عاش النجم الراحل أحمد زكي سنوات عمره كلها يعمل و' يفن' كما كان يقول فهو احد القلائل الذين لهم مشروع فني عنوانه الانسان والوطن فمعظم الشخصيات التي قدمها.. نشعر بها ونلمسها.. ونشمها كل يوم حولنا فهو بشخصياته اصبح كل الناس في جميع المهن والوظائف: الضابط والمحامي والوزير والصعيدي والجندي والتربي والمواطن والموظف.. وكان في كل شخصية يخترق القلوب ولانملك إلا ان نصدقه لانه كان يذوب في الشخصية بل انه احيانا يصبح الشخصية التي يقدمها. وتفرد احمد زكي بكونه صاحب مشروع سينمائي وطني سياسي' خاص', تحمس له من دون تكليف من احد, يهدف الي إحياء ذاكرة الامة من خلال اعمال ترصد سنوات الكفاح والنضال والانكسار والانتصار وكان ذلك في فيلمي ناصر56 وايام السادات وهو انجاز يصل لدرجه الاعجاز وربما لم يحققه احد من بعده وهذا ما دفع قناة سي ان ان الامريكية لوصفه بانه الممثل الوحيد الذي نجح في تجسيد شخصية زعيمين وصدقة المتفرج. وكان احمد زكي يري ان ما حققه ليس انجازا شخصيا وانما هو انجاز للاجيال...وقال لي مرة' احمد الله انني تشرفت وقدمت هذين العملين.. واعتبرهما خطوة كبيرةلاننا فتحنا من خلالهما لاول مرة الحديث عن الزعماء والرؤساء بالاسماء الحقيقية... ونجحنا في اظهارالحقائق للاجيال بعيدا عن المهاترات الساسية ونجحنا في عمل وحدة وطنية بعيدا عن خلافات الناصريين والساداتيين.. كما اكد لي ايضا في اكثر من مرة: ان منهجه الفكري وحماسته للاعمال الوطنية كانت تستند الي رأي الرئيس حسني مبارك في الزعيمين وهذا مثال للوطنية ومثال لحفظ عقول الاجيال امام التشويهات التي يقوم بها بعض الكتاب لمحاولة تشويه رموزنا. ومن المؤكد ان التاريخ سيشهد ان فيلمي ناصر والسادات خرجا برعاية وموافقة الدولة بل ان الرئيس مبارك قام بمنح احمد زكي وسام الدولة للفنون من الطبقة الاولي تقديرا لدوره في تقديم اعمال تثري الذاكرة الوطنية. لقد كان يراهن احمد زكي يراهن القيمة والجودة وقول الحقائق لان هدفه ليس مغازله حزب او جماعة وانما اجيال الوطن الكبير مصر وهذه الاجيال هي التي تنتصر له مع كل عمل يعرض له ومع كل مشهد يدغدغ مشاعرنا ويقوينا انسانيا ووطنيا. وكان احمد زكي يحلم بتقديم فيلم عن الضربة الجوية وقال: ان فيلم الضربة الجوية' اصبح مطلبا شعبيا من اجل تخليد الدور الكبير والاستثنائي الذي قام به الرئيس مبارك في قيادة القوات الجوية والذي تحقق به اعظم نصر علي اسرائيل.. وقال: من حقي كانسان ومواطن وفنان ان اصور هذه الملحمة الكبري من اجل تنشيط ذاكرة الاجيال وكيف استطاع مبارك ورجاله ان يعيدوا المجد ورد الاعتبار لمصر والامة العربية. وعندما قدم' حليم' كانت لديه اسباب كثيرة غير الاسباب الفنية فقال' عبد الحليم حافظ كان تجسيدا لاحلام وآمال جيله.. صوته رسم صورة شعب باحلامه وانكساراتة وانتصاراتة' ورغم انه رحل قبل ان يكمل دوره الا انه شعر انه ادي دوره كاملا في الحياة وهو الانتصار للناس الانتصار للوطن الانتصار للاجيال وهذا ما يؤكده اخر مشهد له في الحياة والسينما عندما كان يصور فيلم' حليم' فبعد يوم شاق ومرهق.. توقف التصوير انتظارا ليوم جديد ولكن قبل ان يغادر الاستديو ربما شعر انه لن يعود, وقبل ان يخرج قرر ان يرجع للاستديو ليحيي الناس في لقطة تعبر عن مشاعره واحساسه انه لن يعود وحيا الجميع في المشهد الذي يظهر في نهاية' حليم'.. وكأنه اراد به ان يودع الملايين الذين احبهم واحبوه واختار ان تكون صورته الباقية في القلوب والعقول كما اراد هو..' قويا وواقفا علي قدميه' او كما قال' يهمني لما اموت احافظ علي مكانتي في قلوبكم' وكانت هذه عبارته الاخيرة الباقية... ونسألكم الدعاء له بالرحمة.