اليوم تحطمت الأقنعة وأدركت غالبية الشعب أن وحدته وتمسكه بشركاء الوطن كفيلة لمواجهة الخطر الممنهج بكل حزم وقوة. الأمر الذى أدى إلى وأد المخطط الجهنمى لنبش فتيل الفتنة. أولئك الواهمون فى نجاح حرب الملصقات والشعارات التى عمَّت الشارع مؤخراً، وكأننا حديثى العهد بالإسلام، يتحتم عليهم العودة بالذاكرة إلى فضيلة الشيخ الراحل إسماعيل العدوى إمام وخطيب المسجد الأزهر، ذلك الرجل الزاهد الذى يعد نبعا من ينابيع العقيدة الصحيحة. فقد عرف عنه القوة والمقدرة غير العادية على الحديث فى زمن قَل فيه المحدثون، لقد صار زهده مضرباً للأمثال . أظن أن هذه المساحة لا تكفى بأى حال من الأحوال لإعطاء الشيخ العدوى حقه كما ينبغى فقط يكفى أن مجمل أعماله، وهى كثيرة، تؤكد أنه كان موضع تقدير وحب الجميع. كذلك كان معروفاً بابتعاده الصريح عن أى مظهر من مظاهر التعصب والتطرف، زاهدا وساعيا إلى نشر علمه، متبرعاً بأجره، خلال عمله فى بعض المحطات التليفزيونية وإذاعة القرآن الكريم، وعُرف عنه أنه أوقف بيته بحى الباطنية كى يكون معهدا أزهريا يخدم أهل المنطقة التى عاش فيها طويلا. أظن أن معظم أبناء جيلى يعرفون عنه العديد من الروايات التى تقشعر لها الأبدان والتى بدورها تبُرهن على مدى إرتباطه بالدين والدعوة، بطرق تصل إلى القلوب بسهولة ويسر. وأعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى كان واحدا من هذا الجيل الذى إرتبط بمجلس الشيخ الأسبوعي. لست هنا بصدد التحدث عن تلك العلاقة القوية التى كانت تربط بين الشيخ وتلاميذه ومحبيه ومريديه، لكن فقط أتحدث عن القدوة الحسنة ومدى تأثيرها على جيل بأكمله. لا تظلم ولاتجور.. تلك الكلمات القليلة جدا، ذات المغزى العميق قالها السيد الرئيس مؤخرا خلال حفل تخرُج دَفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة، تؤكد الرقى فى التعامل وهو يحثهم ويطالبهم بقلب الأب وبضمير القائد بضرورة التناغم مع نسيج المجتمع بأكمله دون تفرقة مبتعدين كل البعد عن الكِبر والعنجهية والتعالى والظلم لمن دونهم، هى واحدة من النصائح الغالية التى تعلمتها شخصياً من الشيخ العدوى خلال مرحلة الشباب، ومازالت ترن فى أذنى حتى الآن، أسعى إلى الإقتداء والعمل بها. أيضاً فاجأنا السيد الرئيس بقرار تبرعه بنصف راتبه ونصف أملاكه الموروثة عن والده للدولة بغرض المساهمة فى النهوض بإقتصاد الدولة. وهنا أتساءل أى رجل هذا الذى تعلم على يديه الرئيس الحالى الذى لا يكف عن إظهار التواضع الحق الذى لا تغريه المناصب ولا تلهيه عن تلبية حاجة البسطاء من أبناء شعبه فى الوقت نفسه، الذى يتعامل فيه بمنتهى الحسم مع كل من تُسول له نفسه العبث بعقول الشباب، وتحديدا تلك النوعية الباهتة من الأئمة التى ظهرت على حين غفلة من مؤسسات الدولة، حيث تمكنوا ببراعة وقدرة غير عادية على الإقتراب والتواصل مع شريحة البسطاء فى العشوائيات خلال العقدين الماضيين. من هنا أظن أنه قد آن الأوان كى يعود الأزهر لأن يستعيد رونقه مجدداً، ويخرج علينا قويا كما عهدناه فى الماضى بوجوه جديدة من علمائه الأجلاء النابغين علِماً وخَلقا. القادرون على ترسيخ معنى الوطن الحقيقي. اليوم وليس غداً نحن جميعا فى حاجة ماسة لجيل جديد من أبناء الأزهر القادرين على إستكمال مشوار الشيخ إسماعيل العدوي. لمزيد من مقالات هالة برعى