغم هذا الانجاز الذي لا يستطيع أحد أن ينكره, فقد جاء عيد الثورة خليا من الإحساس الجماهيري بالبهجة, فقد ذلك الانصهار المبهج, وتفكك ذلك الجمع المنصهر, ويخطئ من يظن أن الأمر قد جري فجأة, ويخطئ كذلك من يرجع الأمر كله إلي مؤامرة خارجية أو طرف ثالث أو لهو خفي.
لقد بدأت النذر خلال مليونية النصر في81 فبراير, حين فوجئ الجميع بأن ثمة من تجمعوا في ميدان مصطفي محمود تحت شعار( جمعة رد الجميل لمبارك), وأن الجيش قد التزم الحياد بينهم وبين الثوار, برغم أن مجرد الهتاف باسم مبارك يعد طعنا في شرعية المجلس العسكري قبل أن يكون طعنا في الثوار الذين كانوا آنذاك مازالوا يهتفون الجيش والشعب إيد واحدة, وبرغم أنه لم يكن مطلوبا استخدام العصا الغليظة حيال مواطنين مصريين يعلنون رأيهم, ولكن كان المتوقع أن يعلن المجلس العسكري تبرؤه من هؤلاء وإدانته لشعاراتهم مع تأكيده لالتزامه بحرية التعبير والتظاهر السلمي.
وشهدت تلك الجمعة أيضا نذرا خافتة لبداية تنافر بين الليبراليين والإسلاميين, إذ تململ البعض حين اعتلي المنصة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ليلقي خطابا دينيا وطنيا جامعا, ولم يكن التململ راجعا إلي مضمون الخطاب بقدر ما كان راجعا إلي هوية صاحبه.
وفي الأسبوع التالي, وخلال مليونية52 فبراير, بدأ التعامل الخشن بين جنود الجيش والمتظاهرين الذين أحاطوا بمجلس الوزراء مطالبين برحيل وزارة الفريق شفيق, وسمعنا للمرة الأولي والأخيرة حتي الآن اعتذارا صريحا من المجلس العسكري, وكانت كلمة اللواء محسن الفنجري الشهيرة رصيدنا عندكم يسمح.
ولم نلبث أن بدأنا نسمع عن تفرقة بين الثوار الشرفاء الذين أنجزوا ثورتهم بالفعل, ومثيري الشغب الذين يعتبرون أن الثورة مستمرة, وفي مقابل ذلك كان الحديث عن التفرقة بين قوات جيشنا الباسل العظيم, والمجلس العسكري الذي يتولي سلطة الحكم السياسي, ومن ثم يجوز انتقاده, وغاب شعار الجيش والشعب إيد واحدة, ليرتفع شعار يسقط يسقط حكم العسكر, ووجهت الإهانات إلي رجال الجيش, وكان رد الفعل هو إهانة الثوار وانتهاك كرامتهم, وانتشرت تسجيلات تعرض تجاوزات الجميع, وتصاعدت نغمات التخوين والاتهام بالعمالة, وتحول المشهد إلي رصاص يخترق الصدور, وخرطوش يصيب العين, وغاز يكتم الأنفاس, وتوالي نزيف الدم.
ومن ناحية أخري, أخذت الفجوة في الاتساع بين الليبراليين والإسلاميين, وحين فاز التيار الإسلامي في انتخابات نظيفة لمجلس الشعب شارك فيها الملايين, تصاعدت التساؤلات عن مصادر التمويل, وتناسي البعض حقيقة أن ثورات الربيع العربي جميعا تتخذ صبغة إسلامية بدرجة أو بأخري, بل إن الانتخابات الأخيرة في دولة الكويت قد أسفرت عن اكتساح التيار الإسلامي دون شبهة تمويل خارجي بطبيعة الحال.
وجاء العيد الأول للثورة وعلي الوجوه قلق وفي القلوب أسي, وزاحمت صور شهداء ومصابي الثورة لجدد صور شهداء يناير, وتصاعدت صرخات المطالبة بالقصاص.. وغني عن البيان أن الدماء الجديدة ليست معلقة فحسب في رقاب الشرطة كما كان الحال بالنسبة للشهداء القدامي, وذلك هو بيت القصيد. وإذا كنا علي ثقة من أن التفاهم سوف يعود يوما بين التيارات الإسلامية والليبرالية بعد استيعاب كل طرف لحجمه الموضوعي دون تهوين أو تهويل, فإن الخطر الأكبر يكمن في اقتراب موعد تسليم السلطة, وقضية القصاص للشهداء والمصابين مازالت قائمة, ولعلي لا أبالغ إذا ما قلت إنها قضية تمس أمن مصر القومي خلال أجيال قادمة.
إن النسيج البشري لقواتنا المسلحة يتجدد باستمرار عبر الملتحقين الجدد بالكليات العسكرية, ومن يتم استدعاؤهم للتجنيد, وإذا وضعنا في الاعتبار أن الأحداث القومية المبهجة والصادمة علي حد سواء يختزنها وعاء الوعي القومي وتتوارثها الأجيال, فلنا أن نتوقع أن الشباب الذين سيلتحقون بصفوف القوات المسلحة, بل وبصفوف الشرطة كذلك ينتمون لجماهير مصر التي عايشت وتوارثت ما جري من خبرات خلال عام1102: منهم من ينتمون لأسر الجرحي والشهداء, ومنهم من ينتمون لأسر الضباط والجنود, ومنهم من ينتمون لأسر تتعاطف مع هؤلاء أو هؤلاء.
والسؤال هو: هل ستنجح المؤسسة العسكرية في صهر هؤلاء جميعا؟.. هل يمكن لأحد أن ينسي أن خالد الإسلامبولي وعبود الزمر ورفاقهم قد تدربوا في معسكرات القوات المسلحة, ولم يكن الهدف من تدريبهم بطبيعة الحال أن يقدموا علي ما فعلوا؟.. هل يمكن لأحد أن ينكر أن بذرة جماعات العنف والتكفير قد نبتت في أقبية التعذيب, حيث جري إذلال المعتقلين وانتهاك كراماتهم؟
من هنا وجب الإلحاح علي ضرورة التوصل لحل عادل لقضية القصاص للشهداء, باعتبارها قضية أمن قومي للقوات المسلحة قبل أن تكون حقا لأصحاب الدم, حتي لو اقتضي هذا الحل التضحية بمن أصدروا الأوامر ومن نفذوها, فمهما كان الثمن فادحا, فإنه يهون في سبيل الأمن القومي لمصر ولجيشها الوطني.
[email protected]
المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.