منذ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عن التبرع بنصف ممتلكاته ونصف راتبه لدعم الاقتصاد المصرى ، انهالت على كافة وسائل الاعلام تصريحات للساسة والمسئولين ورجال الاعمال والإعلام والفنانين ..كل يدلى بدلوه .. فهذا يتبرع بنصف راتبه وذاك يتبرع بنصف ثروته وآخر يتبرع بجزء من دخله مدى الحياة وبعد وفاته أيضاً .. حتى وصل الامر بتبرع أحد المواطنين بجنيه واحد .. لان هذا الجنيه هو كل ما يملكه . كل هذه المشاعر الفياضة تستحق التقدير والتحية ، وليست محل نقاش ولا اختلاف ، لكن ما يستحق التحاور حوله ويتطلب التوقف أمامه بعد هذا السيل الجارف من المشاعر الجياشة والتبرعات السخية التى كدت اشعر معها اننا مقبلون على رخاء لا مثيل له ... هو آلية تنظيم ( هوجة) التبرعات وتوجيهها الوجهة الصحيحة . فلا شك ان اعلان البنك المركزى عن تخصيص صندوق باسم ( تحيا مصر) لتلقى هذه التبرعات كان اجراء تنظيميا لطيفا لجمع شمل التبرعات وحصرها ، وخاصة بعد أن تهدأ المشاعر التى فارت وملأ صداها الصحف والفضائيات ، وتنتهى (هوجة) مجاملات التبرعات التى نحياها منذ أيام ، تملقا من البعض وليس حبا فى أن تحيا مصر واهلها حياة كريمة بعد سنوات عجاف مرت بهم .. لكننى - كغيرى من المواطنين - لدي توجس وريبة من مثل هذه الصناديق ، فتجربتنا مع صناديق التبرعات فى مصر تجربة سيئة ، فلا ندرى شيئا عن حجم الأموال المتبرع بها ولا أين تذهب ولا كيف يعمل مجلس إدارتها وهل يتقاضون مقابلا على ادارة هذه الصناديق من التبرعات ام يديرونها متطوعين .. وكثير من الأسئلة التى لم نحصل على اجابة صحيحة عنها عقب انشاء اى صندوق . بوضوح أكثر .. لقد فقد المواطن المصرى ثقته فى الحكومات المتعاقبة .. فمنذ ثورة 25 يناير 2011 توالت صناديق التبرعات .. الواحد تلو الأخرى وليس صندوق 30306 ببعيد عنا ولم ننس بعد صندوق الشيخ محمد حسان الذى أعلن عنه فى لحظة حماسية بهدف جمع تبرعات للاستغناء عن المعونة الأمريكية ... وغيرهما من الصناديق .. الخوف إن ينطفئ لهيب الحماس الوطنى المشتعل الى أقصى درجات الاشتعال ، ثم نعيش مع مسلسلات الشهر رمضان الكريم ، وينتهى مصير الصندوق الجديد مثل أقرانه من الصناديق. إن الشفافية هى المطلب الأساسى لنجاح صندوق ( تحيا مصر) .. بدءا من الاعلان اليومى من البنك المركزى عن حجم الأموال المتبرع بها ، ثم تحديد مسارات لصرف تلك الأموال ، سواء باعداد مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لتشغيل الشباب، او لتطوير القرى الأكثر فقرا، أو المساهمة فى سد عجز الموازنة العامة للدولة... لذلك .. فإننى أطالب بإسناد إدارة صندوق ( تحيا مصر) لرئاسة الجمهورية بمشاركة رجال اقتصاد متخصصين يستطيعون توجيه تلك الأموال الوجهة الصحيحة حتى لا يواجه الصندوق الوليد مصير اشقائه من الصناديق السابقة، وحتى لا تصبح مجرد ( هوجة وعدت). لمزيد من مقالات أمانى ماجد