حملت زيارة روث بادر جينسبيرج, القاضية بالمحكمة العليا الأمريكية, خلال زيارتها إلي مصر عدة رسائل.وعلي الرغم من محاولات وضع الزيارة في أطر غير سياسية, سواء كانت أكاديمية أو تبادل الخبرات القضائية, فإن السياسة والدبلوماسية لم تكن غائبة عن زيارة القاضية الأمريكية, فالزيارة جاءت بتكليف من وزارة الخارجية الأمريكية, حيث قالت المتحدثة فيكتوريا نولاند, إن قضاة المحكمة العليا الأمريكية يقومون بالمشاركة في البرامج التي تقودها الخارجية الأمريكية مع نظيراتها في الدول الأخري علي إصلاح القطاع القضائي, وصياغة التوازنات التشريعية مثل كتابة الدساتير وقوانين عمل منظمات المجتمع المدني, كما أشارت المتحدثة إلي أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التقت مع القاضية روث بادر جينسبيرج قبل سفرها إلي القاهرة. وقد بدا واضحا اهتمام السفارة الأمريكية في القاهرة بزيارة قاضية المحكمة الأمريكية العليا لمصر, من خلال النشاط المكثف للقاضية خلال هذه الزيارة, والحرص علي لقائها مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة, ورئيس مجلس القضاء الأعلي المستشار حسام الغرياني, ولقاءاتها الموسعة مع النشطاء السياسيين وأساتذة وطلاب الجامعة.في الندوة كان من الواضح تركيز قاضية المحكمة الأمريكية العليا علي عدة نقاط, منها ضرورة أن يقوم عليها أي دستور( عصري), وبالتالي لا يمكن للدستور المصري الجديد أن يغفلها, مثل حقوق المرأة, وحرية عمل منظمات المجتمع المدني, وكانت تتحدث عن هذه النقاط من منظور الدستور الأمريكي, الذي اعتبرت كونه دستورا( مختصرا) له مميزات كبيرة من أهمها أنه يحمل أطرا عامة تجعله يستطيع أن يستوعب التغيرات التي تطرأ علي المجتمع, بخلاف الدساتير المفصلة, التي تحمل الكثير من المصطلحات والقوانين التي تتغير باستمرار. وتناولت قضية دين الدولة, فأشارت إلي أنه للحفاظ علي مدنية الدولة, من المهم ألا يكون هناك دين أساسي لها, وأن تحمي الحكومة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية المختلفة, موضحة أن الدستور الأمريكي يضمن حرية الاعتقاد, ولا يحدد دينا للدولة, حيث إن معظم الذين هاجروا إلي الولاياتالمتحدة كانوا أقليات دينية في بلدانهم. كما أشارت القاضية الأمريكية إلي مبدأ الفصل بين السلطات في الولاياتالمتحدةالأمريكية, حيث إن لكل سلطة من السلطات الثلاث صلاحيات تمكنها من مراقبة الأخري. ولا يمكن إغفال أن زيارة القاضية بالمحكمة الأمريكية العليا روث بادر جينسبيرج, في هذا التوقيت, الذي يسبق تشكيل لجنة صياغة الدستور في مصر, له أبعاد أكبر من مجرد زيارة عادية لقاض أو رجل قانون, وهي رسالة علي أن هناك اهتماما خاصا من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية بطريقة صياغة الدستور المصري الجديد.