تتعرض أجسامنا بصفة مستمرة لمواد كيميائية ضارة وأخرى نافعة، وفى الحالات الطبيعية، غير المرضية، هناك توازن دقيق بين الضارة والنافعة منها، فإذا رجحت كفة المواد الضارة كانت النتيجة تلفا فى خلايا الجسم، ومن ثم الإصابة بالأمراض، أما إذا رجحت كفة المواد النافعة فان هذا يؤدى إلى وقاية الجسم من العديد من الأمراض. وفيما يتعلق بمصادر المواد الضارة هناك مصدران أساسيان: الأول ما يصل إلى الجسم من طعام وشراب غير صحى ومواد بيئية ضارة، والثانى يتكون داخل الجسم من مواد ضارة بسبب مؤثرات سلبية ويشمل المصدر الأول الافراط فى تناول الدهون الحيوانية واللحوم الحمراء والسكريات، حيث يترتب على ذلك زيادة فى مستوى المواد الضارة، كما يشمل هذا المصدر دخان السجائر والشيشة وتناول الخمور والإصابة ببعض الأمراض والتعرض لمواد كيميائية تلوث الماء والهواء والغذاء، مثل المبيدات الحشرية وعادم السيارات وبقايا المصانع والمواد المشعة، أما المصدر الثانى فهو تكون مواد ضارة داخل الجسم تنتج بسبب مؤثرات سلبية تشمل الغضب الذى يؤدى إلى تنميل فى الأطراف واحساس بالوخز واختناق وعدم القدرة على السيطرة على النفس وتوتر العضلات واضطرابات فى القلب والجهاز الهضمي، كما تشمل المؤثرات السلبية الإجهاد المستمر والتشاؤم والكراهية والضغائن والغل والاحقاد وعن التأثير السيء للاحقاد يقول شاعر عربي: حط من الحاقد نصف عقاب .. فكفى ما بنفسه نصف عقاب وكأن الشاعر قد توقع الحقائق العلمية الحديثة التى أكدت عقاب الحاقد عقابا بدنيا ونفسيا. أما عن مصادر المواد النافعة فتشمل أشياء من خارج الجسم، وهى الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة، مثل الفواكه والخضراوات الطازجة والسمك وزيوت الزيتون وبذرة الكتان والصويا وزيت السمك، واللبن والزبادى وعسل النحل والثوم والبصل والشاى الأسود والشاى الأخضر. وعن أسباب تكون المواد النافعة داخل الجسم بسبب مؤثرات ايجابية يأتى فى المقدمة حب الله وحب الناس وأعمال الخير، ويتمثل حب الله فى الإيمان به وبما أنزل على رسله والتمسك بالفضيلة ونبذ الرذيلة. أما عن حب الناس وأعمال الخير، فقد تبين أن الأفراد الذين يتمتعون بحب الناس ويحبونهم وهؤلاء الذين يعملون الصالحات يزداد تكون المواد النافعة داخل أجسامهم، كما تزداد فى أجسام الذين يحرصون على مصالح الناس ومساعدتهم وحل مشكلاتهم، والتعامل معهم فى إطار من مناصرة العدل ونبذ الظلم والاسهام فى الأعمال الخيرية ومساعدة الفقراء والعجزة والمساكين والمحتاجين والمنكوبين، ومن المؤثرات الايجابية أيضا توثيق العلاقات الطيبة بين الأقارب والأصدقاء، وتشمل المؤثرات الايجابية التى ترفع مستوى المواد النافعة فى أجسامنا كل ما يسبب البهجة والسعادة والسرور، مثل التفاؤل والابتسام والضحك وسماع الموسيقى الهادئة والأغانى التى تطرب ولا تزعج، وقراءة كل ما يسمو بالنفس البشرية ويبث فيها الأمل فى حياة كريمة ومستقبل زاهر. وتعتبر ممارسة الرياضة البدنية من أهم العوامل التى تساعد فى وقاية الإنسان من الأمراض العضوية والنفسية حيث يترتب على ممارستها تغيرات ايجابية فى كيمياء الجسم من ضمنها رفع مستوى المواد النافعة وانخفاض مستوى المواد الضارة، مما يترتب عليه تنشيط مناعة الجسم فى مقاومة الميكروبات والفيروسات، كما تساعد الرياضة فى امداد الجسم امدادا وفيرا بالعناصر الحيوية اللازمةلاداء وظائفه وتجديد نشاط وحيوية أعضائه مثل القلب والمخ والعظام والأوعية الدموية، وتشمل العوامل المؤدية إلى رفع مستوى المواد النافعة وتنشيط المناعة والخلود إلى الراحة والاسترخاء والاستجمام وأخذ قسط وافر من النوم، حيث تبين أن الاجهاد المستمر بدون راحة يفسد التوازن الطبيعى بين المواد النافعة والمواد الضارة حيث ترجح كفة الأخيرة بسبب الاجهاد المستمر وعدم الراحة. وتأسيسا على ما تقدم ينبغى علينا اتباع السبل التى تحقق التوازن الطبيعى بين الضارة والنافعة فى أجسامنا، وذلك بترجيح كفة أعمال الخير ونبذ الآثام والشرور اقتداء بقول أمير الشعراء: فالنفس من خيرها فى خير عافية .. والنفس من شرها فى مرتع وخم د.عز الدين الدنشاري