اعترف بأنني شعرت بحالة من الاستفزاز الشديد من رؤية طوفان برامج الطهي التي تملأ الفضائيات والإذاعة ليلاً ونهاراً منذ بداية شهر رمضان الكريم وما تقدمه يومياً من وصفات لأكلات خمس نجوم وكان هناك سؤال من الطبيعي أن يطرح نفسه على أي إنسان يشاهدها وهو .. لمن تقدم هذه البرامج؟ في ظل تلك الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها معظم الشعب المصري فقد أكدت الإحصائيات أن 26.3 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وأن 46% منهم لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية خاصة النساء والأطفال. وأكد التقرير الذي أعده برنامج الغذاء العالمي على ارتفاع نسب الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في مصر بصورة ملحوظة فضلاً عن انعدام قدرة الناس علي تلبية احتياجاتهم الأساسية بصورة دائمة. كما أكد البرنامج أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر تمثل تهديداً لتوافر التغذية الأساسية وأن تكلفة الجوع قد تشمل تقليص الإنتاجية الاقتصادية وآثار سلبية أخري مثل سوء التغذية التقزم، الهزال، فقر الدم وأن نسبة الإصابة بالأنيميا بين الأطفال في مصر زادت كما أن ثلث أطفال مصر منتشرة لديهم حالة التقزم نظراً لسوء التغذية. وزيادة معدلات وفيات الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 5 سنوات نتيجة لسوء التغذية أيضاً. ومن العجيب أن مصر بحسب تصنيف مجلة فوربس لأثرياء العالم يوجد بها 8 مليارديرات ينتمون إلي عائلتين في نفس الوقت الذي يزداد عدد الفقراء بشكل كبير وبصورة مستمرة. ويرجع خبراء الاقتصاد إلي أن السبب في اتساع الهوة بين الأثرياء والفقراء في مصر إلي غياب العدالة الاجتماعية. الخلاصة أن نسبة كبيرة من الشعب المصري ليس لديه القدرة على توفير الضروريات الأساسية للحياة والجزء الآخر يوفرها بصعوبة. فغالبية الناس لا تستطيع أن تستفيد من هذه البرامج أو حتى مشاهدتها. فمجرد مشاهدتها قمة الاستفزاز لهم فلابد أن يري هؤلاء ماذا تأكل القاعدة العريضة من الشعب المصري.