أنا فتاة أقترب من سن الثلاثين، نشأت فى أسرة مترابطة لأب موظف فى الحكومة، وأم ربة منزل، ولى أربعة أشقاء، وكافح أبواى حتى تخرجنا فى الجامعة، والتحقت بإحدى شركات القطاع الخاص، وحققت فيها نجاحا ملحوظا بفضل الله وأنا معروفة بالجدية والالتزام والطموح وحب النجاح، كما أعشق المرح والحياة، ومشكلتى هى «الحب»! فلا أستطيع أن أحيا بدون الحب، وإذا أحببت أخلصت، وأكون على استعداد للتضحية بكل ما أملك من أجل من أحب، ولذلك حرصت كل الحرص على ألا أعطى قلبى لأى عابث أو هاو، وأن أحافظ عليه إلى أن أجد الشخص الذى يقدر حبي، وتمنيت من أعماق قلبى أن التقى بمن يبادلنى حبا بحب، واخلاصا بوفاء، وأن نتزوج ونحيا ثم نموت سويا، فلا يعانى أحدنا فراق الآخر! ومع الوقت وجدت أن ما أفكر فيه أوهام وليس أحلاما، فلقد مررت بتجربة حب واحدة مازلت أعانى مرارتها حتى الآن، فالحب من وجهة نظرى يختلف كثيرا عن الحب من وجهة نظر من أحببته ومعظم من قابلتهم من الرجال سواء بحكم عملي، أو من تعرفت عليهم عندما تقدموا للارتباط بى عن طريق الأهل والمعارف، اننى أرفض الزواج بهذا الأسلوب، واعتبر ذلك أبرز عوامل فشل الحياة الزوجية عند الكثيرين.
فهل انعدم الحب فى هذا الزمان، فلقد ماتت قلوب الناس، وأراهم يعيشون معا بلا حب، وأعود فاسأل نفسي: كيف أستطيع أن أحيا مع شخص فى بيت دون أن ينبض قلبى لأجله كل يوم؟.. فأنا أبحث عن الحب الطاهر النقى القائم على الوفاء والتضحية وإيثار شريك العمر.. وإننى أعتذر لأبى وأمى إذا كنت قد سببت لهما أى ألم بسبب رفضى الزواج التقليدي، ولن أتنازل عن حلمى أو أخضع لأى ضغوط. ولكاتبة هذه الرسالة أقول: معك كل الحق فى ضرورة الزواج عن حب واقتناع، وفى فترة الخطبة تتكشف جوانب كثيرة فى شخصيتى العروسين، فيستطيع كل منهما من خلال المعاملة والحديث معا أن يتبين صفات الطرف الآخر، فإذا تولدت مشاعر الحب بينهما فإنهما يكملان مشوار الزواج، وإذا أصاب الصدع علاقتهما من البداية، فلا داعى لارتباط محكوم عليه بالفشل.
وأنصحك باعطاء نفسك فسحة من الوقت لمن يتقدم إليك طالبا يدك، فجلسة واحدة لا تكفى للحكم على طباع شخص معين، وقد يتحقق التوافق بعد أكثر من جلسة حينما يكون كل طرف قد وجد ما يرغب فيه من صفات لدى الآخر، مع تضييق فجوة الخلافات فالحياة الزوجية تقوم على الرأى والمشورة، ومحاولة الوصول إلى حلول وسط.. وفقك الله وسدد خطاك.