مصر... التى يذكر مولانا الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى أنها علمت الدنيا الإسلام حتى البلد الذى نزل به الإسلام.. هى أيضا التى علمت الدنيا أسلوب الحكم.. حكم الإله الفرعون الذى تتسلسل فيه المسئولية من أعلى إلى أسفل لتحقيق رؤية يراها الكبير وتكون مسئولية الجميع بمن فيهم الشعب تحقيق هذه الرؤية. وهى أول دولة تشكلت فيها حكومة ومنحت لأعضائها سلطات. مصر.. هذه المرة علمت الدنيا أيضا أن شعبها يمكن أن يثور فى عامين ثورتين وأن يغير فى عامين رئيسين .. هذا الشعب الذى تم تجاهل دوره عقودا مضت بالرغم من تأكيد على دور له فى الدساتير والقوانين السابقة وارتضى بفلسفة أن تقرر الحكومة ما تريد وهو يفعل ما يريد والكل يبات متهني. شعب مصر الآن وبعد صبر عقود أصبح له فعلا القول الفصل خاصة بعدما تعرض له خلال السنوات الثلاث الأخيرة والتى كشفت له أمورا كثيرة، بل وغاب ما نسميه خطأ هيبة الدولة (الحكومة) .. ولأن الهيبة لا يجب أن تكون للحكومة إنما الهيبة يجب أن تكون للقانون الذى يجب أن يحترمه الحاكم والمحكوم . تعالوا نراجع معا لغويا لفظى الحكومة والسلطة. والمصدر اللغوى يقول أن الحكومة من التحكٌم والسلطة من التسلٌط. هذا الهيكل الإدارى فى دولة حديثة (200 عام) مثل الولاياتالمتحدة إسمه الإدارة. فيقولون إدارة الرئيس أوباما مثلا .. ويعاونه مجموعة من الوزراء الذين يسمونهم هناك السكرتيرين (سكرتير لكل قطاع) وفى غيبة الرئيس يكون سكرتير الشئون الخارجية هو رئيس المجموعة ويتعاون مع كل سكرتير الخبراء والعلماء الذين يضعون معه امكانيات تحقيق الرؤية القطاعية والخطة لتنفيذها فى الأمد الزمنى الممكن ويتخذ كل سكرتير القرار السياسى باختيار المرادف المناسب الذى يقدمه المتخصصون وتتجمع كل الخطط معا لتحقيق ما رآه الشعب مناسبا واختار على اساسه الرئيس (المدير). كم أرجو أن يكون توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا الاتجاه. شعب اختاره لتحقيق رؤية أعلنها ويمكن تحقيقها لمصر من خلال إدارة رشيدة متكاملة مع بعضها البعض وبمساندة وعطاء الشعب المنتج والمؤدى والمستفيد من تحقيق هذه الرؤية وليس من خلال حكومة تتحكم، أو سلطة تتسلط، ويحكم بين الجميع القوانين العامة التى تنظم ِ أسلوب أداء الحاكم والمحكوم. مصر فى هذا المكان العبقري، ومع شعبها العبقري، وبإمكانيات المكان والسكان وإدارة سليمة متكاملة تبدأ من الرئيس إلى كل معاونيه فى الإدارة ستكون. وفى وقت قصير فى المكانة التى تستحقها تاريخيا، محليا وقوميا وإفريقيا وعالميا. بإذن الله.