تخيل أنك غني، فتح الله عليك أبواب الرزق على اتساعها، فاعتدت على نمط معيشة معين..فهل من العدل أن يطالبك أحد بتغيير نمط معيشتك، بحجة أن بالمجتمع فقراء ضائعين جائعين ضربهم السلك حتى كادوا يكفرون؟ .. نحن ياسادة نقلب الآية، ونغير موازين الكون، عندما نسأل الأثرياء التنازل عن بعض ما يملكون لأن الأصل فى الانسان الثرى أن يظل يغتنى ويثرى على طول الخط، والأصل فى الفقير أن يبقى فقيرا، بل وكلما ازداد فقره تحقق التوازن البيئى واستقرت المعادلة الأزلية: غنى وفقير، قوى وضعيف، ذكر وأنثي، شريف ولص.. وهكذا!! هل من العدل أن أطلب من غنى ما أن يكتفى ببيت واحد يبيت فيه، وهو المعتاد على النوم كل ليلة فى «شاليه» جديد؟ إن لديه عشرة شاليهات، وعشر فيللات ، وشقتين بالتجمع ، واقام برنامج حياته على الإقامة فى كل تلك الممتلكات فكيف يستطيع الاستغناء، وهو الذى ما تعود أبدا على الاستغناء؟ .. ثم إنك لو سألته عن طعامه ، فسوف تجده لا تنفتح نفسه، ولا تطيب شهيته، إلا إذا جلس الى مائدة تراصت فوقها عشرات الأصناف، من كل أنواع اللحوم، والطيور، من بط ودجاج وحمام وخضراوات وفاكهة من كل نوع تسر الناظرين ، فإذا أكل فليس المهم حشو البطن، بل المهم شكل المائدة ولتذهب الأطعمة إلى بطون صناديق القمامة، ليفتش عنها الجائعون الحقيقيون بعد ان تكون قد فسدت، هذا يا صاحبى هو ميزان العدالة وطبيعة الأشياء، مهما تشدق المتشدقون فى الإذاعة والتليفزيون ( وعذرا للصائمين إن كنا قد أجرينا ريقهم!). تريد الدليل على هذا الكلام؟.. إذن فانظر إن شئت إلى رد فعل قطاعات المجتمع المختلفة على الدعوة التى انفجرت مؤخرا لبدء تطبيق الحد الأقصى للأجور، وكيف كان حجم الغضب المكتوم ، سواء فى البنوك أو الاتصالات، أو البترول، أو مستشارى الوزارات، وكبار الهيئات الحكومية وتسأل نفسك : يا خلق الله أليس هذا مالا عاما. يعنى فلوس الشعب الغلبان، فلماذا كل هذا الاعتراض؟ .. وما معنى أن تحصل سيادتك على ربع مليون جنيه فى الشهر، بينما الأغلبية لا تجد ربع الألف (يعنى 250 جنيها!)؟ هنا تأتى النظرية الخالدة : يا سيدى . هناك أناس خلقهم الله أغنياء، وهناك ناس « وش فقر».. هل ستتدخل فى نظام الكون يا عم ؟ أليس هذا ما وقر الآن فى الضمائر، وفى تلافيف العقول، حتى لو ثرثر المثرثرون، وبرطم المبرطمون ، وتثاقف المتثاقفون عن العدل والقانون؟. وإن سألتهم .. فى مجتمعكم هذا، فى شهركم هذا ، من منكم يأخذ بالضبط «كم» ومن أين هذا ال «كم» ولماذا كل هذا ال «كم»؟ فلن يجيبك أحد، بل ستسمع شعارات ومزايدات ما أنزل الله بها من سلطان . آلا تصدقون ؟ إذن انشروا فى «الجرانين» لو جرؤتم قوائم بدخول كبار موظفى العموم فى الدولة والمؤسسات، وقولوا لنا من أين أتوا بها بالضبط؟ وكم دفعوا عليها ضرائب؟ ألا يقال بحق إن الذى يدفع الضرائب فى هذا المجتمع هم «الموظفون الغلابة؟» فقولوا لنا كم دفع غير الموظفين!. .. اخرس أيها الحاقد الحسود الداعى إلى الكراهية وصراع الطبقات.. الا تعرف يا هذا أن للكون قواعد ونواميس إن تم كسرها أو تغييرها انهدم الكون؟ وأن من أهم هذه النواميس أن يبقى الغنى غنيا والفقير فقيرا؟. فهل حقا هذه هى نواميس الكون، وقواعد العدالة، التى خلقنا عليها الله، كيف والله اسمه «العدل»؟. وعلى فكرة ، معركة الرئيس السيسى الكبرى ليست كما يروج البعض مع الأغنياء ورجال الأعمال. لا إن معركته «الأم» مع الفقراء الذين احبوه وانتخبوه على أمل أن يعيد لهم بعضا مما حرموا منه (بفعل فاعل!) طوال السنين. وللعلم ، فإن الرئيس يعرف هذه الحقيقة حق المعرفة. لقد رحب الكثيرون بقرارات الحكومة الأخيرة لترشيد دعم الطاقة، لكن الفقراء يتساءلون : هل كانت هذه القرارات حقا لمصلحتنا؟ السيسى فى لقائه مع رجال الأعمال فى الماسة منذ أيام أقسم بالله ثلاثا أنه لن يعرقل مشروعاتهم ، أو يمد يده إلى شيء مما يملكون إلا بالقانون. لقد مشى الرجل فى اتجاهكم خطوة.. ونريد أن نرى خطوتكم أنتم.. فمتى تبدأون؟ ملحوظة.. ليس عيبا أن يكون لديك عشرة شاليهات، لكن فقط تذكر أن المال مال الله ، وما أنت إلا مستخلف عليه.. . فهل أديت ما عليك.؟ نحن فى انتظارك! لمزيد من مقالات سمير الشحات