أيام قلائل وتودع الأمة الإسلامية فى شتى بقاع الأرض شهر شعبان بخيراته، ليدخلوا مرحلة الإعداد والاستعداد لاستقبال شهر رمضان الفضيل.. وفى كل عام يثور جدل كبير بين الناس حول اثبات رؤية الهلال ووجوب الصوم . ومما يؤسف له أن يعتمد البعض على رؤيته الشخصية، أو يعتمد على الحساب الفلكى وحده فى تحديد بداية الشهر ، أو يأخذ بأقوال فقهية مرجوحة، فتحدث فتن فى البلد الواحد، فضلا عن الأسرة الواحدة، وهذا على خلاف ما شرعه الله من التواد والتحاب والتآلف بين المسلمين . ومع كل عام يتجدد السؤال حول ثبوت «رؤية الهلال»، ويطل الجدل برأسه من جديد: هل إذا ثبتت فى أى بلد إسلامى ثبتت فى حق المسلمين على اختلاف أقطارهم، أم أن الاعتبار هو اختلاف المطالع، فيلتزم كل بلد بمطلعه؟ يتجدد الجدل كل عام بين العلماء والفقهاء فى العالم الإسلامى حول ثبوت الرؤية ومهما اختلفت المطالع فى البلدان الإسلامية تأتى رؤية هلال شهر ذى الحجة لتوحد الجميع ، وفى كل عام يتجدد الجدل كل عام بين العلماء والفقهاء فى العالم الإسلامى حول إمكان توحيد رؤية هلال رمضان وتحديد بداية الأشهر الهجرية، نتيجة للاختلاف بين الحسابات الفلكية والرؤية بالعين المجردة. المناسبات والشعائر المختلفة تؤكد أهمية توحيد الأشهر الهجرية جميعها أو على الأقل الالتزام بتقويم إسلامى جامع ليتفق المسلمون، ومهما اختلفت المطالع فى البلدان الإسلامية تأتى رؤية هلال شهر ذى الحجة لتوحد الأمة على مطلع واحد من أجل أداء مناسك الحج إذ تلتزم جميع الدول الإسلامية وتتفق فى دخول الشهر. وحول هذا وذاك، نستطلع رأى علماء الدين للوقوف على أبعاد تلك القضية الخلافية، ومدى إمكان الوصول إلى توافق يزيل الالتباس فى مثل هذه القضية الشرعية. وحول طرق إثبات دخول شهر رمضان الكريم، يقول الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية إنه يثبت دخول شهر رمضان كغيره من الأشهر العربية القمرية برؤية الهلال، ويُسْتَطْلَع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ شهر رمضان، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غم عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ)، وبهذه الطريقة أيضًا يثبت دخول شهر شوال. والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعا، مع الاستئناس بالحساب الفلكي، إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكى يَنْفى ولا يُثْبِت، فيؤخذ به فى نفى إمكان طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه فى الإثبات، حيث يؤخذ فى إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي.فإذا نفى الحساب إمكان الرؤية فإنه لا تُقْبَل شهادة الشهود على رؤيته بحال؛ لأن الواقع الذى أثبته العلم الفلكى القطعى يُكَذِّبهم. وفى هذا جَمْعٌ بين الأخذ بالرؤية البصرية وبين الأخذ بالعلوم الصحيحة سواء التجريبية أو العقلية، وكلاهما أمرنا الشرع بالعمل به، وهو ما اتفقت عليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية. وأكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، اعتزام دار الإفتاء إطلاق قمر صناعى إسلامى قريبًا بهدف ضبط وتوحيد بدايات الشهور القمرية. وأكد المفتى أنه تم بالفعل اتخاذ خطوات ملموسة لإطلاق القمر الصناعى قريباً، والذى سيكون بمثابة مرصد جوى لتحديد بدايات أوائل الشهور القمرية لجميع الدول الإسلامية، مما يسهم بشكل كبير فى اختفاء الخلافات المتعلقة بالرؤية الشرعية