تتميز العلاقات العسكرية بين مصر وروسيا بالتعاون المثمر منذ زمن بعيد، فقد كانت الاسلحة الروسية تمثل عصب القوات المسلحة المصرية خلال حرب اكتوبر المجيدة، ومع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الى روسيا فمن المتوقع ان يتزايد التعاون بين البلدين من خلال التسليح والتدريبات المشتركة، وذلك في ظل التطور السريع للتكنولوجيا الروسية في مجال السلاح. وقد شهدت مصر في الاشهر القليلة الماضية زيارة عدة وفود عسكرية روسية كان منها زيارة عدد من كبار المسئولين العسكريين الروس فى مايو الماضى والتي التقوا خلالها عددا من كبار المسئولين في القوات المسلحة المصرية، منهم قائد القوات الجوية المصرية الفريق يونس المصري وقائد الدفاع الجوي المصري الفريق عبد المنعم التراس، لبحث أوجه التعاون العسكري بين البلدين. وكذلك زيارة مدير الاستخبارات الروسية (فيكسلاف كوندارسكو)، ثم زيارة وزير الدفاع الروسي (سيرجي شويجو) ومعه وزير الخارجية (سيرجي لافروف) فى 13 نوفمبر 2013، واللذين رافقهما كل من (أندريه يويتسوف) النائب الأول لرئيس هيئة التعاون العسكري الفني، وأيضاً مسئول من شركة تصدير الأسلحة الروسية (روس أدبورون إكسبورت) المملوكة للحكومة الروسية، وتتولى تصدير 90% من السلاح الروسي للعالم، وهي منتجة لدبابات القتال الرئيسية (تي 90 ). ورغم أن المسئولين المصريين لم يعلنوا عن أبعاد ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين خلال الزيارات التي تمت، فإن الجانب الروسي كشف عن بعض ملامح هذا الاتفاق، وأكدت بعض المصادر حينها أن الوفد الروسي ناقش مجموعة من الملفات تتعلق بمجالات التدريب والتسليح، كما اتفق الوفد العسكري الروسى مع قادة الجيش المصري على الخطوط العامة للمناورات العسكرية المشتركة بين البلدين التي ستجرى مطلع العام القادم، على ضوء الزيارتين المتبادلتين بين وزيري دفاع وخارجية البلدين خلال الفترة الماضية. وأشار ذات المصدر الى انه ايضا تم الاتفاق على تعاقدات لشراء قطع الغيار التي تحتاجها الأسلحة الروسية الموجودة بالقوات المسلحة، مشيرا إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد محادثات جديدة بين العسكريين المصريين والروس. كما نشرت حينها صحيفة إيزفستيا الروسية، موضحة أن كل ما اتفق بشأنه من الجانب الروسى والمصرى سيوضع موضع التنفيذ، وخاصة بعد أن وقعت روسيا في فبراير الماضي صفقة لتوريد معدات عسكرية مختلفة إلى مصر، وإن المناورات المشتركة هي خير طريقة لإبراز الجوانب الإيجابية لهذه المعدات، إضافة لذلك تنوي مصر شراء مقاتلات من طراز ميج 29 ومنظومات مضادة للجو، ومروحيات من طراز مي- 35 ومنظومات صاروخية ساحلية مضادة للسفن الحربية وغيرها. وأشار سيرجي سيرجيتشيف الخبير في معهد الشرق الوسط إلى أن روسيا لديها خطط استراتيجية بعيدة المدى، لا تقتصر على المناورات المشتركة فحسب، فهي تريد استئناف تعاون عسكري فني شامل مع مصر، ومحاولة رفع مستواه إلى ما كان عليه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وحسب قوله، فإن الاتفاق على إجراء المناورات المشتركة، يشير الى أن روسيا مستعدة للتعاون مع الرئيس السيسي، إضافة لذلك تم خلال زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، الى مصر في خريف عام 2013 الاتفاق على عدد من المسائل من ضمنها إعداد وتدريب الضباط المصريين في المؤسسات التعليمية العسكرية الروسية، وأيضا إجراء مناورات مشتركة، خاصة بعد تدهور العلاقات بين مصر وأمريكا وتجميد أمريكا المساعدات العسكرية، لذلك لم يكن هناك من بديل أمام القيادات المصرية سوى أن تعتمد على مصادر تسليح متقدمة أخرى للمحافظة على استمرار الكفاءة القتالية للقوات المسلحة وهي تواجه تحديات أمنية خطيرة في الداخل ومن الخارج، فكانت أبرز هذه المصادر روسيا والصين، لاسيما مع وجود اتفاق تعاون استراتيجي لم يكن مفعلا، بين مصر وروسيا تم توقيعه منذ عام 2009، كما أن العلاقات العسكرية بين البلدين لم تتوقف منذ ثلاثين سنة، خاصة مع استمرار وجود 30% من الأسلحة الروسية لا تزال عاملة في القوات المسلحة المصرية. من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تتابع عن كثب ملف التقارب المصري الروسي، خاصة في مجال الطاقة الذرية، ففي الوقت الذي أعلنت فيه هيئة الطاقة الذرية توقيع مصر بروتوكول تعاون نووي مشترك مع روسيا لاستكمال منظومة التعاون النووي بين البلدين، التي تشمل تحديث وتطوير المفاعل النووي البحثي المصري الأول، وتوريد الوقود لتشغيل المفاعل الثاني، والاشتراك في مناقصة مشروع الضبعة النووى، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حينها، على لسان المتحدث الرسمي باتريك فينتريل، أن الإدارة الأمريكية تبحث هذا الاتفاق في محاولة منها للوصول إلى حقيقة التعاون النووي المصري الروسي. والجدير ذكره أن المفاعل النووي الأول حصلت عليه مصر من روسيا نهاية الخمسينيات وبدأ العمل به عام 1961 وهو ما يطلق عليه مفاعل أنشاص.