جاء قرار الرئيس السيسي، بتشكيل لجنة للاصلاح التشريعى فى وقته المناسب، بعد أن تعددت التشريعات، وتصادمت التعديلات، فأصبح لكل قانون العديد من الثغرات التى يفلت منها الجناة، أو يستغلها المحامون فى التحايل على القانون. وإذا كانت اللجنة التى تم تشكيلها تضم هامات قضائية ودستورية كبيرة، فإن الملف التشريعى يحتاج منهم إلى دقة الفحص للوقوف على أخطر القوانين التى تحتاج التعديل، بهدف تفعيل الدستور وتحويله إلى قانون قابل للتطبيق. وتقول الأرقام إن غابة التشريعات الحالية، تحتاج إلى سن 34 قانونا، وإجراء 531 تعديلا حتى تنضبط المنظومة التشريعية، ويحقق قرار الرئيس جدواه. «الأهرام» بطرح فى هذا الملف رؤية شيوخ القضاء فيما يحكمنا من تشريعات إلى جانب لجان فض المنازعات التى يجب تفعيلها وتصحيح مسارها، حتى تصب معظم القوانين فى مصلحة المواطن وتتحقق العدالة الناجزة التى تاهت وسط غابة التشريعات، فأصبح بطء التقاضى السمة الغالبة فى المحاكم والشكوى الدائمة على لسان المتقاضين. وحتى لا نطيل، تعالوا إلى التفاصيل: _________________________________________
القانون فى مواجهة الإرهاب تحقيق : سيد صالح يبدو أنه لا يوجد مكان على أرض مصر فى مأمن من حوادث الإرهاب .. إذ لا يكاد يمر يوم حتى تصحو مصر على مأتم هنا.. أو إرهابيين يزرعون قنبلة هناك!! وبينما كان المصريون يعيشون اجواء الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 30 يونيو، كانت يد الإرهاب الغادر، تزرع قنبلتين فى محيط قصر الاتحادية، لتسفر عملية انفجار القنبلتين عن استشهاد ضابطى شرطة ، وإصابة 13 مواطنا، غير أن تلك الحوادث لن تزيد الدولة إلا إصراراً على اقتلاع الإرهاب من جذوره ، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى تعهد - فى كلمته التى وجهها إلى الأمة، فى الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 30 يونيو- بالقصاص العادل الناجز لأسر شهداء الإرهاب الأسود، مشيراً إلى أن الإرهاب الأسود مازال يحاول الوقوف ضد إرادة المصريين، واصفاً إياه بأنه إرهاب خسيس لايتردد فى سفك دماء الصائمين والأطفال. ويبقى السؤال: كيف السبيل إلى قطع دابر الارهاب واقتلاعه من جذوره؟ ثم هل تكفى مواد قانون العقوبات للتصدى لهؤلاء الارهابيين القتلة المخربين؟.أم أننا بحاجة لإصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب؟ هنا تقول الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة التشريعية سابقاً فى مجلس الشعب، لقد عاصرت تعديلات قانون العقوبات والاجراءت الجنائية برقم 97 لسنة 1992 تحت مسمى قانون الإرهاب ، حينما كنت رئيسة للجنة التشريعية بمجلس الشعب آن ذاك، وقد تضمن التعديل فى إحدى مواده تعريف الإرهاب ، وجاء فى المادة رقم 86 « منه أنه يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون، كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ، يلجأ إليه الجانى تنفيذا لمشروع إجرامى فردى أو جماعى ، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمبانى أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لإعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح».. أما المادة 86 مكرر فتنص على أنه يعاقب بالسجن كل من انشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع احدى مؤسسات الدولة أو احدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها . وقد نصت التعديلات والكلام مازال للدكتورة فوزية عبد الستار- على السجن كعقوبة لمرتكبى جرائم الإرهاب ، وعقوبة السجن لمن لا يعرف- تعنى من الناحية القانونية السجن لمدة تتراوح بين 3 سنوات وحتى 15 سنة ، وهذه العقوبة - فى تقديرى - لا تكفى لمواجهة