لرصد الهلال، وخاصة فى رمضان وشوال وذى الحجة. وأضاف المفتى أن القمر الصناعى الإسلامى سيعمل كذلك على رصد الهلال فى سماء العالم الإسلامى على وجه الدقة، وتنتفى بذلك احتمالات الشك فى الرؤية، وتتوحد أيام المواسم والأعياد الإسلامية فيما بينهم. من جانبه يرى الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط، ان مسألة الاختلاف فى ثبوت رؤية هلال شهر رمضان والتى تجرى كل عام بين البلاد العربية والإسلامية مبنية على اختلاف العلماء قديما، هل يجوز ان يكون لكل بلد رؤية او ان يتوحد المسلمون جميعا فى الرؤية، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى انه لا عبرة باختلاف المطالع فمتى رأى الهلال اهل بلد ما وجب الصوم على جميع البلاد لقول النبى صلى الله علية وسلم ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) ورأى بعض الأحناف وبعض الشافعية انه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم واستدلوا بحديث طويل عند مسلم خلاصته ان الصحابة رضى الله عنهم اعتبروا هذا الأمر ولم يكتفوا برؤية البعض للأمة عامة ولكن الرأى الذى نميل اليه وبخاصة فى هذا الزمان الذى أصبح العالم كله كبلد واحد انه متى رؤى الهلال فى بلد ما رؤية موثوقا بها فانه يجب على جميع البلاد الأخرى التى تشترك فى الليل أن يوحدوا صيامهم بهذا الرأى الذى نرجحه قاله كثير من الفقهاء فى العصر الحديث واختارته كثير من المجامع الفقهية فما احلى الصيام وما اجمله اذا صام المسلمون جميعا فى يوم واحد، وافطروا فى يوم واحد ونرى ان القمر الصناعى الإسلامى ان شاء الله سيكون سببا فى توحيد رؤى هلال شهر رمضان كما اننا من خلال هذا الامر ندعو المسلمين الى ان يوحدوا كلمتهم وان ينبذوا العنف والتفرق ودعاوى التكفير التى تصدر من هنا وهناك فالمسلمون جميعا متجهون الى قبلة واحدة ويصومون شهرا واحدا ويعبدون قبل ذلك كله ربا واحدا ويؤمنون بكل الرسل وبخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومما سبق يتضح انه لا مجال لما يحدث الآن فى البلاد الإسلامية بعامة والعربية خاصة من دعاوى الفرقة والعنف. ويقول الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، ان حديث الرسول صلى الله علية وسلم (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) هو الأصل فى صيام شهر رمضان والأصل هو الرؤية حتى لو تعددت الرؤية ولابد من رؤية هلال شهر رمضان بشاهد او شاهدين وفى عهد الصحابة كان الهلال ظهر فى الشام فصاموا فى المدينة وظهر فى المدينة فى يوم آخر وهناك فريق اخر يقول ان الرؤية إذا وجد الهلال فى منطقة ما فى العالم الإسلامى يصوم سائر المسلمين فى العالم لقوله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ومن ثم فشهادة البعض شهادة للكل وهذا الرأى يرى ان رؤية الهلال فى بلد تكفى ان يصوم جميع المسلمين، وان يتوحدوا فى الصيام وبعد التقدم العلمى واكتشاف القمر الصناعى يسهل توحيد الرؤية ويا حبذا لو وجد قمر صناعى إسلامى لأنه سيسهل علينا حينها معرفة الهلال وان خطوط الطول ودوائر العرض تقاربت بين كل دول العالم الإسلامى ومعرفة التوقيت الآن فى الصلوات متقاربة ومن ثم ظهر الهلال فى جزء من خطوط الطول والعرض وبالتالى يسهل توحيد المطالع وهى خطوة طيبة لو توافر القمر الصناعى الإسلامى وهناك مجامع فقهية عقدت بهذا الخصوص وهناك من نادى بتوحيد المطالع والصيام فى وقت واحد واتفق فى ذلك عدد كبير من العلماء .