هل يبدو لك الاسم مألوفا؟! هل شاهدت اسمه من قبل؟!..اعتقد أن القليل منا يعرفه، إنه خطاط المصحف الشريف. فى البداية لا تقلق عزيزى القارئ لن أقدم لك هنا سيرة ذاتية عن الرجل فيكفى أن أشير عليك بمحرك البحث جوجل ليحضر لك كل المعلومات التى تخص الرجل أو أن أشير عليك بأن تتجه نحو موقع الويكيبيديا لتعرف المزيد عنه وعن لوحاته فى الخط العربي. أنا أريد من هذا المقال أن أتشارك معك ببعض الخواطر التى تأتى إلىّ كلما أمسكت بالمصحف بين يدى. وأصدقك القول أنه ما من مرة أمسك فيها المصحف الشريف إلا وأغبط هذا الخطاط السوري الكبير.. أغبطه على توفيق الله له ليكون خطاطا لمصحف "المدينةالمنورة".. واسمه يظهر عند ملايين المسلمين فى كل قارات العالم عند الصفحة الأخيرة "نال شرف كتابته الخطاط عثمان طه". فهذا الخطاط البارع مثال لكل مجتهد حول العالم.. مثال لحديث رسول الله "إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه".. فقط اجتهد ابذل كل ما فى وسعك واترك النتيجة النهائية على الله سبحانه وتعالى. فالرجل لم يجتهد فى الكتابة وتحسين الخط والمحافظة على قوانين الكتابة فى الأحرف فقط ولكنه أضاف على ذلك شيئا جديدا.. ألا وهو التنظيم والتبويب. فلمن لا يعرف كان المصحف يكتب بطريقة اعتاد عليها الجميع وهو أن يقوم خطاط ماهر وعلى درجة كبيرة من الإتقان بكتابة آيات القرآن الكلمة تلو الأخرى حتى ينتهى من كتابة المصحف الشريف.. ومثال على ذلك مصحف الشمرلى أو ما يسمى ب (مصحف الأزهر) أو ما يسمى أيضا ب (مصحف الحرمين)، والذي كتبه الخطاط المبدع محمد سعد إبراهيم (الشهير بحداد(. فالخطاط هنا يكتب الكلمة وراء الأخرى حتى نصل إلى نهاية المصحف فى سورة الناس فنكون قد استخدمنا عددا من الصفحات وصل إلى 522 صفحة، هكذا كان الحال وهكذا كان الخطاطون يكتبون المصاحف وتختلف عدد الصفحات باختلاف خط وجودة واتقان الخطاط نفسه. حتى جاء عثمان طه فتعب كثيرا ووضع تبويبا لكل جزء من القرءان واختار أن يكون كل جزء من القرآن فى 20 صفحة وبالتالى أصبحت عدد صفحات المصحف 600 صفحة (زاد عليها صفحتين فى بداية المصحف لإعطاء شكل جمالى لسورة الفاتحة وبدايات سورة البقرة، وصفحتين فى الجزء الأخير لكثرة الفواصل وبسم الله الرحمن الرحيم) أى وصلت إلى 604 صفحة. هذا التعب كان رهيبا وشاقا وهو أن تضبط ايقاع الكلمات حتى تصل إلى 20 صفحة فى كل جزء بمعدل كل 10 صفحات حزب وكل صفحتين ونصف الصفحة ربع جزء.. كان تحديا أن تطيل ها هنا بعض الكلمات وأن تضيق الفواصل ها هنا حتى تصل إلى مرادك. ولم يكتف عثمان طه بذلك فقط.. بل بدأ كل صفحة فى المصحف بآية وانتهى فى نفس الصفحة بآية.. ومثَلَ ذلك تحديا جديدا له كخطاط.. ومثَل أيضا فارقا كبيرا فى شكل صفحات المصحف عن ذي قبل بدلا من أن تستكمل قراءة الآية فى الصفحة التالية على اليسار أو فى صفحة أخرى بالخلف فينقطع المعنى.. فأصبحت القراءة أكثر سهولة ويسر. كان هذا الاجتهاد والعمل الدءوب وهذه الطريقة الجديدة فى كتابة المصحف سببا في انتشار (مصحف المدينة) فى كل بقاع العالم الإسلامى.. المصحف يطبعه مجمع الملك فهد بالمملكة العربية السعودية وعثمان انتقل للعمل به عام 1988 قادما من بلدته بسوريا. فيا ليتنى أوتيت مثل ما أوتى عثمان طه من حسن الخط ونيل شرف كتابة المصحف. بقى أن أشير إلى أن عثمان طه اسمه كاملا هو "عثمان بن عبده بن حسين بن طه"، ولد عام 1934م في مدينة حلب بسوريا ويكنى بأبى مروان.