أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين ومصاحبتهما بالمعروف فى آيات عدة من الكتاب الكريم, منها: قوله تعالي: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا) وهذه الآيات تدل على أن الأمر بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف, ليس خاصا بهذه الأمة بل هو أمر عام لكل بنى آدم مسلمهم وكافرهم, فأما ما هو معصية فلا يجب طاعتهما فيه, ولا يعد ذلك عقوقا لهما. ولحرص الإسلام على الإحسان إلى الوالدين منع الشارع ولدهما أن يخرج للجهاد إلا بإذنهما, فإن لم يكن لهما غيره فليس له الخروج له وتركهما, لما روى عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبى يستأذنه فى الجهاد, فقال: أحى والداك ؟, قال: نعم, قال: ففيهما فجاهد. وعدم الإحسان إلى الوالدين أو أحدهما عقوق, وهو كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة, وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة فى كل ما ليس بمعصية, ومخالفة أمرهما فى ذلك عقوق. ويعد من عقوق الوالدين: ما انتشر فى زماننا من عدم إيناسهما بالحديث, أو عدم الاكتراث بما يشيران به, بدعوى اختلاف زمانهما عن زمان أولادهما, أو إشاحة ولدهما بوجهه عنهما, أو عدم سماع حديثهما, أو عدم الاهتمام بأمرهما, أو التنكر لهما بالتخلص منهما فى دور رعاية العجزة ونحوها, أو عدم وضع حد لتبرم زوجة ابنهما أو زوج ابنتهما بهما, أو طاعة ابنهما لزوجته أو ابنتهما لزوجها على حساب عصيانهما وعدم البر بهما, ومن المتفق عليه بين العلماء أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر, ومما يدل له: ما روى عن أبى بكرة أن رسول اللهe قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا ؟, قلنا: بلى يا رسول الله, قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وكان متكئا فجلس, فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور, فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت, وروى عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: إن أكبر الكبائر عقوق الوالدين, قيل: وما عقوق الوالدين ؟, قال: يسب الرجل الرجل فيسب أباه, ويسب أمه فيسب أمه, وروى عن أبى بكرة قال: سمعت رسول الله يقول: كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة, إلا عقوق الوالدين فإن الله تعالى يعجله لصاحبه فى الحياة قبل الممات, وروى عن ابن عمر أن رسول الله قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه, ومدمن الخمر, والمنان عطاءه, وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه, والديوث, ورجلة النساء, والديوث:الذى يقر أهله على الفاحشة مع علمه بهم, ورجلة النساء: المتشبهة بالرجال.