يثير الغش فى امتحانات الثانوية العامة دائما أصداء وردود فعل واسعة لدى الرأى العام لأن معدلات وقائع الغش فى هذه الامتحانات يفوق معدلاتها فى المراحل الدراسية المختلفة لأسباب أهمها أن مجموع الدرجات الذى يحصل عليها طالب الثانوية العامة هو المعيار الرئيسى المؤهل للالتحاق بكليات القمة وغيرها من الكليات الجامعية وأن تلك الآلية تدفع بعض الطلبة الفاشلين إلى الغش فى امتحاناتهم لتحقيق أمانيهم فى الالتحاق بأفضل الكليات. وكان الغش يتم نقلا عن أحد الزملاء أو من كتاب يتم تسريبه إلى داخل اللجنة، أو نقلا عن الملخصات الصغيرة المسماة «برشام» أو عن طريق الاستماع إلى الميكروفون الذى يذيع إجابات خارج اللجنة بناء على اتفاق يتم بين طرفين. ومن أهم وقائع الغش عن طريق تسريب الامتحانات قبل موعدها، تلك الفضيحة المدوية التى حدثت منذ ما يقرب من خمسين عاما حين فوجيء المصريون بإذاعة إسرائيل تذيع يوميا النص الصحيح لأسئلة الثانوية العامة التى سيمتحن فيها الطلبة فى اليوم التالى وانتهى الأمر بإلغاء الامتحان على مستوى الجمهورية. وفى عام 2005 تم ضبط قضية غش أطلق عليها الغش بنظام «تسليم المفتاح» استغل فيها بعض المنحرفين التسهيلات التى كانت وزارة التعليم تقدمها للطلبة، بالسماح لمن يتعرض منهم لظروف صحية طارئة بالتوجه إلى أقرب لجنة امتحان لأداء امتحان الثانوية العامة أمامها، وكشفت التحقيقات أن عددا ممن أدوا الامتحان أمام إحدى هذه اللجان تحايلوا بادعاء المرض، بعد أن اتفقوا مع عدد من رجال التعليم على هذه الخدعة بقصد مساعدتهم على الغش حيث كان الملاحظون يرسلون صورا من الأسئلة إلى مجموعة من المعلمين المجتمعين فى إحدى الشقق القريبة من مقر اللجنة ليجيبوا عليها ثم يعيدون الإجابات إلى المشرفين على اللجنة لتوزع على الطلبة المتورطين فى الفضيحة وانتهى التحقيق إلى إدانة عدد من رجال التعليم ثم فصل 5 مدرسين ومدير مدرسة من بينهم والخصم من المرتب لعدد آخر من المدرسين والإداريين. أما آخر أساليب الغش.. فرغم التعليمات المشددة بحظر دخول التليفونات المحمولة داخل اللجان، فقد نجح بعض الطلبة بالتواطؤ أو بالحيلة فى إدخال هذه التليفونات داخل لجنة الامتحان وتمكنوا من تصوير ورقة الأسئلة أثناء استغراق الملاحظين فى توزيع باقى الأسئلة وتم إرسالها على موقع الإنترنت بالموبايل ليقوم أحد المدرسين بالإجابة عليها وإعادة إرسالها إلى نفس الموبايل، وهو ما حدث فى كثير من وقائع الغش التى تم اكتشافها هذا العام. ويؤدى الغش خاصة فى الثانوية العامة إلى النتائج الآتية: { غياب مبدأ تكافؤ الفرص واغتصاب الطلبة الغشاشين لحقوق زملائهم المتفوقين فى الالتحاق بأفضل الكليات. { فشل عدد كبير من الطلبة الذين التحقوا بكليات القمة بناء على مجاميعهم المرتفعة التى حصلوا عليها بالغش فى استكمال دراستهم بهذه الكليات. { يحول الطالب الغشاش إلى مشروع طبيب فاشل أو مهندس منحرف أو موظف مرتش، ونظرا لخطورة هذه النتائج حاضرا ومستقبلا، ولأن الغش فى الامتحانات جريمة مركبة تتضمن الإهمال والاختلاس والرشوة والسرقة، الأمر الذى بات يتطلب حصار هذه الظاهرة ليس فقط بتعديل التشريعات وتغليظ العقوبات على من يثبت فى حقه، بل بتربية النشء على القيم والمباديء الأخلاقية واستثمار حصص التربية الدينية فى التركيز على أهمية الالتزام بالأمانة والصدق وتأكيد أن الغش جريمة جنائية وخطيئة ينهى عنها الدين.