الإرهاب، إذ يجب على المشرع تشديد العقوبة فى جرائم الإرهاب ،على أن تكون العقوبة السجن المشدد لمدة تتراوح بين 3 سنوات و15 سنةً، أو المؤبد ( والأصل فى هذه العقوبة السجن مدى الحياة) ، لكن هناك نصوص قانونية تسمح بالافراج عن المحكوم عليه بعد قضاء 20 عاماً إذا كان حسن السير والسلوك- ، على أن يقضى 5 سنوات بعد الإفراج عنه تحت رقابة الشرطة . استراتيجية شاملة وإذا كنا لا نغفل أهمية القوانين والتشريعات فى مواجهة الجريمة ومن بينها العمليات الإرهابية ، إلا أن التشريعات وحدها لا تكفى للمواجهة، إذ يلزم كما تقول د. فوزية عبد الستار- مواجهة الفكر المتطرف منذ البداية من خلال التوعية الدينية التى تم إهمالها من جانب الحكومات المتعاقبة التى جعلت مادة التربية الدينية مادة هامشية فى مناهج التعليم، فأصبح صغار السن هدفاً لتنظيمات والجماعات المتطرفة، ومن الضرورى إدخال مقررات إسلامية ذات مساحة أكبر بالمناهج التعليمية لإشباع الاحتياج لفهم الدين، وأهمية اعتبارمادة التربية الدينية ضمن المجموع، وإتاحة فرص المشاركة السياسية فى الأحزاب لتمكين الأفراد من بذل الجهود لحل مشاكل المواطنين، وهذا يتطلب إسقاط الحواجز النفسية بين جميع الوزارات وأجهزة الدولة، وتحقيق الشفافية فى المعلومات، وعدم حجبها، وكذلك تنشيط المقترحات العلمية والمبادرات النقابية، والتطوعية، الحزبية فى مواجهة مصادر الإرهاب، وفكره، وشخوصه، كما يجب دعم جهود علماء الأزهر، للرد على التفسيرات الضالة للدين، ونشر الإسلام الوسطي، والفقه الصحيح ، ومراجعة مناهج التعليم، وتحويلها من اتباع منهج الحفظ والتلقين إلى الحوار والنقد والانفتاح على الراى والرأى الآخر دون مصادرة ، حتى لا يقع الطالب فريسة لمثل هذه التنظيمات والأفكار الهدامة والمتطرفة، أما المعالجة الإعلامية فهى تحتاج إلى رؤية جديدة لمواجهة الأمية الثقافية، ونشر ثقافة الحوار، والتسامح، وقبول الآخر، ويمكن أن يقوم المجلس القومى للرياضة، والمجلس القومى للشباب بتفعيل دور مراكز الشباب بحيث لا يقتصر على تشجيع الأنشطة الرياضية، بل يتعداها إلى المجالات الثقافية والأدبية. سياسة تشريعية مزدوجة والحديث عن الاغتيالات والعمليات الإرهابية التى تشهدها البلاد حاليا ، فبالإمكان مواجهتها كما يقول اللواء فؤاد علام الخبير الأمني- بشرط وجود ظهير شعبى قوى يساند معركة الجيش والشرطة ، فضلاً عن ضرورة إصدار قانون مكافحة الإرهاب، إلى جانب أهمية اتباع سياسة تشريعية مزدوجة تقوم على الردع من جانب، والتشجيع والمكافأة من جانب آخر، لفتح آفاق جديدة أمام الإرهابيين التائبين من الجماعات الإرهابية جميعاً- وليس الجماعة الإسلامية فقط- لمراجعة مواقفها وأفكارها، والتخلى عن العنف، والفكر المتطرف ، وعمليات الاغتيالات. قانون لمكافحة الإرهاب وتستلزم المواجهة مع الإرهاب كما يقول اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجى حزمة من الإجراءات، تقوم على منظومة متكاملة من خلال الاعتماد على المعلومات وهى متاحة ، فضلاً عن أهمية توجيه ضربات استباقية لاجهاض مخططات التفجير والاغتيالات ، كما يجب على مجلس الوزراء التحرك بسرعة نحو إصدار قانون مكافحة الإرهاب، فقد أثبتت الأيام أن المواجهة الأمنية وحدها لم تكن كافية، وأنه كان من الضرورى بالاضافة لاعتماد الحل الأمني- تفعيل دور جميع المؤسسات لمواجهة الفكر بالفكر، ودمج أعضاء هذه التنظيمات فى المجتمع، ووضع حلول لكافة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى أدت بهم للسقوط فى مستنقع الجماعات التكفيرية، والانضمام إليها، وتبنى افكارها التى تقوم على التفجير، والاغتيال، ونشر الفوضى ، بعد أن غرروا بهم، وشحنوا عقولهم بالفكر المتطرف باسم الدين.